الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

43/03/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /حكم ترك قطع النافلة لدرك الجماعة

قال المصنف رضوان الله عليه: (مسألة 27): إذا كان مشتغلًا بالنافلة فأُقيمت الجماعة و خاف من إتمامها عدم إدراك الجماعة و لو كان بفوت الركعة الأُولى منها جاز له قطعها، بل استحبّ ذلك (1) و لو قبل إحرام الإمام للصلاة (2)،

و لو كان مشتغلًا بالفريضة منفرداً و خاف من إتمامها فوت الجماعة استحبّ له العدول بها إلى النافلة و إتمامها ركعتين إذا لم يتجاوز محلّ العدول، بأن دخل في ركوع الثالثة، بل الأحوط (3) عدم العدول إذا قام للثالثة، و إن لم يدخل في ركوعها،

و لو خاف من إتمامها ركعتين فوت الجماعة (4) و لو الركعة الأُولى منها جاز له القطع بعد العدول إلى النافلة على الأقوى (5)، و إن كان الأحوط عدم قطعها (6) بل إتمامها ركعتين، و إن استلزم ذلك‌ عدم إدراك الجماعة في ركعة أو ركعتين،

بل لو علم عدم إدراكها أصلًا إذا عدل إلى النافلة و أتمّها فالأولى و الأحوط عدم العدول و إتمام الفريضة (7)، ثمّ إعادتها جماعة إن أراد و أمكن).

(1) قال الشيخ الحائري: (الحكم بالاستحباب مشكل.).

(2) قال السيد الحكيم: (بل حين الشروع في الإقامة).

(3)قال الشيخ الجواهري: (و إن كان الأقوى جوازه).

(4) قال الشيخ الحائري: (الأحوط عدم العدول لو خاف من إتمامها ركعتين فوت أصل الجماعة).

(5) قال الشيخ الجواهري: (جواز القطع بدون العدول إلى النافلة لا يخلو عن قوّة)

وقال السيد الحكيم: (أو بدونه).

وقال السيد الخوئي: (جوازه مع البناء على قطعها بعده مشكل).

(6) قال الشيخ آقا ضياء: (لا وجه لهذا الاحتياط لعدم احتمال حرمة قطع النافلة بمقتضى القواعد و الكلمات نعم لو كان امتياز الفريضة و النافلة بصرف قصد أمرهما بلا اختلاف في حقيقتهما كان للإشكال في العدول مع الجزم بالإبطال مجال بل لا يصحّ إلّا مع البناء على الإتمام لكنّه بمعزل عن التحقيق).

وقال الشيخ الحائري: (لا يترك هذا الاحتياط كما أنّ الأحوط بعد إتمامها ركعتين عدم ترك‌ الاشتغال بالجماعة).

(7) قال الشيخ الحائري: (لا يترك).

وقال السيدالگلپايگاني: (لا يترك و كذا ما لم يطمئنّ بدرك الجماعة مع إتمام النافلة)

وقال السيد الخوئي: (بل هو الأظهر).

وقال الجواهري: (جواز قطعها حينئذٍ لا يخلو عن قوّة)

ذكرالمصنف في هذه المسألة اربع فروع:

الاول: قوله: (إذا كان مشتغلًا بالنافلة فأُقيمت الجماعة و خاف من إتمامها عدم إدراك الجماعة و لو كان بفوت الركعة الأُولى منها جاز له قطعها، بل استحبّ ذلك، و لو قبل إحرام الإمام للصلاة).

قال في الجواهرما ملخصه: (إذا شرع المأموم في نافلة فأحرم الإمام قطعها و استأنف كما‌ ‌في الخلاف و النافع و التذكرة و المنتهى و الدروس و البيان و اللمعة و غيرها،....نعم هل هو إن خشي الفوات، و إلا أتم ركعتين استحبابا كما قيده به غير واحد من الأصحاب، بل نسبه في الرياض إلى الأكثر، أو أنه يستحب مطلقا و إن لم يخش الفوات كما هو قضية إطلاق الشهيدين و غيرهما؟ الظاهر الأول، خصوصا إذا كان الباقي منها قليلا جدا، لما فيه من الجمع بين الوظيفتين، و عدم إبطال العمل، بل ينبغي القطع به بناء على حرمة قطع النافلة اقتصارا حينئذ على المتيقن نصا و فتوى) [1] ثم اتى بادلة على جواز ذلك وهي:

الاول: أهمية الجماعة في نظر الشارع من النافلة،

الثاني: و من ما ورد من الأمر بنقل نية الفريضة إلى النافلة و إتمامها ركعتين لدرك الجماعة الذي هو بمعنى القطع للفريضة، فالنافلة أولى بالقطع لادرك الجماعة،

الثالث: لما في فِقْهُ الرِّضَا من قوله عليه السلام "وَ إِنْ كُنْتَ فِي فَرِيضَتِكَ وَ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَقْطَعْهَا وَ اجْعَلْهَا نَافِلَةً وَ سَلِّمْ فِي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَلِّ مَعَ الْإِمَامِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ مِمَّنْ لَا يُقْتَدَى بِهِ فَلَا تَقْطَعْ صَلَاتَكَ وَ لَا تَجْعَلْهَا نَافِلَةً وَ لَكِنِ اخْطُ إِلَى الصَّفِّ وَ صَلِّ مَعَهُ وَ إِذَا صَلَّيْتَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَ قَامَ الْإِمَامُ إِلَى رَابِعَةٍ فَقُمْ مَعَهُ تَشَهَّدْ مِنْ قِيَامٍ وَ قَالَ ع قَبْلَ ذَلِكَ وَ إِنْ كُنْتَ فِي صَلَاةٍ نَافِلَةٍ وَ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَاقْطَعْهَا وَ صَلِّ الْفَرِيضَةَ مَعَ الْإِمَامِ‌»[2] فهي صريحة في الامر بقطع النافلة.

الرابع: و صحيحة عمر بن يزيد واليك نصها: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ سَأَلَ‌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرِّوَايَةِ الَّتِي يَرْوُونَ- أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَطَوَّعَ فِي وَقْتِ فَرِيضَةٍ- مَا حَدُّ هَذَا الْوَقْتِ قَالَ- إِذَا أَخَذَ الْمُقِيمُ فِي الْإِقَامَةِ فَقَالَ لَهُ- إِنَّ النَّاسَ يَخْتَلِفُونَ فِي الْإِقَامَةِ- فَقَالَ الْمُقِيمُ الَّذِي تُصَلِّي مَعَهُ. و رواه مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ مِثْلَهُ.[3]

وجه الاستدلال هوان الشيء الذي لا ينبغي الاتيان به يجوز قطعه).

ثم أجاب عن هذه الأدلة فقال: (لكن الجميع لو لا ظهور اتفاق الأصحاب عليه كما اعترف به في الرياض ومفتاح‌ الكرامة محل للمناقشة، خصوصا الأخير، لظهوره في إرادة الابتداء، ولذا خص الأصحاب الاستدلال به على كراهة الشروع في نافلة بعد الإقامة، وإن كان هو مع ذلك فيه إيماء في الجملة إلى رجحان مراعاة الجماعة على النافلة، بل وسابقه بناء على عدم حجيته عندنا، بل وسابق السابق، إذ الأولوية تجدي بعد اتحاد الكيفية،[4]

يظهر من هذا الكلام يرى ان الدليل العمدة عنه اتفاق الاصحاب على جواز قطع النافلة لدرك الفريضة. اما صحيحة عمر بن عزيز فهي ظاهرة في عدم الشروع في النافلة في وقت الفريضة لا قطعا النافلة للفريضة. ورواة الرضوي ولو هي صريحة ولكن لضعف سندها انما يمكن الاستناد اليها لكراهة الابتداء بالنافلة للتسامح في ادلة السنن، وقبول ادعاء الأولوية في قطع النافلة على الفريضة انما يتم اذا كانت الكيفية واحدة بينما ما ورد من الأدلة هو الانتقال الى النافلة واتمامها ركعتين ولكن ما نحن فيه هو قطع النافلة فلا وجه للقياس بينهما حتى نقول ان النافلة أولى بجواز القطع من الفريضة، هذا ما افاده صاحب الجواهر رضوان الله عليه ونعم ما قال. ولكن من يقول بجواز قطع النافلة بغير عذر فهو في سعة من هذه المسألة والاستحباب كذلك لا بأس به على هذا المبنى لان رجحان الدخول في الجماعة على إتيان النافلة من الواضحات في مذاق الشارع المقدس. نعم على القائل بعدم جواز قطع النافلة من دون عذر لزوم الاحتياط في اكمال النافلة ثم درك الجماعة ولو فات عنه بعضها هو الأولى.

 


[1] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج14، ص33.
[2] مستدرك الوسائل، المحدّث النوري، ج6، ص496.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص452، أبواب صلاة الجماعة، باب44، ح1، ط آل البيت.
[4] جواهر الكلام، النجفي الجواهري، الشيخ محمد حسن، ج14، ص34.