الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

43/03/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /مسألة26

(مسألة 26): إذا تخيّل أنّ الإمام في الأُوليين فترك القراءة ثمّ تبيّن أنّه في الأخيرتين فإن كان التبيّن قبل الركوع قرأ و لو الحمد فقط (1) و لحقه (2)، و إن كان بعده صحّت صلاته (3)، و إذا تخيّل أنّه في إحدى الأخيرتين فقرأ ثمّ تبيّن كونه في الأُوليين فلا بأس، و لو تبيّن في أثنائها لا يجب (4) إتمامها.

تعليقات:

(1) قال آقا ضياء: (مع التمكّن من اللحوق بالإمام قبل رفع رأسه يجب عليه مقدار ما يتمكّن من القراءة وإلّا فيشكل قراءته لأهمّية متابعته في الركوع المحقّق لدرك الركعة).

(2) قال كاشف الغطاء: (ولو في السجود ويجوز متابعته في الركوع وترك القراءة كما إذا أعجله عنها وكذا لو ائتمّ بالأخيرتين ونسي القراءة..)

(3) قال الحائري: (بل لا يبعد الحكم بالبطلان).

(4) قال الإمام الخميني: (بل لا يجوز في بعض الأحيان كما مر). قال آقا ضياء: (بل في جواز إتمامها تأمّل كما أشرنا إلى وجهه).

ان السيد رضوان الله عليه ذكر في هذه المسألة أربع فروع:

الأول: ما إذا تخيل المأموم ان الامام في الأوليين وانتبه في اثناء القيام قبل الركوع انه كان في الأخيرتين: فحكم بوجوب القراءة عليه ولا اقل من الفاتحة ثم يلحق بالإمام سواء أدرك الامام في ركوعه او أدركه في سجدته. في هذا الفرع اشترط محقق العراقي في وجوب القراءة على المأموم تمكُّنه من درك ركوع الامام لا لوجوب المتابعة بل لأنه يرى ان درك الصلاة في الركعة الأولى متوقف على درك ركوع الامام، اما مثل السيد رضوان الله عليه حيث يري ان الروايات الناطقة بان أخر فرصة للحوق بالجماعة هي الركوع ارادت المبتدي في الدخول ولكن الذي هو داخل في الجماعة لا يضره عدم درك ركوع الامام فيجب عليه اكمال الفاتحة ولو بان يدرك الامام في السجود ونحن أيضا وافقناه في هذا القول.

والوجه في هذا الرأي منه ان المأموم لا زال في القيام وهو موطن القراءة فيجب عليه اتيانها. من ناحية أخرى انه لم يجعل المتابعة في مفردات الأفعال شرطا لصحة الجماعة بل يرى انها واجب تعبدي ووجوب القراءة عليه، يرفع وجوب المتابعة عنه، فلا يبقى عليه اثم، ولكن عليه ان يكتفي بمقدار الضرورة وهو قراءة الفاتحة فقط. اما مثل السيد الخوئي الذي ذهب الى الوجوب الشرطي للمتابعة بقي مردداً بين احدى الاحتمالات الثلاثة: ترك الفاتحة والالتحاق في الركوع، أو ترك المتابعة والالتحاق في السجود، أو العدول إلى الإنفراد. ثم قال: (وقد عرفت أنّ الأظهر هو الأخير) أي الانفراد، [1]

واختار هذا الوجه لان على رأيه صلاة الجماعة عنده ملازم لترك أحد الواجبين اما القراءة واما المتابعة وامامه وجه بلا محذور وهو إتيان الصلاة منفرداً. ولكن نحن نرى وجوب اختيار القراءة ودرك الامام اما في الركوع او السجود.

الثاني: إذا تخيل المأموم ان الإمام في الأوليين فترك القراءة، ولم ينتبه الا في الركوع او ما بعده: فحكم بصحة الصلاة من دون شيء. لان القراءة واجب غير ركني فحديث لا تعاد يشمل تركها عن عذر الا على رأي المحقق النائيني حيث يرى موضوع حديث لا تعاد حصراً هو ما اخلّ به نسياناً. نعم عليه سجدتي السهو على راى من يرى وجوبهما لكل زيادة او نقيصة.

الثالث: إذا تخيّل أنّه في إحدى الأخيرتين فأكمل القراءة ثمّ تبيّن كونه في الأُوليين: فحكم المصنف بصحة الصلاة وليس عليه شيء. والسر في ذلك ان زيادة غير الأركان عن عذر لا تضر بالصلاة لحديث لا تعاد، وهو يري موارد وجوب سجدتي السهو خاص بالموارد الخمسة وازدياد القراءة ليس منها. نعم من ذهب الى وجوب سجدتي السهو لكل زيادة او نقيصة فهو يقال بوجوب سجدتي السهو عليه.

الرابع: إذا تخيل ان الامام في الأخيرتين وقبل اكمال القراءة تنبّه على كونه في الاُوليين: فحكم على عدم وجوب اكمال القراءة عليه. والوجه في ذلك ان القراءة غير واجبة على الماموم في الأوليين. والمحقق العراقي علق عليه بقوله: (بل في جواز إتمامها تأمّل) ولكن الامام الخميني تفرّس الى نقطة وهي ان تخيل كون الامام في الأخيرتين عادة ناشئ عن عدم سماع قراءة الامام ومن لم يسمع قراءة الامام يجوز له ان يقرء لنفسه فقال في تعليقه: (بل لا يجوز في بعض الأحيان)

كمن لا يسمع صوتا فزعم ان الامام في الأخيرتين ثم جاء الكهرباء واشتغل المكبرات فارتفع صوت الامام بالقراءة فعرف ان الامام في الأوليين فلا يجوز له القراءة، اما من كان لا يسمع صوتا وتخيل ان الامام في الأخيرتين فاشتغل بالقراءة وفي الاثناء تيقن لسبب ما ان الامام في الأوليين فيجوز له المداومة على القراءة لأنه لا يسمع صوت الامام، ولكن قبل ذلك كان يزعم وجوب القراءة على نفسه والأن عرف جواز القراءة له. ولابد ان نحمل قول المصنف: ( و لو تبيّن في أثنائها لا يجب إتمامها). على اعم من الجائز والحرام.

 


[1] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج17، ص287.