الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

43/06/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلائ الجماعة /اشتراطالبلوغ في الامام

کان بحثنا فی یوم الماضی حول اشتراط البلوغ فی امام الجماعة‘ وكان أمامنا اربع روايات احدهما صحيحة دلت على جواز الاقتداء بمن لم يبلغ الحلم والثانية دلت على صحة الاقتداء اذا كان له عشر سنين. والثالثة ولو لم تكن موثقة ولكن دلت على جواز الاقتداء بغلام لم يحتلم فكان مؤيدا للصحيحتين، وانما خالف هذا المضمون رواية إسحاق بن عمار حيث ورد فيها: "وَلَا يَؤُمُّ حَتَّى يَحْتَلِمَ" ولکن فی سنده غیاث بن کلوب الذی لم یرد له توثیق. والمشهور اسقطوا الصحيحين بحجة اعراض المشهور عن العمل بهما و اجبروا ضعف رواية إسحاق بن عمار بعمل المشهور فافتوا بعدم جواز الاقتداء بغير البالغ ولكن السيد الخوئي في بادئ الامر قال: (لكنّا لا نقول بالانجبار، كما لا نلتزم بالإعراض على ما هو المعلوم من مسلكنا في البابين، ومن ثمّ يشكل الحكم بالاعتبار بعد ورود النصّ الصحيح الصريح في العدم، السليم عن المعارض على المختار) [1]

ولكن السيد الخوئي بعد ذلك التمس لغياث بن كلوب توثيقاً وإن حكم المشهور عليها بالضعف، فقال ما ملخصه: (وهو وإن لم يوثّق صريحاً في كتب الرجال ولكن يظهر من مطاوي كلمات الشيخ في العدّة توثيقه. حيث ذكر (قدس سره) أنّه لا يعتبر في الراوي أن يكون إمامياً، بل يكفي كونه ثقة متحرّزاً عن الكذب وإن كان عامّياً. ثمّ ذكر جماعة عملت الطائفة برواياتهم وعدّ منهم غياث بن كلوب، وإن لم يكونوا من الإمامية.، فيستفاد من كلامه (قدس سره) توثيق الرجل صريحاً. وعليه فالرواية تعدّ من الموثّق، فتقع المعارضة حينئذ بينها وبين الروايات المتقدّمة،)[2]

ثم سيد الخوئي في علاج المعارضة اقترح احد الامرين: (إمّا أن تقدّم هذه عليها، لكونها صريحة الدلالة في فساد صلاة القوم، وتحمل تلك الروايات على إمامة الغلام لمثله وإن كان بعيداً في نفسه كما تقدّم، أو: أنّهما يتعارضان فيتساقطان فيبقى جواز إمامته عارياً عن الدليل،‌ فيرجع إلى أصالة عدم المشروعية بعد عدم وجود إطلاق في أدلّة الجماعة من هذه الناحية كي يرجع إليه كما لايخفى).[3]

ثم اقترح طريقا اخر للخروج عن المعارضة فقال: (وقد يتوهّم أنّ مقتضى الجمع بين النصوص حمل المانعة على ما إذا لم يبلغ الصبيّ عشر سنين، والمجوّزة على ما إذا بلغها أو كان مراهقاً، ويجعل الشاهد على هذا الجمع موثّقة سماعة المفصّلة بين العشر وما دونه. ومع وجود هذا الجمع الدلالي لا تصل النوبة إلى المعارضة).

ثم اشكل على هذا الحل بقوله: (وهذا الكلام أعني الجمع بين الطائفتين لوجود شاهد في البين في حدّ نفسه لا بأس به، لكنّه غير منطبق على المقام، لاستلزامه حمل المطلق وهي الرواية المانعة على الفرد النادر، فانّ الاقتداء بالصبيّ الذي لم يبلغ العشر فرض نادر جدّاً، بل لعلّه لم يتّفق خارجاً، فكيف يمكن حمل المطلق عليه. نعم، حمل الروايات المجوّزة على العشر فما زاد سيما المراهق خال عن هذا المحذور، وأمّا حمل المانعة على ما دون العشر كسبع وثمان مثلًا فهو بعيد جدّاً كما عرفت. مضافاً إلى ما ذكر أنّ الرواية المانعة غير قابلة للحمل على ما دون العشر في نفسها لقوله (عليه السلام) فيها: «ولا يؤمّ حتّى يحتلم»، إذ قد جعل فيها الاحتلام غاية للمنع، فهي كالصريح في عدم جواز إمامته قبل بلوغه وإن زاد على العشر، فضلًا عمّا إذا نقص عنها، فكيف يمكن حملها على ما دونها، فانّ لسانها آبٍ عن هذا الحمل قطعاً كما هو واضح جدّاً)[4] .

أقول: ان حمل الروايات المانعة على دون العشرة حمل على الفرد النادر لان فقهائنا لم يفتوا بالجواز اما اذا لم يكن مانع عن الاقتداء بمن دون العشرة فلعل بعض الناس حبا لاولادهم وحرصا على تشجيعهم للصلاة كانوا يقدمونهم اماماً، كما نحن لانقدم الفاسق الفاجر اماما لما نرى وجوب العدالة في الامام ولكن العامة كثيرا ما يقدمون الفاسق للامامة خوفا على سرقة احذيتهم.

وعلى كل حال لا يمكن ان نجعل موثقة سماعة مرجعا لحل التعارض لان روايات المانعة منعت حتى يحتلم. فلا محيص الا من اختيار احد الامرين: اما تقديم المجوزة ان لم نستسلم لوثاقة غياث بن كلوب واما نقول بما قاله المشهور وهو الاوفق بالاحتياط

 


[1] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج17، ص338.
[2] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج17، ص339.
[3] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج17، ص339.
[4] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج17، ص340.