الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

43/05/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /هل يجب على الامام اعلام ببطلان صلاته

قال المصنف رضوان الله عليه: مسألة 36: إذا تبيّن للإمام بطلان صلاته من جهة كونه محدثاً أو تاركاً لشرط أو جزء ركن أو غير ذلك فإن كان بعد الفراغ لا يجب عليه إعلام المأمومين، و إن كان في الأثناء فالظاهر وجوبه)

في اليوم الماضي مررنا على بعض التعليقات في هذه المسألة وتحدثنا حول الفقرة الاولى و دليل عدم وجوب الاعلام و دفع بعض المناقشات عنه واليوم نريد ان نبحث حول قول المصنف:

(إن كان في الأثناء فالظاهر وجوبه)

قد يقال يجب الاعلام كما قال به المصنف، وقد يقال يحرم عليه الاستمرار قي الصلاة و قد يقال يجب عليه الانصراف وتقديم احد المأمومين ليكمل المامومين صلاتهم معه،

اقول: الظاهر ان وجوب الاعلام لا يوجد له دليل فلا اجماع عليه لان هناك من يخالف و كثير من الفقهاء لم يتعرضوا لهذه المسألة ولم يبدوا رأيهم فيها فلا مجال لتوهم الاجماع على مثل هذه المسألة.

نعم هناك مرسلة رواها الصدوق بقوله: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ما كان من إمام تقدّم في الصلاة و هو جنب ناسياً، أو أحدث حدثاً، أو رعف رعافاً، أو أذى في بطنه، فليجعل ثوبه على أنفه ثمّ لينصرف، و ليأخذ بيد رجل فليصلّ مكانه، ثمّ ليتوضّأ و ليتمّ ما سبقه من الصلاة، و إن كان جنباً فليغتسل فليصلّ الصلاة كلّها»[1] .

وجه الاستدلال بها: امر الامام بقوله: "فليجعل ثوبه على انفه" وهو كناية عن الانصراف عن صلاته.

ولكن سنده ضعيف بالإرسال، واما الدلالة فقد ذكر اربعة امور الاولى والثانية منها مبطل للوضوء والصلاة و الثالثة موجب للنجاسة دون بطلان الوضوء والرابعة لا يضر بالوضوء ولا بالصلاة، فما معنى جعل ثوبه على انفه ثم انصرافه عن الصلاة ثم الوضوء، ثم ياتي ويكمل صلاته السابقة؟! وقد ثم يعود ويذكر الجنابة و يقول: وان كان جنبا فليغتسل فليصل الصلاة كلها. نعم: اذا ابتلى بالرعاف وكان الماء امامه بجيث يمكن له ان يطهر ولا يخرج من هيئة المصلي يجوز له ان يكمل صلاته. وعلى كل حال لايمكن العمل به وفي متنه اضطراب شديد ولا يمكن الالتزام بمضمونه. فلا دليل على وجوب الاعلام. نعم لا يجوز له ان يتعبد باستمرار الصلاة. ولكن ان يبقى بهيئة المصلي لا دليل على حرمته

نعم اذا كان موضعُ تبيّن بطلانِ الصلاته، موضعٌ يتحمل الامام بعدها شيئاً للمامومين كركعة الاولى او الثانية، فلا يجوز له ان يستمر في هيئة المصلي لانه يوجب اغراء للمامومين على ترك ما عليهم من القراءة.

ثم هنا شبهة اخرى وهو ان استمراره بهيئة المصلي رياء في العبادة وهو محرم في نفسه.

ولكن يمكن الرد على هذه الشبهة بانّ الرياء هو العبادة لإراءة الناس انه اهل الطاعة والعبادة ولكن هنا ليس نيته تحسين الناس له في عبادته بل يريد اخفاء بطلان وضوءه او كونه جنباً، وعلى كل حال الاحوط الاولى عدم الاستمرار في صورة المصلي و انصرافه عن الصلاة اعلان منه بعذره.

كذلك بعض الفقهاء ذهبوا الى وجوب الاستخلاف كالسيد البروجردي من المعاصرين والسيد الكلبايكاني ولكن الاقرب عدم وجوبه فيجب حمل ماورد من الامر باستخلاف على التوصية لاستمرار الجماعة ولذا نرى انه وردت في لسان الروايات مرة استخلاف الامام و اخرى استخلاف المامومين وثالثة تقدم بعض المامومين و بملاحظة عدم وجوب الجماعة بل مجرد عدم جواز الاستهانة بها، فلا يمكن ان يكون حكم الاستخلاف اشد من اصل الجماعة.

قال المصنف: مسألة 37: لا يجوز الاقتداء بإمام يرى نفسه مجتهداً و ليس بمجتهد مع كونه عاملًا برأيه (1)، و كذا لا يجوز الاقتداء بمقلّد لمن ليس أهلًا‌ للتقليد إذا كانا مقصّرين في ذلك، بل مطلقاً على الأحوط إلّا إذا علم أنّ صلاته موافقة للواقع (2) من حيث إنّه يأتي بكلّ ما هو محتمل الوجوب من الأجزاء و الشرائط، و يترك كلّ ما هو محتمل المانعيّة، لكنّه فرض بعيد لكثرة ما يتعلّق بالصلاة من المقدّمات و الشرائط و الكيفيّات، و إن كان آتياً بجميع أفعالها و أجزائها، و يشكل حمل فعله على الصحّة مع ما علم منه من بطلان اجتهاده أو تقليده (3)

تعليقات:

0(1) قال كاشف الغطاء: (في إطلاقه نظر بل الأصحّ التفصيل بين ما إذا كان رأيه مخالفاً للواقع و عمله‌ باطلًا عند المأموم فتبطل و بين ما لا يكون كذلك فتصحّ).

وقال الشيخ الحائري: (الأقوى جواز الاقتداء إذا كانت صلاة الإمام صحيحة بنظر المأموم مع إحراز باقي شرائط الاقتداء و منها إحراز العدالة).

وقال: السيدالفيروزآبادي: (إلّا إذا بل كان رأيه موافقاً و كذا في الفرع الثاني).

وقال الشيخ آل ياسين: (و كان مخالفاً لما عليه المأموم اجتهاداً أو تقليداً و إلّا جاز من هذه الجهة).

0(2) قال الشيخ آقا ضياء: (أو موافقة لرأي المأموم أو مجتهده كما هو ظاهر).

وقال الشيخ آل ياسين: (أو لأحوط القولين في زمانه بل لعلّه يكفي موافقتها لما عليه المأموم اجتهاداً أو تقليداً إذا لم يكن عن تقصير بل ومعه أيضاً مع فرض تأتي القربة منه لولا إخلاله بالعدالة).

وقال السيدالبروجردي: (أو لرأي الأعلم مع فرض عدم التقصير في كلا الاستثناءين).

وقال السيد الحكيم: (أو لرأي من يجب تقليده).

وقال السيد الإمام الخميني: (أو لرأي من يتبع رأيه مع عدم التقصير في الفرضين).

وقال السيد الخوانساري: (أو لقول من يكون قوله حجّة للمأموم).

وقال السيد عبد الهادي الشيرازي: (بل إلّا إذا لم يعلم مخالفة صلاته للواقع أو لرأي مقلّده).

وقال السيد الگلپايگاني: (أو قام طريق معتبر عند المأموم على ذلك).

(3) قال الشيخ الجواهري: (لا يبعد حمله على الصحّة فيجوز الاقتداء به إن لم يفسق من جهة اعتقاده).

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص426، أبواب صلاة الجماعة، باب72، ح2، ط آل البيت.