الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

43/03/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /وجوب الاخفات في الفراءة على المأموم

قال السيد اليزدي رضوان الله عليه:

(مسألة 22): يجب الإخفات في القراءة خلف الإمام و إن كان الصلاة جهريّة، سواء كان في القراءة الاستحبابيّة (1) كما في الأوّلتين مع عدم سماع صوت الإمام، أو الوجوبيّة كما إذا كان مسبوقاً بركعة أو ركعتين، و لو جهر جاهلًا (2) أو ناسياً لم تبطل صلاته (3)، نعم لا يبعد استحباب الجهر بالبسملة (4) كما في سائر موارد وجوب الإخفات.

تعليقات:

(1) على الأحوط. (الحائري).

(2) محلّ تأمّل في الجاهل. (البروجردي).لو كان جاهلًا بالحكم فالأحوط الإعادة. (النائيني).

(3) مع مراعاة تكليف المنفرد. (الحائري).

(4) بعيد. (الأصفهاني).محلّ إشكال. (الإمام الخميني).محلّ تأمّل. (الخوانساري).مشكل. (الگلپايگاني).عدم الاستحباب لا يخلو من قوّة.(البروجردي). فيه تأمّل. (الحكيم).فيه تأمّل لإمكان إطلاق الأمر بالإخفات لجميع أجزاء الفاتحة حتى البسملة و لكن لا يخلو ذلك عن تأمّل. (آقا ضياء).بل الأحوط الإخفات. (الحائري).لا يترك الاحتياط بالإخفات فيها. (الخوئي).

ففي وجوب اخفات القراءة للماموم في صلاة الجماعة اتفاق النظر ثم في صحة صلاة من لم يراعي الاخفات في القراءة جهلاً اشكل ثلاثة من الاعلام، وفي صورة النسيان ايضا ذهب الشيخ الحائري الى بطلان الجماعة وصحة الصلاة لو اتى بوظيفة المنفرد.

ثم بالنسبة الى الجهر ببسملة قوى المصنف الاستحباب و رفض الاستحباب تسعة من الاعلام من المذكورين في العروة المحشى.

فعلينا اولاً: ان نطلّ اطلالةً على ادلة لزوم الاخفات بالقراءة على المأموم، وحكم الاخلال به عمداً؟.

ثانياً: حكم من اخل بوجوب الاخفات جهلاً؟

ثالثاً: حكم الاخلال بواجب الاخفات نسياناً؟

رابعاً: هل وجوب الاخفات يشمل البسملة او ان البسمة يستحب الاجهار بها كما عليه المصنف و خالفه عمدة الاعلام.

الفرع الاوّل: في وجوب الاخفات بالقراءة على المأموم في الصلوات الجهرية اما في الاخفاتية فواضح حيث انها اخفاتية على كل حال.

اما في الماموم المسبوق في الجهرية فقد ورد النص على لزوم الاخفات فيها:

فقد ورد في صحيحة زرارة رواها الشيخ في التهذيب بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِذَا أَدْرَكَ الرَّجُلُ بَعْضَ الصَّلَاةِ- وَ فَاتَهُ بَعْضٌ خَلْفَ إِمَامٍ يَحْتَسِبُ بِالصَّلَاةِ خَلْفَهُ- جَعَلَ أَوَّلَ مَا أَدْرَكَ أَوَّلَ صَلَاتِهِ- إِنْ أَدْرَكَ مِنَ الظُّهْرِ أَوْ مِنَ الْعَصْرِ- أَوْ مِنَ الْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ وَ فَاتَتْهُ رَكْعَتَانِ- قَرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِمَّا أَدْرَكَ خَلْفَ الْإِمَامِ- فِي نَفْسِهِ بِأُمِّ الْكِتَابِ وَ سُورَةٍ- فَإِنْ لَمْ يُدْرِكِ السُّورَةَ تَامَّةً أَجْزَأَتْهُ أُمُّ الْكِتَابِ الحديث.[1] .

فانّ قوله: «في نفسه» صريح في الإخفات. وقد مرت بنا هذه الصحيحة عند بحثنا عن وظيفة الماموم المسبوق فی المسآلة الاولى من هذا الفصل.

إنّما الكلام في القراءة الاستحبابية كما في الأولتين من الجهريّة مع عدم سماع صوت الإمام حتّى الهمهمة، حيث يستحبّ فيهما القراءة للمأموم فهل يتعيّن عليه الإخفات حينئذ أو الجهر أو يتخيّر بين الأمرين؟ ثلاثة أقوال.:

الاول: التخيير بين الجهر والاخفات مستدلا على عدم وجود دليل يعين احدهما فان أدلّة الجهر قاصرة عن الشمول للمقام لانصرافها إلى القراءة الواجبة. و حيث لا دليل على الإخفات أيضاً فلا محالة يتخيّر بينهما.

الثاني: وجوب الجهر بها، مستدلا على عدم دليل على وجوب الاخفات فالمرجع هو الادلة التي تدل على وجوب الجهر في الصلوات الجهرية فما يدل على استحباب القراءة على الماموم ظاهر في اتّحاد المأمور به مع قراءة المنفرد في جميع الخصوصيات منها كونها جهراً لان المستحب هو نفس تلك الماهية كان واجبا على المنفرد.

الثالث: وجوب الإخفات كما اختاره في المتن، واستدل على ذلك بوجوه:

اولاً: بمفهوم الاولوية في صحيحة زرارة في المأموم المسبوق فانها دلت على وجوب الجهر في قراءة التي هي واجبة على المصلي لان الامام لا يتكفل عن الماموم المسبوق قراءته في الركعة الثالثة والرابعة، ففي ركعة الاولى والثاتية والامام متكفل بقراءة وانما يستحب للماموم ان يقرء في نفسه اولى برعاية الاخفات.

ثانياً: صحيحة قتيبة التي استدل بها السيد الخوئي رضوان الله عليه واليك نصها:

عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) محمد بن يعقوب وَ عَنْهُ(علي بن ابراهيم) عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا كُنْتَ خَلْفَ إِمَامٍ- تَرْتَضِي بِهِ فِي صَلَاةٍ يُجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ- فَلَمْ تَسْمَعْ قِرَاءَتَهُ فَاقْرَأْ أَنْتَ لِنَفْسِكَ- وَ إِنْ كُنْتَ تَسْمَعُ الْهَمْهَمَةَ فَلَا تَقْرَأْ.[2]

قال رضوان الله عليه: (فانّ قوله: «لنفسك» بمثابة قوله: في نفسك، اي في ضميرك و هو كناية عن الإخفات، و إلّا فكلّ أحد يقرأ لنفسه لا لغيره. فهذه الصحيحة ظاهرة في وجوب الإخفات في محلّ الكلام، و كأنّ دعوى خلوّ النصّ عمّا يدلّ على الإخفات في المقام نشأت عن الغفلة من ملاحظة هذه الصحيحة. و كيف ما كان، فهذه الصحيحة هي عمدة المستند. و كيف ما كان، فهذه الصحيحة هي عمدة المستند).[3] ونكمل بحثنا غداً ان شاء الله.

 

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص388، أبواب صلاة الجماعة، باب47، ح4، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص357، أبواب صلاة الجماعة، باب31، ح7، ط آل البيت.
[3] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج17، ص298.