الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

43/02/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /مسألة 21

قال المصنف: (مسألة 21): إذا اعتقد المأموم إمهال الإمام له في قراءته فقرأها و لم يدرك ركوعه لا تبطل صلاته (1)، بل الظاهر عدم البطلان إذا تعمّد ذلك (2) بل إذا تعمّد الإتيان بالقنوت مع علمه بعدم درك ركوع الإمام فالظاهر عدم البطلان).

بما انه في مسألة19 قال: و إذا أمهله الإمام في الثانية له للفاتحة و السورة و القنوت أتى بها، و إن لم يمهله ترك القنوت و إن لم يمهله للسورة تركها، و إن لم يمهله لإتمام الفاتحة أيضاً فالحال كالمسألة المتقدّمة من أنّه يتمّها و يلحق الإمام في السجدة أو ينوي الانفراد أو يقطعها و يركع مع الإمام و يتمّ الصلاة و يعيدها)

فالمراد من هذه المسألة قراءة السورة للمأموم المسبوق بركعة او ركعتين او ثلاث ركعات ففي الركعة الثالثة او الرابعة للامام التي لا يتحمل الامام القراءة من الماموم و يجب على الماموم ان يقرء لنفسه ما دام الامام قائم فقرء الحمد لنفسه ثم اذا تيقن بادراك الركوع فقرء السورة فقام الامام قبل ان يركع فصلاته وجماعته صحيحة بلا ريب. ولا تشمل هذه المسآلة قراءة الحمد لان البحث حول قراءة الحمد مضى في المسألة (18 و 19) كذلك حكم المصنف بصحة صلاته اذا علم انه لا يدرك فتعمد في القراءة ولم يدرك الركوع ايضا ثم ارتقى فحكم بصحة الصلاة اذا تعمد بقراءة القنوت الموجب لعدم ادراكه ركوع الامام.

تعليقات: (1) قال لسيد الفيروزآبادي: (و لكن يصير منفرداً أو تبطل الجماعة).

وقال مكارم الشيرازي: (إذا لم يلزم التأخّر الفاحش) فهما ذهبا الى بطلان الجماعة ولو لم يتعمد في عدم ادراك الركوع.

(2) قال الشيخ عبد الكريم الحائري: (فيه إشكال فلا يترك الاحتياط بإعادة الصلاة إذا تعمّد عدم الإدراك و لم يأت بوظيفة المنفرد).

وقال الگلپايگاني: (في الحمد؛ و أمّا في السورة و القنوت فمشكل)‌.

وقال السيد الخوئي: (لكنّه تنقلب صلاته فرادى؛ و كذا الحال في تعمّد القنوت، بل لا يبعد ذلك في الصورة الاولى أيضاً)

‌ وقال المكارم الشيرازي: (فيه و فيما بعده إشكال)‌

وهؤلاء خالفوا السيد في صورة العمد حتى السيد الخوئي لم يستبعد البطلان ولو لم يكن عامدا.

‌ فذكر المصنف في هذه المسألة ثلاث فروع: أحدها: (إذا اعتقد المأموم إمهال الإمام له في قراءته فقرأها و لم يدرك ركوعه لا تبطل صلاته)

ان الحكم في هذه المسألة له علاقة بالمسألة الثامنة من هذا الفصل من القول بوجوب متابعة المأموم للامام في افعال الصلاة دون اذكارها:

فمن الفقهاء من رأي ان وجوب المتابعة حكم تعبدي و واجب تكليفي فمن تركها اثم ولا يضر بجماعته الا اذا كانت مخالفته للامام في معظم اعمال الصلاة بحيث يخرج المصلى عن هيئة الجماعة لانه كما قلنا في المباحث السابقة تكفي في صحة الجماعة متابعة المأموم للامام في معظم الافعال وهو الذي اخترناه وهو مختار السيد وجمع من الفقهاء.

ومنهم من رأى ان وجوب المتابعة وجوب شرطي تبطل الجماعة بتركها ولو في مفردة من الاعمال ولا اثم عليه لان المتابعة لا وجوب لها في نفسها و انما صحة الجماعة موقوفة على رعايتها ومن ناحية اخرى الخروج من الجماعة في اثنائها لا اثم عليه ايضاً و هذا رأي السيد الخوئي رضوان الله عليه.

ولكنه رضوان الله عليه في موسوعته قال: (في فرض الاعتقاد فلا ينبغي الإشكال في صحّة الجماعة فضلًا عن الصلاة و إن استلزم الإخلال بالمتابعة خارجاً، فإنّها إنّما تجب لاقتضاء مفهوم الائتمام ذلك كما مرّ، و من الواضح أنّ الائتمام أنّما يستدعي المتابعة فيما يعتقد المأموم أنّه متابعة، لا واقعها و إن لم يعلم بها، و المفروض في المقام اعتقاده إمهال الإمام، و أنّ التخلّف لا يضرّ بالمتابعة لتخيّله إدراكه في الركوع. فانكشاف الخلاف لا يضرّ بالمتابعة الواجبة عليه بعد أن لم يكن قادحاً في صدق الائتمام العرفي).[1]

ولكن يرد عليه ان قوله: (أنّ التخلّف لا يضرّ بالمتابعة لتخيّله إدراكه في الركوع). ان ما ظهر من كلامه فيما مضى في المسألة السابقة عند ما قال السيد: (فمع الاطمئنان بعدم رفع رأسه قبل إتمامها لا يتركها ولايقطعها) علق عليه بقوله: (هذا فيما إذا كان التخلّف بمقدار لايضرّ بالمتابعة العرفية).[2] فظاهر كلامه لزوم الفورية للاتحاق بالامام في الركوع ولا يكفي مجرد ادراك الركوع اذا تاخر بمقدار يصدق عليه التأخّر عرفاً فكلامه هنا ينافي موقفه السابق من لزوم المتابعة فتدبر جيداً.

ومنهم من يرى وجوب المتابعة شرطياً ولكن لا يرى جواز الخروج من الجماعة من دون عذر فبما ابطل جماعته بعدم المتابعة فهو آثم. ولكن لا يخل بصحة صلاته. هذا هو الفرع الاول و هو في فرض عدم تعمده في عدم ادراك ركوع الامام فلا اثم عليه ايضاً.

 


[1] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج17، ص277.
[2] موسوعة الامام الخوئي، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج17، ص276.