الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

43/04/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /مسألة 33

اليوم الماضي تحدثنا حول مسألة 33 من احكام الجماعة حيث قال المصنف:(مسألة 33): إذا رأى المأموم في ثوب الإمام أو بدنه نجاسة غير معفوّة عنها لا يعلم بها الإمام لا يجب عليه إعلامه، و حينئذٍ فإن علم أنّه كان سابقاً عالماً بها ثمّ نسيها لا يجوز له الاقتداء به ، لأنّ صلاته حينئذٍ باطلة واقعاً، و لذا يجب عليه الإعادة أو القضاء إذا تذكّر بعد ذلك، و إن علم كونه جاهلًا بها يجوز الاقتداء، لأنّها حينئذٍ صحيحة، و لذا لا يجب عليه الإعادة أو القضاء إذا علم بعد الفراغ، بل لا يبعد جوازه إذا لم يعلم المأموم أنّ الإمام جاهل أو ناس، و إن كان الأحوط الترك‌ في هذه الصورة. هذا، و لو رأى شيئاً هو نجس في اعتقاد المأموم [بالظنّ الاجتهادي] و ليس بنجس عند الإمام. أو شكّ في أنّه نجس عند الإمام أم لا بأن كان من المسائل الخلافيّة، فالظاهر جواز الاقتداء مطلقاً سواء كان الإمام جاهلًا أو ناسياً أو عالماً)

وقد ذكرنا بعض التعليقات على هذه المسألة واشرنا الى وجوه كلامهم واليوم نريد ان نتناول المسألة بالدراسة الفقهية فنقول ان هذه المسألة تشتمل على ستة فروع في مقاطع كلام المصنف و نقف عند كل مقطع وقفة التحليل العلمي فنقول:

في المقاطع الثلاثة الاولى من هذه المسألة الامر واضح لا نقاش فيه الا بالنسبة الى ناسي النجاسة فالمشهور ذهبوا الى بطلان صلاته و في الفقهاء من عطف الناسي على الجاهل في صحة صلاته.

وفي المقطع الرابع وهو ما اذا لم يعلم المأموم حال الامام من انه جاهل او ناسي فافتى السيد بصحة صلاة الماموم خلفه واحتاط بترك الاقتداء به احتياطا استحبابياً، ولكن جمع من الفقهاء يرون عدم جواز الاقتداء فتوى او احتياطا لزومياً. ووجه عدم جواز الاقتداء عدم احراز المأموم لصحة صلاة الامام لا وجداناً ولا تعبداً،

ولكن الامام الخميني رضوان الله عليه ذكر صورة لصحة الاقتداء به وهي اذا علم بعروض النجاسة وعدم علم الامام بها ثم لا يدري ان الامام علم بها لا حقا ثم نسي او بقي جاهلا بالنجاسة، و دخل في الصلاة، فاستصحاب جهل الامام يصحح للماموم الاقتداء به، لان الجاهل بالنجاسة صحيح صلاته واقعاً، لان مانعية النجاسة في الثوب والبدن عن صحة صلاة المصلي مانعية ذُكرية اي مانع لمن يعلم بها، فمادام لايعلم لا مانع لصحة صلاته فيجوز الاقتداء بصلاته للماموم.

ولكن يمكن ان يقال بجريان الاستصحاب فيما نحن فيه ايضا لان هذا الثوب المتنجس لم يكن متنجسا ولم يكن الامام عالما بنجاسته بانتفاء الموضوع ثم لا ندري عند اصابة النجاسة به علم الامام بنجاسته او لا؟ فنستصحب عدم العلم السابق عن الاصابة فما ذهب اليه السيد اقرب الى الحق حسب الصناعة.

اما في المقطع الخامس من المسألة وهو عند ما يرى المأموم شيئا هو نجس باعتقادة اجتهادا او تقليدا و يعلم انه في رأي الامام ليس نجساً فلا باس باقتدائه اذا لم يوجب الاخلال باحد الأركان الخمسة لان صلاة الامام صحيحة فيجوز الاقتداء به.

والمقطع السادس: وهو ما اذا رأى الماموم في ثوب او بدن الامام نجساً ولا يدري رأيُ الامام فيه فقد افتى السيد بجواز الاقتداء به سواء كان الامام جاهلا بوجود هذا الشيء الذي يراه نجساً او علم ثم نسي او كان بالفعل عالما بوجود هذا الشيء. فالوجه في هذه المسألة في صورة علم المأموم بجهل الامام لوجود هذا الشيء فيعرف ان صلاة الامام صحيحة واقعاً سواء كان معتقداً بنجاسة هذا الشيء او قائلاً بطهارته فصلاته صحيحة قطعاً فلا مانع من اقتداء المأموم به اما اذا علم الماموم ان الامام نسي وجود هذا الشيء في ثيابه فهو لم يحرز صحة صلاة الامام لانه ان كان معتقدا بنجاسته فصلاته باطلة لان الناسي في حكم العالم على المشهور ففتوى السيد على صحة الاقتداء في غير مورده، واما اذا علم بان الامام عالم وملتفت الى وجود هذا الشيء وهو يصلي فيه فهو كاشف عن رأيه بعدم نجاسة هذا الشيء لان المفروض انه عادل ويريد ان يصلي صلاة صحيحة فيصح الاقتداء به ايضاً، اما اذا لا يعلم حال الامام بالنسبة الى رأيه في نجاسة هذا الشيء وكذلك جاهل بحال الامام بالنسبة الى الموضوع هل هو جاهل او ناسي او عالم فلا يجوز له الاقتداء به لان النتيجة تابع لاحس المقدمات فالماموم غير محرز لصحة صلاة الامام لا وجدانا ولا تعبدا فصلاته خلف مثل هذا الامام باطلة ولذا اشكل على السيد جميع المحشين على هذه المسألة.

(مسألة 34): إذا تبيّن بعد الصلاة (1) كون الإمام فاسقاً أو كافراً أو غير متطهّر أو تاركاً لركن مع عدم ترك المأموم له أو ناسياً لنجاسة (2) غير معفوّة عنها في بدنه أو ثوبه انكشف بطلان الجماعة (3) لكن صلاة المأموم صحيحة إذا لم يزد ركناً (4) أو نحوه ممّا يخلّ بصلاة‌ المنفرد (5) للمتابعة و إذا تبيّن ذلك في الأثناء نوى الانفراد و وجب عليه (6) القراءة مع بقاء محلّها و كذا لو تبيّن كونه امرأة و نحوها (7) ممّن لا يجوز إمامته للرجال خاصّة أو مطلقاً كالمجنون و غير البالغ إن قلنا بعدم صحّة إمامته، لكن الأحوط (8) إعادة الصلاة في هذا الفرض بل في الفرض الأوّل و هو كونه فاسقاً أو كافراً إلخ.)