الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

43/04/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /حكم اختلاف الاما والمأموم في الرأي

 

كان بحثنا في: (مسألة 30): يجوز للمأموم الإتيان بالتكبيرات الستّ الافتتاحيّة قبل تحريم الإمام ثمّ الإتيان بتكبيرة الإحرام بعد إحرامه، و إن كان الإمام تاركاً لها).

قد اخذت هذه المسألة ثمانية مجالس من بحثنا واليوم نريد ان نتجاوزها وكان الخلاف في هذه المسألة على اربعة اقوال: أحدها: كون تكبيرات الافتتاحية بمجموعها تكبيرة الاحرام وهو الذي مال اليه الشيخ محمد تقي المجلسي حيث قال: (اعلم أن الظاهر من الأخبار أنه كلما يستفتح به الصلاة من التكبيرات فهو تكبيرة الإحرام فالثلث و الخمس و السبع أيضا أفراد الواجب المخير)،[1]

وقد ناقشناه ثبوتا واثباتا بما لا مزيد عليه.

وثانيهما: ما ذهب اليه صاحب الحدائق من كون تكبيرة الاحرام اولى تكبيرة من الافتتاحية واستدل على روايات نوقش في دلالتها على مراده

ورابعها: ما ذهب اليه جمع من الفقهاء وهو كون الأخيرة هي تكبيرة الاحرام فاعرضنا عنها لقوة اطلاق ما يدل على ان واحدة منها تكبيرة الاحرام ولم يرد نص على تعيين السابعة او الاخيرة فتلك الروايات باطلاقها التي قريب الى النص افادت التخيير ولكن بما ان الالتزام بالاخيرة في مقام العمل لا ينافى مع التخيير فالاحتياط يقتضي تخصيص الاخيرة بتكبيرة الاحرام حيث انه اذا تردد الامر بين التعيين والتخيير فالتعيين هو المحصل للبراءة اليقينية. وكما قلنا في مدخل البحث من هذه المسألة ان الرأي فيها تابع لاتخاذ الموقف من تكبيرة الاحرام في تكبيرات الافتتاحية ففي هذه المسألة نوافق السيد رضوان الله عليه بلا اشكال.

(مسألة 31): يجوز اقتداء أحد المجتهدين أو المقلّدين أو المختلفين بالآخر مع اختلافهما في المسائل الظنّيّة المتعلّقة بالصلاة، إذا لم يستعملا محلّ الخلاف و اتّحدا في العمل، مثلًا إذا كان رأي أحدهما اجتهاداً أو تقليداً وجوب السورة، و رأي الآخر عدم وجوبها يجوز اقتداء الأوّل بالثاني إذا قرأها، و إن لم يوجبها و كذا إذا كان أحدهما يرى وجوب تكبير الركوع أو جلسة الاستراحة أو ثلاث مرّات في التسبيحات في الركعتين الأخيرتين يجوز له الاقتداء بالآخر الذي لا يرى وجوبها، لكن يأتي بها بعنوان الندب، بل و كذا يجوز مع المخالفة في العمل (1)، أيضاً في ما عدا ما يتعلّق بالقراءة في الركعتين الأُوليين التي يتحمّلها الإمام عن المأموم، فيعمل كلّ على وفق رأيه،

نعم لا يجوز اقتداء من يعلم وجوب شي‌ء بمن لا يعتقد وجوبه مع فرض كونه تاركاً‌ له (2) لأنّ المأموم حينئذٍ عالم ببطلان (3) صلاة الإمام، فلا يجوز له الاقتداء به، بخلاف المسائل الظنّيّة (4) حيث إنّ معتقد كلّ منهما حكم شرعي ظاهريّ في حقّه (5)، فليس لواحد منهما الحكم ببطلان صلاة الآخر، بل كلاهما في عرض واحد في كونه حكماً شرعيّاً، و أمّا فيما يتعلّق بالقراءة في مورد تحمّل الإمام عن المأموم و ضمانه له‌ فمشكل (6) لأنّ الضامن حينئذٍ لم يخرج عن عهدة الضمان بحسب معتقد المضمون عنه، مثلًا إذا كان معتقد الإمام عدم وجوب السورة و المفروض أنّه تركها فيشكل جواز اقتداء من يعتقد وجوبها به، و كذا إذا كان قراءة الإمام صحيحة عنده و باطلة بحسب معتقد المأموم من جهة ترك إدغام لازم أو مدّ لازم أو نحو ذلك، نعم يمكن أن يقال بالصحّة إذا تداركها المأموم بنفسه (7)، كأن قرأ السورة في الفرض الأوّل، أو قرأ موضع غلط الإمام صحيحاً، بل يحتمل أن يقال (8): إنّ القراءة في عهدة الإمام، و يكفي خروجه عنها باعتقاده لكنّه مشكل (9) فلا يترك الاحتياط بترك الاقتداء (10)

تعليقات:

(1) قال السيدالأصفهاني: (مشكل فلا يترك الاحتياط بترك الاقتداء).

وقال السيد الگلپايگاني: (الظاهر عدم جواز الاقتداء بمن تكون صلاته باطلة عند المأموم من غير فرق بين العلم بالبطلان أو الطريق المعتبر كان منشأ البطلان متعلّقاً بالقراءة أو بغيرها).

وقال الإمام الخميني: (مخالفة لا تكون موجبة لبطلان عمله لدى المأموم علماً أو اجتهاداً أو تقليداً).

وقال السيدالخوانساري: (محلّ إشكال فلا يترك الاحتياط بترك الاقتداء).

وقال الشيخ النائيني: (يشكل جواز الاقتداء مع بطلان صلاة الإمام عند المأموم كما تقدّم).

وقال الشيخ آقا ضياء: (الأقوى جريان حكم المتخالفين في الاعتقاد العملي في متخالفي الرأي اجتهاداً أم تقليداً لاشتراك الظنون الاجتهادية بل التقليدية مع العلم بالطريقة المحضة).

وقال الشيخ الجواهري: (بشرط اعتقاد المأموم الصحّة مع المخالفة).

وقال السيد محسن الحكيم: (إذا لم توجب اعتقاد المأموم بطلان صلاة الإمام).

وقال السيد الفيروزآبادي: (في الجواز مع المخالفة في العمل كما إذا تستّر الإمام بالقندس و لا يجوز عند المأموم إشكال بل الأقوى عدمه).

وقال الشيخ آل ياسين: (إذا كانت المخالفة فيما يغتفر الإخلال سهواً أو جهلًا بالموضوع حتى القراءة في وجه و إن كان المأموم عالماً بالوجوب فضلًا عن صورة الظنّ دون ما إذا كانت في الأركان و نحوها من الشرائط الواقعية حيث لا يجوز الاقتداء حينئذٍ مطلقاً على الأقوى).

وقال السيدالخوئي: (الظاهر عدم جواز الاقتداء فيما يرى المأموم بطلان صلاة الإمام بعلم أو علمي نعم إذا كان الإخلال بما لا تبطل الصلاة به في ظرف الجهل صحّ الاقتداء بلا فرق بين العلم و العلمي أيضاً).

(2) قال الشيخ الحائري: (لا فرق ظاهراً بين العلم ببطلان صلاة الإمام و بين الطريق المعتبر المقتضى لبطلانها).

وقال الشيخ كاشف الغطاء: (لكن الأقوى صحّة صلاة المأموم إذا كان ذلك الشي‌ء ممّا يعذر فيه الإمام بمقتضى حكمه الوضعي بحيث لو علم بعد ذلك بخطإ اجتهاده لم تجب عليه الإعادة لعموم لا تعاد الصلاة إلّا من خمس، و إن كان لا يعذر فيه لأنّه أحد الخمس لم تصحّ صلاة المأموم و إن ظنّ المأموم بوجوبه من دون فرق بين علم الإمام أو ظنّه و بين أن يكون ذلك في الأحكام الكلّية أو الموضوعات الخارجيّة).

(3) قال السيدالبروجردي: (علمه بترك الإمام ما هو واجب واقعاً لا يستلزم العلم ببطلان صلاته بعد فرض كونه معتقداً لعدم وجوبه اجتهاداً أو تقليداً نعم الأحوط عدم الاقتداء مع المخالفة في الاعتقاد).

وقال السيدالحكيم: (إذا كان م المتروك ممّا يوجب تركه البطلان كما في الأركان).

وقال الإمام الخميني: (لا ملازمة بين العلم بوجوب شي‌ء و العلم ببطلان صلاة تاركه لعذر و لا فرق فيما يوجب تركه بطلانها و لو لعذر بين العلم الوجداني و الطرق الاجتهادية و ما ذكره الماتن مبني على مبنى غير وجيه).

(4) قال السيدالحكيم: (المسائل الظنّية كالاعتقادية فيجري فيها ما سبق).

(5) قال الشيخ النائيني: (حجّية معتقد الإمام غير مؤثّر في اقتداء من يعتقد فساد صلاته به إلّا إذا ثبت بدليل آخر أنّ المدار في جواز الاقتداء الصحّة عند الإمام و لم يثبت).

(6) قال السيدالخوئي: (بل الظاهر عدم جوازه إذا كان الاقتداء به حال القراءة و أمّا إذا كان حال الركوع فلا إشكال فيه).

(7) قال السيدالأصفهاني: (بعيد جدّاً).

وقال(الإمام الخميني: (هذا و ما بعده ضعيف).

وقال السيدالخوئي: (هذا و ما ذكره بعده من الاحتمال ضعيفان جدّاً).

وقال السيد الگلپايگاني: (لا ينفع تدارك المأموم مع بطلان صلاة الإمام عنده).

وقال الشيخ آقا ضياء: (في الصحّة إشكال لاحتمال السقوط لا البدلية).

وقال السيدالحكيم: (فيه تأمّل).

وقال الشيخ النائيني: (الظاهر أنّه لا أثر لتدارك المأموم لها في صحّة الجماعة مع أنّه يرى بطلان صلاة الإمام بتركه لها).

(8) قال السيد عبد الهادي الشيرازي: (هذا الاحتمال قوي).

(9) قال السيد الحكيم: (بل الأقوى خلافه).

(10) قال الشيخ الجواهري: (جواز الاقتداء في الفرض لا يخلو عن قوّة).

ونكتفي اليوم بذكر هذه التعليقات وفيها اشارات كثيرة ومفيدة للمتأمل و غدا ندخل في تحليل كلام المصنف ان شاء الله

 


[1] روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه( ط- القديمة)، المجلسي‌، محمد تقى، ج2، ص284.