الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/05/22

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: ولایة الفقیه /کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر الأمر بالمعروف

كان كلامنا في رأي المحقق النائيني حول مسألة ولاية الفقيه وذكرنا مقالته في منية الطالب. و كذلك تعرّض لمبحث ولاية الفقيه في تنبيه الأمة قال رضوان الله عليه:

(از جمله قطعيّات مذهب ما- طائفۀ اماميّه- اين است كه در اين عصر غيبت- على مغيبه السّلام- آنچه از ولايات نوعيّه را كه عدم رضاى شارع مقدّس به اهمال آن، حتى در اين زمينه هم، معلوم باشد، وظائف حسبيّه» ناميده، نيابت فقهاى عصر غيبت را در آن قدر متيقّن و ثابت دانستيم حتى با عدم ثبوت نيابت عامّه در جميع مناصب؛ و چون عدم رضاى شارع مقدّس به اختلال نظام و ذهاب بيضۀ اسلام و بلكه اهمّيّت وظائف راجعه به حفظ و نظم ممالك اسلاميّه از تمام امور حسبيّه از اوضح قطعيّات است، لهذا ثبوت نيابت فقها و نوّاب عامّ عصر غيبت در اقامۀ وظائف مذكوره از قطعيّات مذهب خواهد بود).[1]

ترجمته: (من جملة قطعيات مذهبنا طائفة الامامية لعصر الغيبة – على مُغيّبه السلام- أنّ ما عُلم من الولايات النوعيّة التي لا يرضى الشارع بإهمالها وتسمّى تلك الأمور بالوظائف الحسبية، فنيابة الفقهاء في تلك الولايات هي القدر المتيقن من ولاية الفقيه ولو لم نقل بالنيابة العامة لهم في جميع المناصب، لانّ عدم رضى الشارع المقدس باختلال النظام و ذهاب بيضة الاسلام بل اهمية الاهتمام بالوظائف التي تعود الى نظم الدول الاسلامية من الامور الحسبية هي من اوضح القطعيات، ولذا نيابة الفقهاء و نواب العام لعصر الغيبة في إقامة الوظائف المذكورة تكون من قطعيات المذهب).

وقال المرحوم آية الله السيد حسين البروجردي: («اتّفق الخاصة و العامة على انه يلزم في محيط الإسلام وجود سائس و زعيم يدبّر أمور المسلمين، بل هو من ضروريات الإسلام و ان اختلفوا في شرائطه و خصوصياته و ان تعيينه من قبل رسول اللّه «ص» أو بالانتخاب العمومي.»[2]

وقال ايضاً: قد تلخّص مما ذكرناه:1- أنّ لنا حوائج اجتماعية تكون من وظائف سائس الاجتماع و قائده.2- و أنّ الديانة المقدسة الإسلامية أيضا لم يهمل هذه الأمور بل اهتم بها أشدّ الاهتمام و شرّعت بلحاظها أحكامها كثيرة و فوّضت إجراءها إلى سائس المسلمين.3- و أنّ سائس المسلمين في الصدر الأوّل لم يكن إلّا نفس النبي صلّى الله عليه و آله ثم الخلفاء بعده. و حينئذ فنقول: إنّه لمّا كان من معتقداتنا معاشر الشيعة الإمامية أن خلافة رسول الله صلّى الله عليه و آله و زعامة المسلمين من حقوق الأئمة الاثني عشر عليهم صلوات الله و أن رسول الله صلّى الله عليه و آله لم يهمل أمر الخلافة بل عيّن لها من بعده عليّا عليه السلام ثم انتقلت منه إلى أولاده، عترة رسول الله صلّى الله عليه و آله، و كان تقمّص الباقين و تصديهم لها غصبا‌ لحقوقهم، [1] فلا محالة كان المرجع الحق لتلك الأمور الاجتماعية التي يبتلى بها‌ جميع المسلمين هو الأئمة الاثنا عشر عليهم السلام و كانت من وظائفهم الخاصّة مع القدرة عليها. فهذا أمر يعتقده جميع الشيعة الإمامية، و لا محالة كان مركوزا في أذهان أصحاب الأئمة عليهم السلام أيضا. فكان أمثال زرارة و محمّد بن مسلم من فقهاء أصحاب الأئمة و ملازميهم لا يرون المرجع لهذه الأمور و المتصدي لها عن حق إلّا الأئمة أو من نصبوهم لها، و لذلك كانوا يراجعون إليهم فيما يتفق لهم مهما أمكن، كما يعلم ذلك بمراجعة أحوالهم. إذا عرفت هذه المقدمات فنقول: إنّه لمّا كان هذه الأمور و الحوائج الاجتماعية مما يبتلى بها الجميع مدّة عمرهم غالبا و لم يكن الشيعة في عصر الأئمة متمكنين من الرجوع إليهم عليهم السلام في جميع الحالات- كما يشهد بذلك مضافا إلى تفرقهم في البلدان عدم كون الأئمة مبسوطي اليد بحيث يرجع إليهم في كلّ وقت لأيّ حاجة اتفقت- فلا محالة يحصل لنا القطع بأن أمثال زرارة و محمد بن مسلم و غيرهما من خواصّ الأئمة سألوهم عمن يرجع إليه في مثل تلك الأمور إذا لم يتمكنوا منهم عليهم السلام، و نقطع أيضا بأنّ الأئمة عليهم السلام لم يهملوا هذه الأمور العامّة البلوى التي لا يرضى الشارع بإهمالها، بل نصبوا لها من يرجع إليه شيعتهم إذا لم يتمكنوا منهم عليهم السلام، و لا سيما مع علمهم عليهم السلام بعدم تمكن أغلب الشيعة من الرجوع إليهم بل عدم تمكّن الجميع في عصر غيبتهم التي كانوا يخبرون عنها غالبا و يهيئون شيعتهم لها. و هل لأحد أن يحتمل أنّهم عليهم السلام نهوا شيعتهم عن الرجوع إلى الطواغيت و قضاة الجور و مع ذلك أهملوا لهم هذه الأمور و لم يعينوا من يرجع إليه الشيعة في فصل الخصومات و التصرف في أموال الغيب و القصّر و الدفاع عن حوزة الإسلام و نحو ذلك من الأمور المهمة التي لا يرضى الشارع بإهمالها؟ و كيف كان فنحن نقطع بأنّ أصحاب الأئمة عليهم السلام سألوهم عمّن يرجع إليه الشيعة في تلك الأمور مع عدم التمكّن منهم عليهم السلام و أنّ الأئمة عليهم السلام أيضا أجابوهم بذلك و نصبوا للشيعة مع عدم التمكن منهم عليهم السلام أشخاصا يتمكنون منهم إذا احتاجوا، غاية الأمر سقوط تلك الأسئلة و الأجوبة من الجوامع التي بأيدينا و لم يصل إلينا إلّا ما رواه عمر بن حنظلة و أبو خديجة. و إذا ثبت بهذا البيان النصب من قبلهم عليهم السلام و أنهم لم يهملوا هذه الأمور المهمة التي لا يرضى الشارع بإهمالها- و لا سيّما مع إحاطتهم بحوائج شيعتهم في عصر الغيبة- فلا محالة يتعين الفقيه لذلك، إذ لم يقل أحد بنصب غيره. فالأمر يدور بين‌ ‌عدم النصب و بين نصب الفقيه العادل، و إذا ثبت بطلان الأوّل بما ذكرناه صار نصب الفقيه مقطوعا به، و يصير مقبولة ابن حنظلة أيضا من شواهد ذلك. و إن شئت ترتيب ذلك على النظم القياسي فصورته هكذا: إمّا أنه لم ينصب الأئمة عليهم السلام أحدا لهذه الأمور العامّة البلوى و إمّا أن نصبوا الفقيه لها، لكن الأوّل باطل فثبت الثاني. فهذا قياس استثنائي مؤلّف من قضية منفصلة حقيقة و حملية دلّت على رفع المقدم، فينتج وضع التالي، و هو المطلوب.[3]

قال الشهيد سيد محمد باقر الصدر: المجتهد المطلق إذا توافرت فيه سائر الشروط الشرعية في مرجع التقليد‌ المتقدمة في الفقرة (4) جاز للمكلف أن يقلده كما تقدم، و كانت له‌ الولاية الشرعية العامة في شئون المسلمين شريطة أن يكون كفؤا لذلك من الناحية الدينية و الواقعية معا. و للمجتهد المطلق أيضا ولاية القضاء، و يسمى على هذا الأساس بالحاكم الشرعي.[4]

وقال السيد الخوئي في المنهاج: ((مسألة 1158):إذا قبض الحاكم الشرعي الزكاة بعنوان الولاية العامة برئت ذمة المالك، و إن تلفت بعد ذلك بتفريط أو بدونه، أو دفعها إلى غير المستحق).[5] وقال في باب الجهاد: (أنّا لو قلنا بمشروعيّة أصل الجهاد في عصر الغيبة فهل يعتبر فيها إذن الفقيه الجامع للشرائط أو لا؟ يظهر من صاحب الجواهر (قدس سره) اعتباره بدعوى عموم ولايته بمثل ذلك في زمن الغيبة. و هذا الكلام غير بعيد بالتقريب الآتي، و هو أنّ على الفقيه أن يشاور في هذا الأمر المهم أهل الخبرة و البصيرة من المسلمين حتى يطمئن بأنّ لدى المسلمين من العدّة و العدد ما يكفي للغلبة على الكفّار الحربيّين، و بما أنّ عملية هذا الأمر المهم في الخارج بحاجة إلى قائد و آمر يرى المسلمين نفوذ أمره عليهم، فلا محالة يتعيّن ذلك في الفقيه الجامع للشرائط، فإنّه يتصدّى لتنفيذ هذا الأمر المهم من باب الحسبة على أساس أنّ تصدّى غيره لذلك يوجب الهرج و المرج و يؤدّي إلى عدم تنفيذه بشكل مطلوب و كامل).[6] وله رضوان الله عليه تفاصيل لموارد الولاية للفقيه لا مجال للتعرض لها.


[1] تنبيه الامة وتنزيه الملة، ص75.
[2] البدر الزاهر، السید البروجردي، ص74.
[3] البدر الزاهر، السید البروجردي، ص79.
[4] الفتاوى الواضحة، السید محمدباقر الصدر، ص29.
[5] منهاج الصالحین، السید الخوئي، ج1، ص317.
[6] منهاج الصالحین، السید الخوئي، ج1، ص366.