الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

43/07/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /في شرط العدالة للامام

کان بحثنا حول شرط العدالة في امام الجماعة ونقحنا الموضوع و قلنا وفاقا لقول المشهور ان معنى العدالة فيما نحن فيه أنّها ملكة قائمة على نفس العادل توجب له الالتزام باتيان الواجبات واجتناب المحرمات.

واليوم نريد ان نتناول دليل الاشتراط من خلال الروايات بعد اتفاق الطائفة المحقة على لزومها:

1- منها: ما رواه الكليني بسنده عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع إِنَّ مَوَالِيَكَ قَدِ اخْتَلَفُوا- فَأُصَلِّي خَلْفَهُمْ جَمِيعاً؟ فَقَالَ: لَاتُصَلِّ إِلَّا خَلْفَ مَنْ تَثِقُ بِدِينِهِ. مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ زَادَ- وَأَمَانَتِهِ»[1] ،

في سنده سهل ابن زياد في نقل الكليني والشيخ فالسند ضعيف. اما الدلالة فما رواه الكليني ظاهر في الوثوق بمذهبه الاعتقادي كما بينّاه من خلال ادلة لزوم الايمان بقرينة قد اختلفوا، اما على نقل الشيخ فضميمة امانته يشمل العدالة ايضاً، ولو لم يكن فيها ضعف السند لرجّحنا رواية الشيخ على رواية كليني لأصالة عدم الزيادة.

2- منها: ما رواه الكشي في رجاله عن آدم بن محمد القلانسي البلخي، قال: حدثني علي بن محمد القمي قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى القمي، عن يعقوب بن يزيد، عن أبيه يزيد ابن حماد، عن أبي الحسن عليه السّلام قال، قلت له: أصلي خلف من لا أعرف؟ فقال: لا تصل الا خلف من تثق بدينه، فقلت له: أصلي خلف يونس وأصحابه؟ فقال: يأبى ذلك عليكم علي بن حديد، قلت: آخذ بذلك في قوله؟ قال: نعم، قال: فسألت علي بن حديد عن ذلك؟ فقال: لا تصل خلفه ولا خلف أصحابه. [2]

في السند آدم بن محمد القلانسي قال فيه النجاشي: (من اهل بلخ قيل انه كان يقول بالتفويض) قال القهپائي في مجمع الرجال تعليقاً على كلام النجاشي في معنى التفويض: (قال في شرح المواقف: ان المفوضة قالوا ان الله خلق محمدا صلى الله عليه واله وفوض اليه خلق الدنيا وهو الخلق لما فيها، وقيل: فوض ذلك الى علي عليه السلام) [3] شرح عضد الدين الإيجي على المواقف للشريف الجرجاني.

سند الرواية لا بأس به، الا في آدم بن محمد حيث لم يرد له توثيق صريح وورد النجاشي قيل: انه كان يذهب الى القول بالتفويض. واما من ناحية الدلالة فكذلك هي ظاهرة في النهي عن الصلاة خلف فاسد العقيدة ولا دخل له بالفاسق.

3- و منها: ما رواه الشيخ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ بْنِ عُقْدَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْحَازِمِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُرَافِقِيِّ وَ عُمَرَ بْنِ الرَّبِيعِ الْبَصْرِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عليه السلام أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ- فَقَالَ إِذَا كُنْتَ خَلْفَ الْإِمَامِ تَوَلَّاهُ وَ تَثِقُ بِهِ- فَإِنَّهُ يُجْزِيكَ قِرَاءَتُهُ- وَ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَقْرَأَ فَاقْرَأْ فِيمَا تَخَافَتَ فِيهِ- فَإِذَا جَهَرَ فَأَنْصِتْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾" [4] .

في سندها جمع من المجاهيل واما دلالتها: يمكن ان يكون المراد من قوله "خلف امام تولاه" اي هو اهل الولاية، و"تثق به" بمعنى تثق بعدالته، ولكن الحق ليس فيها هذا الظهور لان احتمال كون المراد ب"تثق به" يعني في ولايته واذا جا الاحتمال بطل الاستدلال، وعلى كل حال ضعف السند يكفينا في سقوط الحديث عن الحجية.

4- ومنها: ما رواه الشيخ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا ع رَجُلٌ يُقَارِفُ الذُّنُوبَ- وَهُوَ عَارِفٌ بِهَذَا الْأَمْرِ أُصَلِّي خَلْفَهُ قَالَ لَا. وَرَوَاهُ الصَّدُوقُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ مِثْلَهُ. وَ ‌بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدٍ (عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ) مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ تَرَكَ قَوْلَهُ وَهُوَ عَارِفٌ بِهَذَا الْأَمْرِ وَقَالَ فِي آخِرِهِ- نُصَلِّي خَلْفَهُ أَمْ لَا قَالَ لَا تُصَلِّ، ‌رواية سعد بن إسماعيل عن أبيه قال «قلت للرضا (عليه السلام): رجل يقارف الذنوب وهو عارف بهذا الأمر أُصلّي خلفه؟ قال: لا»[5] .

سند الرواية ضعيف سعد بن إسماعيل او سعيد وابيه لم يرد لهما توثيق في الرجال.

واما الدلالة فهي ظاهرة في أنّ الذنب مانع عن الإمامة وإن كان الرجل عارفاً بهذا الأمر أي شيعياً صحيح الاعتقاد، وكذا النسخة الفاقدة عن لفظة عارف فيكفينا في دلالتها على العدالة قوله عليه السلام يقارف الذنوب فالدلالة تامة على المطلوب لكن السند ضعيف لا يعتمد عليه.

5- منها: وما رواه الكليني عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ كَانَ يُصَلِّي فَخَرَجَ الْإِمَامُ- وَ قَدْ صَلَّى الرَّجُلُ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةٍ فَرِيضَةٍ- قَالَ إِنْ كَانَ إِمَاماً عَدْلًا فَلْيُصَلِّ أُخْرَى وَ يَنْصَرِفُ- وَ يَجْعَلُهُمَا تَطَوُّعاً- وَ لْيَدْخُلْ مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاتِهِ كَمَا هُوَ- وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ إِمَامَ عَدْلٍ- فَلْيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ كَمَا هُوَ- وَ يُصَلِّي رَكْعَةً أُخْرَى وَ يَجْلِسُ قَدْرَ مَا يَقُولُ- أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ- وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ ص- ثُمَّ لْيُتِمَّ صَلَاتَهُ مَعَهُ عَلَى مَا اسْتَطَاعَ- فَإِنَّ التَّقِيَّةَ وَاسِعَةٌ- وَلَيْسَ شَيْ‌ءٌ مِنَ التَّقِيَّةِ- إِلَّا وَ صَاحِبُهَا مَأْجُورٌ عَلَيْهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَرَوَاهُ الشَّيْخُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ [6]

لا اشكال في السند وانما السماعة واقفي ولكنه ثقة فالرواية موثقة واما الدلالة فالأمر بالصلاة معه ان كان عدلا وبناء على صلاته فرادى ان لم يكن عدلاً دال على توقف صحة الجماعة على كون الامام عادلاً. فهذه الرواية حجة على لزوم عدالة الامام في الجماعة.

6- ومنها: صحيحة عمر بن يزيد: رواه مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ إِمَامٍ لَا بَأْسَ بِهِ- فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ عَارِفٍ-غَيْرَ أَنَّهُ يُسْمِعُ أَبَوَيْهِ الْكَلَامَ الْغَلِيظَ- الَّذِي يَغِيظُهُمَا أَقْرَأُ خَلْفَهُ- قَالَ لَا، تَقْرَأُ خَلْفَهُ مَا لَمْ يَكُنْ عَاقّاً قَاطِعاً. وَرَوَاهُ الشَّيْخُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ وَمُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ جَمِيعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُذَافِرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ مِثْلَهُ.[7] .

سند الصدوق الى عمر بن يزيد صحيح وهو عمر بن يزيد بياع السابري مولى ثقيف وروي عنه انه قال: قال لي أبا عبد الله: يابن يزيد أنت والله منّا أهل البيت، قلت له جعلت فداك من آل محمد؟ قال: أي والله من أنفسهم، قلت من انفسهم؟ قال: أي والله من انفسهم يا عمر أما تقرأ كتاب الله عزوجل: ﴿ان أولى الناس بابراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المتقين﴾.

و قال في النجاشي: (أبو الأسود بياع السابري مولى ثقيف كوفي ثقة احد ممن كان يفيد في كل سنة روى عن ابي عبد الله وابي الحسن عليهما السلام) ووثقه الكشي ايضأ

واما الدلالة دلّت على أنّ مجرّد الغلظة في الكلام لا يمنع عن الائتمام ما لم يبلغ الحرام وهو صيرورته عاقّاً قاطعاً، لان قد يكون الكلام مع الوالدين بكلام غليظ فيه مصلحة كدعوتهما الى اكل شيء يفيدهما وهما لا يزعلون عن ذلك بل يشعرون بحبه لهما او للنهي عن المنكر او الامر بالمعروف وما الى ذلك ولكن الوصول الى حد العقوق ايذاء لهما وهو خلاف الاحسان. ونتابع بحثنا في الايا القادمة ان شاء الله

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص309، أبواب صلاة الجماعة، باب10، ح2، ط آل البيت.
[2] إختيار معرفة الرجال المعروف بـ رجال الكشي، الشيخ الطوسي، ج2، ص787.
[3] مجمع الرجال‌، القهپائي، عنايةالله‌، ج1، ص15.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص359، أبواب صلاة الجماعة، باب31، ح15، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص316، أبواب صلاة الجماعة، باب11، ح10، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص405، أبواب صلاة الجماعة، باب56، ح2، ط آل البيت.
[7] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص313، أبواب صلاة الجماعة، باب11، ح1، ط آل البيت.