الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

43/06/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /الاقتداء بامام دخل في الصلاة قبل الوقت بعد دخول الوقت

قال المصنف رضوان الله علیه (مسألة 38): إذا دخل الإمام في الصلاة معتقداً دخول الوقت و المأموم معتقد عدمه أو شاكّ فيه لا يجوز له الائتمام في الصلاة، نعم إذا علم بالدخول في أثناء صلاة الإمام جاز له (1) الائتمام به، نعم لو دخل الإمام نسياناً من غير مراعاة للوقت أو عمل بظنّ غير معتبر لا يجوز الائتمام به (2) وإن علم المأموم بالدخول في الأثناء، لبطلان صلاة الإمام حينئذٍ واقعاً، ولا ينفعه دخول الوقت في الأثناء في هذه الصورة، لأنّه مختصّ بما إذا كان عالماً أو ظانّاً بالظنّ المعتبر)

تعليقات:

.(1) قال الشیخ الحائري: (بل الأحوط ترك الاقتداء).

وقال: السیدالخوئي:(على إشكال قد تقدّم).

(2) قال السیدالفيروزآبادي: (فيه تأمّل).

ان من الواضح عدم جواز دخول الماموم فی الجماعة اذا تقدّم الامام عن الوقت لأنّه لم يدخل وقت الصلاة. وانما الكلام في انه هل يجوز الاقتداء بعد دخول الوقت، بإمام دخل في الصلاة قبل الوقت او لا؟ السيد المصنف رضوان الله عليه: فصّل بين ما إذا كان الإمام معتقداً بدخول الوقت فدخل في الصلاة ثم في أثناء الصلاة دخل الوقت، فبما انّ صلاته صحيحة فجوّز الإقتداء به بعد دخول الوقت، لأنّ المفروض صحة صلاة الامام، لان الإمام كان متيقناً وجداناً او اعتقد بدخول الوقت بحجة شرعية. اما إذا كان الإمام ناسياً او ساهياً عن الوقت فدخل في الصلاة من دون تحقيق، او سأل عن شخص لا عبرة بكلامه فأخذ بكلامه ودخل في الصلاة فصلاته باطلة، ولذلك لا يصح الاقتداء به، ومشهور الفقهاء ذهبوا الى صحة صلاة من أدرك الوقت في اثناء الصلاة. والروايات التي تقول: "من أدرك ركعة فقد أدرك الصلاة" وهي التي قد يستند اليها لا يخلوا عن ثلاثة اقسام:

القسم الأول: ما ورد في ابواب الجماعة:

منها: ما رواه الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ فِي مَجَالِسِهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَخْلَدٍ عَنِ ابْنِ السِّمَاكِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْبَزَّازِ عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ نَافِعِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي الْعَتَّابِ وَ ابْنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا جِئْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ وَنَحْنُ فِي السُّجُودِ- فَاسْجُدُوا وَلَا تَعُدُّوهَا شَيْئاً- وَمَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاة[1] .

لا نبحث عن سندها ولا دلالتها وانما نقول قوله: "أدرك الصلاة" أي صلاة الجماعة فهي وامثالها خارج عن موضع البحث.

القسم الثاني: ما ورد في أبواب المواقيت:

أولاً: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُصَدِّقِ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي حَدِيثٍ قَالَ: فَإِنْ صَلَّى رَكْعَةً مِنَ الْغَدَاةِ ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ- فَلْيُتِمَّ وَقَدْ جَازَتْ صَلَاتُهُ.[2]

ثانياً: وَعَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى جَمِيعاً عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْغَدَاةِ رَكْعَةً قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ- فَقَدْ أَدْرَكَ الْغَدَاةَ تَامَّةً.[3]

ثالثاً: وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُصَدِّقِ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ عَمَّارٍ السَّابَاطِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي حَدِيثٍ قَالَ: فَإِنْ صَلَّى مِنَ الْغَدَاةِ رَكْعَةً ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ- فَلْيُتِمَّ الصَّلَاةَ وَقَدْ جَازَتْ صَلَاتُهُ الحديث.[4] الظاهر ان هذه الرواية والرواية الأولى رواية واحدة لان رواتها الأربعة متصلا بالإمام متفقة وهم من الواقفية و المضمون بالفاظه أيضا منطبقة في، الأولى بسند الشيخ والثانية بسند الكليني.

رابعاً: مُحَمَّدُ بْنُ مَكِّيٍّ الشَّهِيدُ فِي الذِّكْرَى قَالَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ.[5]

خامساً: قَالَ وَعَنْهُ ع مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ- قَبْلَ أَنْ يَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ.[6] وجه الاستدلال بهذه الروايات انها تدل على ان إدراك ركعة، إدراكٌ للصلاة كلّها وهي وان وردت في آخر الوقت ولكن المناط فيها هو وقوع ركعة من الصلاة في وقتها إذا لم يتعمّد في خروج باقي الركعات عن الوقت، فهي تشمل اذا اتفق درك الركعة في اول الصلاة ايضاً. وخصوصاً في النبوي المروي من الشهيد لم يرد تقييد بآخر الوقت فهي مطلقة تشمل إدراك ركعة من الصلاة في اول الوقت ايضاً. ويرد على هذا التعميم والخروج عن الموضوع بانه قياس مع الفارق فلعلّ التسامح في أخر الوقت لعدم امكان الإنجبار، ولكن في اول الوقت يمكن للمصلى أن يستأنف صلاته حتى تقع كلها في الوقت والنبوي ذكرها الشهيد بدون سند فلا يمكن الركون اليه.

القسم الثالث: هي ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا صَلَّيْتَ وَأَنْتَ تَرَى أَنَّكَ فِي وَقْتٍ وَلَمْ يَدْخُلِ الْوَقْتُ- فَدَخَلَ الْوَقْتُ وَأَنْتَ فِي الصَّلَاةِ فَقَدْ أَجْزَأَتْ عَنْكَ. وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ مِثْلَهُ، وَ رَوَاهُ الْكُلَيْنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَرَوَاهُ الصَّدُوقُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي رِيَاحٍ.[7] الراوي عن الامام قد يذكر ابن رباح و قد ابن ابي رباح وقد ابن رياح، ولكن قطعا هو شخص واحد لان في القديم لم يكن تنقيط الحروف متداولاً فكثيرا ما كانت تشتبه بين الالفاظ كالخرّاز والخزاز و ابن ابي رباح و ابن رباح او رياح تعبيرين عن شخص واحد كأنت وابن اخت خالتك. انما المشكلة في عدم ورود التوثيق له. ولكنه الراوي عنه ابن ابي عمير الذي هو من أجلّة أصحاب الاجماع، ثانياً: اجتمع المحمدون الثلاثة على روايتها وعمل المشهور عليها ايضاً.

قال السیدالخوئي: أنّه لا يمكن المساعدة مع المشهور في هذا التفصيل، لضعف الرواية المتقدّمة، فإنّ إسماعيل بن رياح لم يوثّق. و مجرّد رواية ابن أبي عمير عنه لا يكشف عن توثيقه كما مرّ غير مرّة، و الانجبار بعمل المشهور لا نقول به كما هو المعلوم من مسلكنا، و مقتضى القاعدة لزوم إيقاع الصلاة بتمامها في الوقت. و عليه فالبطلان و وجوب الإعادة حتّى في الصورة الاولى أعني ما لو كان معتقداً أو معتمداً على حجّة شرعية لو لم يكن أقوى فلا ريب أنّه أحوط. و منه يظهر حكم الائتمام في المقام، و أنّ الأحوط لو لم يكن أقوى تركه مطلقاً. و اللّٰه سبحانه أعلم.

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص394، أبواب صلاة الجماعة، باب49، ح7، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج4، ص217، أبواب المواقيت، باب30، ح1، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج4، ص217، أبواب المواقيت، باب30، ح2، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج4، ص217، أبواب المواقيت، باب30، ح3، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج4، ص218، أبواب المواقيت، باب30، ح4، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج4، ص218، أبواب المواقيت، باب30، ح5، ط آل البيت.
[7] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج4، ص206، أبواب المواقيت، باب25، ح1، ط آل البيت.