الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

1443/04/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /حكم عدم طهارة الامام ووظيفة الماموم فيها

 

(مسألة 34): إذا تبيّن بعد الصلاة كون الإمام فاسقاً أو كافراً أو غير متطهّر أو تاركاً لركن مع عدم ترك المأموم له أو ناسياً لنجاسة غير معفوّة عنها في بدنه أو ثوبه انكشف بطلان الجماعة لكن صلاة المأموم صحيحة إذا لم يزد ركناً أو نحوه ممّا يخلّ بصلاة‌ المنفرد للمتابعة، وإذا تبيّن ذلك في الأثناء نوى الانفراد ووجب عليه القراءة مع بقاء محلّها وكذا لو تبيّن كونه امرأة ونحوها ممّن لا يجوز إمامته للرجال خاصّة أو مطلقاً كالمجنون وغير البالغ إن قلنا بعدم صحّة إمامته، لكن الأحوط إعادة الصلاة في هذا الفرض بل في الفرض الأوّل وهو كونه فاسقاً أو كافراً إلخ.)

طرحنا في اليوم الماضي هذه المسألة ولم نجد فرصة لدراستها وانما تطلعنا على بعض التعليقات عليها واليوم نريد دراستها فقهيا فالنراجع مصادر الآراء لنستخلص منها القول السديد فيها فنقول:

ذكر المصنف في المقطع الاول من هذه المسألة خمسة امور في الامام، توجب بطلان صلاته وهي: الفسق والكفر وفقد الطهارة وترك ركن من الصلاة ونسيان النجاسة، وهذه الامور الخمسة مما لا تصح الصلاة معها فحكم بصحة صلاة المأمومين اذا لم يتبين لهم هذه الامور في الامام الا بعد الفراغ من الصلاة اذا لم يأتوا بما يخل بصلاة المنفرد.

هناك روايات تدل على صحة صلاة المأمومين و بطلان صلاة الامام كما عليه المصنف وغيره من الفقهاء العظام وهي:

منها: ما في صحيحة الحلبي: واليك نصها:عن مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي حَدِيثٍ قَالَ: مَنْ صَلَّى بِقَوْمٍ وَ هُوَ جُنُبٌ أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ- فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَ لَيْسَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُعِيدُوا- وَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَهُمْ- وَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَهَلَكَ قَالَ- قُلْتُ كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ بِمَنْ قَدْ خَرَجَ إِلَى خُرَاسَانَ- وَ كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ بِمَنْ لَا يَعْرِفُ قَالَ هَذَا عَنْهُ مَوْضُوعٌ"[1] .

سند الصدوق الى الحلبي صحيح وجهة الاستدلال قوله: "فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَ لَيْسَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُعِيدُوا" فهذا دال على صحة صلاة المأموم دون صلاة الامام.

ومنها: ما في صحيحة زرارة: َ بِإِسْنَادِهِ-صدوق- عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ صَلَّى بِقَوْمٍ رَكْعَتَيْنِ- ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى‌ وُضُوءٍ- قَالَ يُتِمُّ الْقَوْمُ صَلَاتَهُمْ- فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ ضَمَانٌ.[2] سند الصدوق الى جميل لا بأس به وجميل وزرارة كلاهما من الاجلاء ورواه الكليني والشيخ باسناد موثقة. فالسند صحيح لا نقاش فيه. واما الدلالة فقوله عليه السلام: "يُتِمُّ الْقَوْمُ صَلَاتَهُمْ" يفيد صحة صلاة المأموم.

ومنها: ما في صحيحة محمد بن مسلم: رواها الكليني عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِيعاً عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلٍ أَمَّ قَوْماً- وَهُوَ عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ فَأَعْلَمَهُمْ بَعْدَ مَا صَلَّوْا- فَقَالَ يُعِيدُ هُوَ وَ لَا يُعِيدُونَ.[3]

سنده صحيح لا بأس به و قوله عليه السلام: "يُعِيدُ هُوَ وَلَايُعِيدُونَ" صريح في صحة صلاة المامومين.

ومنها ما في صحيحة محمد بن مسلم: عن مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى (وَ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ) عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَؤُمُّ الْقَوْمَ وَ هُوَ عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ- فَلَا يَعْلَمُ حَتَّى تَنْقَضِيَ صَلَاتُهُمْ- قَالَ يُعِيدُ وَ لَا يُعِيدُ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ- وَ إِنْ أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ.[4] كذلك سنده صحيح وقوله عليه السلام: "يُعِيدُ وَ لَا يُعِيدُ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ"-صريح في صحة صلاة المأموم.

ومنها ما في صحيحة زرارة: رواها الشيخ باسناده عَنْهُ-حسين بن سعيد- عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْمٍ صَلَّى بِهِمْ إِمَامُهُمْ وَ هُوَ غَيْرُ طَاهِرٍ- أَ تَجُوزُ صَلَاتُهُمْ أَمْ يُعِيدُونَهَا فَقَالَ- لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِمْ تَمَّتْ صَلَاتُهُمْ وَ عَلَيْهِ هُوَ الْإِعَادَةُ- وَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَهُمْ هَذَا عَنْهُ مَوْضُوعٌ". [5] سندها صحيح و دلالتها صريح حيث قال عليه السلام: "تَمَّتْ صَلَاتُهُمْ وَ عَلَيْهِ هُوَ الْإِعَادَةُ"

ومنها: ما في صحيحة معاوية بن وهب: وَعَنْهُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَ يَضْمَنُ الْإِمَامُ صَلَاةَ الْفَرِيضَةِ- فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ يَضْمَنُ- فَقَالَ لَا يَضْمَنُ أَيَّ شَيْ‌ءٍ يَضْمَنُ- إِلَّا أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ جُنُباً أَوْ عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ. قال صاحب الوسائل بعد ذكر الحديث أَقُولُ: الْحُكْمُ بِضَمَانِ الْإِمَامِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ وَ عَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَى الْمَأْمُومِينَ.[6]

وانا اقول: اما يكون مراد صاحب الوسائل من ضمان الامام وجوب اعادة صلاة المامومين عليه وهذا الاحتمال بعيد لان اداء الفريضة عن الحي لا تصح، واما اراد اعادة صلاة نفسه فهو صحيح ولكن لا يصدق عليه الضمان، فالمراد من ضمان الامام مسؤوليته عند الله إنْ تعمد في ذلك فقد خان المامومين في جماعتهم. وعلى كل حال لا يدل على بطلان صلاة المأموم.

ومنها ما عن الشيخ وَ عَنْهُ –حسين بن سعيد- عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلٍ أَمَّ قَوْماً- وَ هُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ- فَقَالَ لَيْسَ عَلَيْهِمْ إِعَادَةٌ وَ عَلَيْهِ هُوَ أَنْ يُعِيدَ.[7]

وَ موثقة عبد الله بن بكير: بِإِسْنَادِهِ- الشيخ- عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ وَ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ سَأَلَ حَمْزَةُ بْنُ حُمْرَانَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع- عَنْ رَجُلٍ أَمَّنَا فِي السَّفَرِ- وَ هُوَ جُنُبٌ وَ قَدْ عَلِمَ وَ نَحْنُ لَا نَعْلَمُ قَالَ لَا بَأْسَ.[8]

هذه الروايات كلها حول فقدان الامام للطهارة عن الحدث الاكبر والاصغر فافاد بطلان صلاة الامام دون المامومين الا اذا خالفوا وظيفة المنفرد بما يوجب بطلان صلاته حتى اذا صدر عنه عن عذر.

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص371، أبواب صلاة الجماعة، باب36، ح1، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص371، أبواب صلاة الجماعة، باب36، ح2، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص372، أبواب صلاة الجماعة، باب36، ح3، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص372، أبواب صلاة الجماعة، باب36، ح4، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص372، أبواب صلاة الجماعة، باب36، ح5، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص273، أبواب صلاة الجماعة، باب36، ح6، ط آل البيت.
[7] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص273، أبواب صلاة الجماعة، باب36، ح7، ط آل البيت.
[8] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص274، أبواب صلاة، باب36، ح7، ط آل البيت.