الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

43/04/15

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /موقع تكبيرة الاحرام من تكبيرات الافتتاحية

 

كان بحثنا في: (مسألة 30): يجوز للمأموم الإتيان بالتكبيرات الستّ الافتتاحيّة قبل تحريم الإمام ثمّ الإتيان بتكبيرة الإحرام بعد إحرامه، و إن كان الإمام تاركاً لها).

الثامن من الادلة التي استدل بها لكون الاخيرة هي تكبيرة الاحرام : النصوص المتضمنة لتعداد تكبيرات الصلوات و أنّها خمس و تسعون تكبيرة، التي منها صحيحة معاوية بن عمار واليك نصها: « مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: التَّكْبِيرُ فِي الصَّلَاةِ الْفَرْضِ الْخَمْسِ الصَّلَوَاتِ خَمْسٌ- وَ تِسْعُونَ تَكْبِيرَةً مِنْهَا تَكْبِيرَةُ الْقُنُوتِ خَمْسَةٌ[1] وذكر صاحب الوسائل في هذا الباب ثلاثة روايات بمضامين متقاربة جدا فنكتفي بذكر واحدة منها

والوجه في هذا العدد ان كل ركعة تشتمل على خمس تكبيرات: تكبيرة الهوي الى الركوع، و اربع تكبيرات للهوي الى سجدتين والقيام عنهما، وعدد الركعات في كل يوم سبعة عشرة ركعة فمضربها في الخمسة يصبح خمسة وثمانون تكبيرة يضاف اليها خمس تكبيرات للاحرام و خمس تكبيرات للقنوت لكل واحدة من الصلوات الخمسة يصير المجموع خمساً و تسعين تكبيرة كما ورد في الصحيحة فوقها.

و تكبيرات الافتتاح ليست منها لخروجها عن الصلاة لاننا اذا اضفناها على التكبيرات المذكورة تصبح مأة و خمساً وعشرون تكبيرة. فنكشف من العدد المذكور لتكبيرات الصلاة في الصحيحة ان ستا من التكبيرات الافتتاحية تقع خارج الصلاة فتكبيرة الاحرام تكون أخر السبعة.

و أجاب عنه المحقق الهمداني بما ملخّصه: أنّ تكبيرات الافتتاح حيث لم يكن في موردها إلّا أمر واحد متعلق بالجميع بعنوان الافتتاح فمن هنا عدّ المجموع بمنزلة تكبيرة واحدة.

ولكن هذا التوجيه منه لا يتلائم مع رأيه في تكبيرة الاحرام بانها واحدة من السبعة و هي الاولى نعم على ما قاله المجلسي الاول في بان في تكبيرة الاحرام المصلي مخير بين ان يجعلها واحدة او ثلاثة او خمسة او سبعة ومبناه باطل ثبوتا واثباتا اما ثبوتا لاستحالة التخيير بين الاقل والاكثر غير الارتباطي كما قلناه سابقا واما اثباتا الأخبار ظاهرة بان كل تكبيرة منها بأمر مستقل كبقية تكبيرات الصلوات، فلا وجه لاهمالها في مقام العدّ لو كان من الصلاة.

و للسيد الخوئي رد عن ها الاستدلال واليك بيانه: (الصحيح في الجواب أن يقال: إنّ هذا الاستدلال إنّما ينفع في قبال دعوى صاحب الحدائق القائل بتعيّن التكبيرة في الأُولى، فيكون هذا ردّاً عليه بالتقريب المتقدم، و لعله (قدس سره) لو التفت إلى ذلك لعدل عن مذهبه، فإنّه أقوى شاهد على بطلانه.

و أمّا القائل بالتخيير كما عليه المشهور، فلا تكون هذه النصوص ردّاً عليه كي تتعين التكبيرة في الأخيرة، و ذلك لأنّ معنى التخيير في تطبيق التكبيرة على واحدة من السبع، أنّ الخصوصيات الفردية غير معتبرة في متعلق الأمر، و إنّما الماهية المأمور بها هي الطبيعي الجامع بين تلك الأفراد، و هي التكبيرة الواحدة التي قد تكون مسبوقة بالست، و أُخرى ملحوقة بها، و ثالثة متخللة بينها، فما لوحظ اعتباره في الماهية التي لا تتخلف عنه إنما هي التكبيرة الواحدة، و أمّا الزائد عليها فهو شي‌ء قد يكون و قد لا يكون، و لأجله يعدّ لو كان من‌ خصوصيات الفرد و مزاياه، لا الخصوصيات الملحوظة في نفس الجامع، و إلّا لما تخلّفت عنه كما لم تتخلف سائر التكبيرات.

و من الواضح أنّ هذه النصوص إنما هي بصدد تعداد التكبيرات الملحوظة في ماهية الصلاة بقول مطلق لا في أفرادها التي لا اطراد فيها، و من هنا أُلغيت بقية التكبيرات الافتتاحية في مقام التعداد و لم يحتسب غير الواحدة منها).[2]

ولكن يلحظ في كلامه (إنّما الماهية المأمور بها هي الطبيعي الجامع بين تلك الأفراد، و هي التكبيرة الواحدة) اقول: مفاد كلامكم ان سائر التكبيرات مقومات للصلاة، بينما ليس شيئ من التكبيرات مقوم للصلاة الا تكبيرة الاحرام ان كان ما يجوز تركه خارج من ماهية الصلاة فيشمل هذا العنوان لسائر التكبيرات ايضا فقد تؤتى بها وقد لا تؤتى.

ففي الخروج عن هذه العويصة نقول لو كنا وهذه الصحيحة لقلنا بدلالتها على لزوم جعل تكبيرة الاحرام الاخيرة منها، لاننا لو جعلناه في الاولى او الاواسط لكان ما يؤتى بها بعد تكبيرة الاحرام من تكبيرات الصلاة المستحبة والمفروض ان هذه الصحيحة حصرت عدد تكبيرات الصلاة بخمسة و تسعون تكبيرة ولكن بما ان الاطلاق المستفاد مما ورد في تُكَبِّرَ وَاحِدَةً- تَجْهَرُ فِيهَا وَ تُسِرُّ سِتّاً. صريح في التخيير حيث اعرض عن التعبير بالسابعة ولذلك لابد من رفع اليد عن ظاهرها والقول بنها كانت بصدد بيان التكبيرات التي يؤتى بها عند عامة المصلين لا ما يأتي بها الخواص من المؤمنين. وبذلك تسقط هذه الصحيحة للاستدلال بها على لزوم جعل الاخيرة من الافتتاحية تكبيرة الاحرام للصلاة.

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج6، ص18، أبواب تكبيرة الاحرام، باب5، ح1، ط آل البيت.
[2] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج14، ص141.