الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

43/03/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /مسألة25

قال المصنف رضوان الله عليه: (مسألة 25): إذا حضر المأموم الجماعة و لم يدر أنّ الإمام في الاوليين أو الأخيرتين قرأ الحمد و السورة بقصد القربة (2)، فإن تبيّن كونه في الأخيرتين وقعت في محلّها، و إن تبيّن كونه في الأُوليين لا يضرّه ذلك.

يمكن النظر في هذه المسألة من الجانبين الجانب الموضوعي والجانب الحكمي:

اما الجانب الموضوعي فتقريره: ان المكلف يدري ان الامام ان كان في الاولتين فلا تجب عليه القراءة و ان كان في الاخيرتين فتجب عليه القراءة فالشك ناشئ عن الشك في الموضوع بعد ما كان عالما بالحكم. فالشبهة شبهة موضوعية.

اما الجانب الحكمي هو انه: ما حكم مأموم لا يدري ان إمامه في الركعة الاُوليين او الركعة الاخيرتين؟ فالشبهة شبهة حكمية.

يمكن ان يقال بجريان اصل البر اءة بان يقول: قبل دخولي في الصلاة لم تجب علي القراءة لا ادري بدخولي في الصلاة وجبت علي القراءة او لا؟ الاصل عدم وجوب الزائد المشكوك فيه. وهذا من اجراء البراءة في الموضوع.

كما يمكن ان يقال قبل الشريعة لم يوجب الشارع القراءة على الشاك فلا يدري بعد ما ورود الحكم بوجوب الصلاة هل اوجب القراءة على الشاك او لا؟ فيجري اصالة البراءة عن وجوب القراءة على الشاك.

ولكن بما ان امامنا روايات تدل على انه لا صلاة الا بفاتحة الكتاب فالاصل في كل صلاة وجوب فراءتها حتى في صلاة الجماعة ففيها ايضا لا تسقط القراءة عن الماموم. بل الامام ينوب عنه فيها ولذا لو اخطأ الامام في القراءة يجب على الماموم ان يقرء صحيحها لنفسه اذا علم بذلك.

فلا يدرى فعلا هل سقطت عنه القراءة او لا؟ وهذا الشك ناشئ عن الجهل بالموضوع لانه لا يدري هل الامام يكون في الاوليين حتى تسقط عنه القراءة او في الاخيرتين حتى لا تسقط عنه القراءة؟ فالاصل عدم سقوطها فالمرجع اصالة الاشتغال.

قال السيد الخوئي ما ملخصه: (يجوز له تركها استناداً إلى الاستصحاب. وتقريب الاستصحاب: أنّ الموضوع لسقوط القراءة عن المأموم اقتداؤه خلف إمام يكون هو في إحدى الأولتين على ما يظهر من الروايات، وهذا الموضوع محقّق في المقام بضمّ الوجدان إلى الأصل، فإنّ الاقتداء خلف الإمام محرز بالوجدان، وكون الإمام في الأولتين محرز بالأصل، حيث إنّه كان في زمان في الركعتين الأولتين يقيناً، ونشكّ في انقلابه عمّا هو عليه بالدخول في الأخيرتين، ومقتضى الاستصحاب بقاؤه على ما كان. ونتيجة ذلك سقوط القراءة عن المأموم ، فيجوز له ترك القراءة استناداً إلى الأصل المزبور، بل الموضوع مجرّد اقتران الجزأين في الزمان واجتماعهما في الوجود، كما في استصحاب النهار المرتّب عليه وجوب الإمساك فيه وإن كان مقتضى الاحتياط هو ما عرفت).[1]

اقول: ان هذا الاستصحاب لا بأس به فيتقدم على البراءة لان الاستصحاب من الاصول المحرزه بخلاف البراءة فان موضوعها الشاك في الحكم الواقعي ولكن الاستصحاب رافع للشك تعبدا فلا يبقى موضوع للبراءة كما ان اشتغال الذمة بالقراءة يرتفع مع هذا الاستصحاب الذي يجعلنا متعبدا عللى سقوط القراءة و يحرز لنا وقوع قراءة الامام نيابة عن الماموم.

 


[1] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج17، ص285.