الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

43/04/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /موقع تكبيرة الاحرام من التكبيرات الافتتاحية

 

كان بحثنا في: (مسألة 30): يجوز للمأموم الإتيان بالتكبيرات الستّ الافتتاحيّة قبل تحريم الإمام ثمّ الإتيان بتكبيرة الإحرام بعد إحرامه، و إن كان الإمام تاركاً لها).

السابع: مما استدل بها على لزوم جعل الاخيرة تكبيرة الاحرام، روايات التي وردت في جهر رسول الله باحداها والاخفات في ستة منها، انه لو كان رسول الله يقدم تكبيرة الإحرام لم يكن وجه لسره الباقي، إذ هو مناف ل‌ما دل على استحباب إسماع الإمام المأمومين كلما يقوله في الصلاة،

ان قلت: ان فعل رسول الله مخصِّص لعموم ما يستحب على الامام الجهر به واسماعها للمأمومين. فيخرج التكبيرات الافتتاحية الستة عن استحباب الجهر بها.

قلنا: نحن امامنا احتمالان: احدهما: ان رسول الله كان يأتي بتكبيرات الافتتاحية بعد تكبيرة الاحرام سراً لعدم استحباب الجهر فيها فيخصص عموم استحباب اسماع الامام للمامومين جميع ما يقوله . والاحتمال الآخر ان رسول الله كان ياتي بها قبل تكبيرة الاحرام ويجعل الاخيرة تكبيرة الاحرام فلم تكن داخل الصلاة حتى يشملها عموم الاستحباب. وليس تخصيص عموم الاستحباب اولى من القول بتقديم تكبيرات الافتتاح على تكبيرة الافتتاح، حتى لا يستحب حينئذ إسماعها المأمومين، لانها تقع خارج الصلاة فلا يشملها عموم ما دل على استحباب الاسماع خروجا موضوعيا اي تخصصياً لأن بتكبيرة الإحرام، تتحقق الإمامية و المأمومية.

ان السيد الخوئي طرح هنا اشكالاً ورده مضمونهما: ان قلت: أنّ أصالة العموم حجة في تشخيص المراد لا في كيفية الإرادة، فلا تجري إلّا لاستعلام الحكم لدى الشك فيه لا لتشخيص حال الموضوع‌ و في المقام لا شك في الحكم للقطع باخفات الست و خروجها عن دليل الإجهار في الصلاة، و إنّما الشك في أنّها من الصلاة كي يكون خروجها عن ذاك الدليل من باب التخصيص، أم ليست منها لكون الأخيرة هي الإحرام، كي يكون خروجها من باب التخصص،

فهو نظير ما إذا ورد أكرم العلماء و علمنا من الخارج أن زيداً لا يجب إكرامه، و لا نعلم أنّه عالم كي يكون خروجه للتخصيص أم جاهل كي يكون للتخصص، فكما أنّ أصالة العموم لا تجري لإثبات حاله و أنّه جاهل لعدم الشك في المراد، فكذا لا تجري في المقام حتى يثبت بها أنّ الإحرام هي الأخيرة.

و فيه: أنّ الكبرى المذكورة و إن صحّت لكنها غير منطبقة على المقام لحصول الشك هنا في الحكم كالموضوع، فلا يعلم المراد أيضاً لإجمال المفهوم فهو كما لو علمنا بعدم وجوب إكرام زيد بعد ورود الأمر بإكرام العلماء و تردد زيد بين شخصين أحدهما عالم و الآخر جاهل، و لم يعلم أنّ المراد به الأوّل كي يكون الخروج تخصيصاً أم الثاني كي يكون تخصصاً، و لا شك أنّ المرجع في مثله أصالة العموم، لعدم العلم بورود التخصيص على عموم إكرام العلماء كي يخرج عنه زيد العالم، فيتمسك بأصالة عدم التخصيص و يثبت بها أنّ الخارج هو زيد الجاهل، لحجية مثبتات الأُصول اللفظية. و المقام من هذا القبيل، فانّ المراد من الست المحكومة بالإخفات مردد بين الواقع قبل التكبيرة كي يكون خروجها عن دليل الإجهار في الصلاة من باب التخصص، و الواقع بعدها كي يكون من التخصيص، فهو مجمل مردّد بين فردين و في مثله يتمسك بأصالة العموم في دليل الإجهار للشك في ورود التخصيص عليه، و يثبت بها أنّ المراد هي الست الواقعة قبل التكبيرة، فينتج أنّ تكبيرة الإحرام هي الأخيرة، لما عرفت من حجية مثبتات الأُصول اللفظية.

ثم انه رضوان الله عليه بعد ما يقوي الخروج التخصصي ما يثبت ان رسول الله كان يقدم التكبيرات الستة و يسر فيها، عاد فقال: (إلّا أنّ أصالة العموم في دليل الإجهار في الصلاة تعارضها أصالة الإطلاق‌ في دليل الجهر بالواحدة و إخفات الست، فانّ المراد بالواحدة بمناسبة الحكم و الموضوع هي تكبيرة الإحرام كما تقدم و مقتضى الإطلاق جواز إيقاعها قبل الست أو بعدها أو خلالها. و العموم و إن كان مقدّماً على الإطلاق لدى الدوران لكون الدلالة فيه وضعية، و في الثاني بمقدّمات الحكمة، إلّا أنّ في المقام خصوصية تستوجب قوّة الظهور في الإطلاق بحيث كاد يلحقه بالتصريح الموجب لتقديمه على العموم، و هو التعبير بالواحدة المقرون بالتعبير بالست في الإخفات إذ لو كان المراد بالواحدة خصوص الأخيرة فما يمنعه (عليه السلام) عن التعبير بالسابعة، فالعدول عنها مع أنّ المقام يقتضي التصريح بها لو كان الافتتاح متعيناً فيها إلى التعبير بالواحدة فيه قوة ظهور في الإطلاق و التخيير، و إلّا لم يكن وجه للإهمال المؤدّي إلى نوع من الإغراء بالجهل كما لا يخفى.

هذا، و مع التنزل فلا أقل من التكافؤ بين الظهورين، أعني ظهور العموم في تعين الأخيرة بالتقريب المتقدم و ظهور الإطلاق في عدمه، فيقع التعارض الموجب للإجمال فتسقط عن الاستدلال).[1] ونِعمَ ما قاله رضوان الله عليه.خصوصل والمسألة كانت موردا للحاجة كثيرا وتعبير السابعة لم يكن اصعب من الواحدة فاعراضه صلوات الله عليه عن السابعة مشعر بعدم التركيز عليها فتصبح الاطاق نصاًبهذه القرينة فتدبر جيداً

 


[1] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج14، ص44.