الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

43/02/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/صلاة الجماعة /في سقوط السورة عن المأموم بمجرد ركوع الامام

 

كان بحثنا قبل عطلة الصيف في مسألة العشرين من فصل احكام الجماعة من العروة الوثقى حيث قال:

(مسألة 20): المراد بعدم إمهال الإمام المجوِّز لترك السورة ركوعه قبل شروع المأموم فيها، أو قبل إتمامها، و إن أمكنه إتمامها قبل رفع رأسه من الركوع فيجوز تركها بمجرّد دخوله في الركوع و لا يجب الصبر إلى أواخره، و إن كان الأحوط قراءتها ما لم يخف فوت اللحوق في الركوع، فمع الاطمئنان بعدم رفع رأسه قبل إتمامها لا يتركها و لا يقطعها.

و مؤدّى هذه المسألة هو أن الماموم المسبوق بركعتين الذي وظيفته قراءة الحمد و السورة يجوز له ترك السورة اذا ركع الامام قبل ان يبدء بالسورة او بعد ما دخل في السورة ولم يكتملها فيجوز له الركوع وترك السورة او ترك المتبقي منها، ولو علم انه يستطيع اكمال السورة و درك ركوع الامام، وانما احتاط احتياطاً استحبابياً بقراءة السورة او اكمالها اذا اطْمئن بدرك ركوع الامام.

وجمع من الفقهاء افتوا بوجوب هذا الاحتياط مستدلا باستصحاب وجوب القراءة على المأموم بعد دخول الامام الى الركوع. ومنهم من استدل بشمول اطلاقات التي دلت على وجوب قراءة السورة على المأموم و عدم شمول ادلة اسقاط السورة عن الماموم لمثل هذه الحالة.

وبعض الفقهاء ذهبوا الى وجوب المبادرة الى الركوع مع الامام حفظاً لواجب المتابعة وانما رخّصوا في اكمال السورة اذا لم ينافي المبادرة عرفاً، وبعضهم اجازوا اكمال السورة للمأموم ما لم يستلزم التأخّرالفاحش. وقد ذكرنا تعليقات بعض الفقهاء في بحثنا السابق على هذه المسألة فعليكم بالرجوع الى ما قلناه هناك. ومستند السيد ومن مال ميله في هذه المسألة هو صحيحة معاوية بن وهب: حيث قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يُدْرِكُ آخِرَ صَلَاةِ الْإِمَامِ- وَ هِيَ أَوَّلُ صَلَاةِ الرَّجُلِ- فَلَا يُمْهِلُهُ حَتَّى يَقْرَأَ- فَيَقْضِي الْقِرَاءَةَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ.[1]

لان المراد من درك أخر صلاة الامام هي الركعة الأخيرة وعدم امهال الامام لقراءة المأموم يتم بركوعه قبل ان يشرع او يفرغ المأموم من قراءته لانه لو كان الامام في حال الركوع فلا شك ان عليه التكبير والركوع مباشرة و قراءة الماموم تكون في ضرف قراءة الامام للتسبيحات او الحمد، والامام عليه السلام قرره على قضاء القراءة في آخر صلاته. فظاهرها يفيد جواز الركوع بمجرد ركوع الامام.

نعم أن السيد الخوئي رضوان الله عليه ناقش في دلالتها و اتعب نفسها في تبرير المناقشة ولكن ترد على محاولاته اشكالات واردة لا دافع عنها، قد ذكرنا تلك المناقشات بتفصيلها ثم اجبنا عنها و لا نعود الى ذكرها حرصا للتقدم في البحث فليراجع الراغب الى تفاصيل المناقشة الى ما بيناه سابقاً. وعلى كل حال ليس بغريب صدور مطالب غريبة عن فحول العلماء لشدة جولان افكارهم مما يسبب التجاوز عن الصواب احياناً. والعصمة لاهلها.

مضافا الى دلالة صحيح زرارة قال (عليه السلام): «إن أدرك من الظهر أو من العصر أو من العشاء ركعتين و فاتته ركعتان قرأ في كلّ ركعة ممّا أدرك خلف الإمام في نفسه بأُمّ الكتاب و سورة، فان لم يدرك السورة تامّة أجزأته أُمّ الكتاب ...»[2] . على المطلوب ببيان اوضح

.فاستنتجنا من بحثنا سابقاً صحة خيار المصنف في هذه المسألة من أنّ المراد من عدم إمهال الإمام المسوّغ لترك السورة هو مجرّد دخول الامام في الركوع قبل شروع المأموم للقراءة أو قبل إتمامها كما ذكره الماتن. نعم لا بأس بقراءة الماموم إن تمكّن من إتمامها قبل رفع الامام رأسه من الركوع. فان الاقوى لزوم درك المأموم لركوع الامام في الركعة الاولى من جماعته كما حققناه.

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص388، أبواب صلاة الجماعة، باب47، ح5، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج1، ص388، أبواب صلاة الجماعة، باب47، ح4، ط آل البيت.