الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

40/04/15

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: اقامة الحد بواسطة الرجل علی ولده /کتاب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر الأمر بالمعروف

كان بحثنا في اقامة الحد بواسطة المرأة والمكاتب والفاسق على مملوكهم فقلنا ان اطلاق ادلة اللفظية يفيد جوازها خلافا للشهيد ولكن قلنا في اليوم الماضي في النفس شيء فنقول:

لو كنا وصناعة الفقه لقلنا بان الاطلاق يفيد جواز اقامة الحد لكل الطوائف الثلاثة ولكن يمكن الترديد في شمول الاطلاق لها لأن الاطلاق بالنسبة الى المرأة ليس نصاً و انما يستفاد من الظاهر، ومن جانب آخر نعرف ان المرأة غير محرم لعبده، اما اذا كان المملوك أمَة فلا وجه لهذا الاستغراب، ولكن يبقى انّ توظيف المرأة لمثل هذه الوظائف غير مأنوس في الشرع، واما العبد المكاتب فاذا كان مكاتبا مشروطا فلا تشمله الادلة قطعاً واذا كانت المكاتبة مطلقة فيمكن شمول الأدلة لها ثبوتاً ولكن بما انّ المصداق لهذا الفرض قليل جداً فكون المولى بصدد بيان مثل هذا الفرض ايضاً بعيد ومن شرائط الاطلاق كون المتكلم بصدد بيان المورد الذي نريد ان نستخرجه من الاطلاق ولا أقل أن الاحتياط يقتضي نفيه، و في الفاسق لا بأس بالإطلاق بشرط ان يثبت صدق ادعائه عليه. فنذهب الى لزوم الاحتياط في عدم اقامة الحد من الطوائف الثلاثة.

ثم ذكر صاحب الجواهر فروع اخرى في اقامة الحد على العبيد والاماء لا نرى كثير فائدة في ذكرها لعدم وجود موضوعها في هذا العصر فنتركها توفيرا للوقت.

ثم قال المحقق رضوان الله عليه : (وهل يقيم الرجل الحد على ولده وزوجته فيه تردد).

اختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثلاثة اقوال: فمنهم من أفتى بالجواز: كالشيخ و ابن براج و الشهيد الأول. ومنهم من افتى بعدم الجواز كالمفيد و ابن زهرة و ابن إدريس و الطبرسي و الكركي و الشهيد الثاني، و لعل هذا القول هو أشهر، و منهم من تردّد في الحكم كالمصنف والمحقق الحلي في المختصر النافع فقال: (و قيل: يقيم الرجل الحد على زوجته و ولده) [1] فلم يبدي رأياً، و العلامة في القواعد حيث قال: (و في إقامته على ولده و زوجته قول بالجواز)[2] ثم لم يشر الى رأيه في المسألة، وقريب من هذا التعبير ورد عن الشيخ في النهاية[3] و عن ابن البرّاج في المهذّب[4]

واستدل المجوّزون بأمور:

منها: الروايات التي تدل على كمال سلطنة الوالد والزوج على الولد والزوجة.

كصحيحة محمد بن مسلم: عن مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَحْتَاجُ إِلَى مَالِ ابْنِهِ- قَالَ: "يَأْكُلُ مِنْهُ مَا شَاءَ مِنْ غَيْرِ سَرَفٍ- وَ قَالَ فِي كِتَابِ عَلِيٍّ ع أَنَّ الْوَلَدَ- لَا يَأْخُذُ مِنْ مَالِ وَالِدِهِ شَيْئاً- إِلَّا بِإِذْنِهِ وَ الْوَالِدَ يَأْخُذُ مِنْ مَالِ ابْنِهِ مَا شَاءَ- وَ لَهُ أَنْ يَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ ابْنِهِ إِذَا لَمْ يَكُنِ الِابْنُ وَقَعَ عَلَيْهَا- وَ ذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ‌ لِرَجُلٍ أَنْتَ وَ مَالُكَ لِأَبِيكَ". [5]

وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ (الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ حَمَّادٍ) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ قَالَ: سَأَلْتُهُ يَعْنِي أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع مَا ذَا يَحِلُّ لِلْوَالِدِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ- قَالَ أَمَّا إِذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ وَلَدُهُ بِأَحْسَنِ النَّفَقَةِ- فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ شَيْئاً- وَ إِنْ كَانَ لِوَالِدِهِ جَارِيَةٌ لِلْوَلَدِ فِيهَا نَصِيبٌ- فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا- إِلَّا أَنْ يُقَوِّمَهَا قِيمَةً تَصِيرُ لِوَلَدِهِ قِيمَتُهَا عَلَيْهِ- قَالَ وَ يُعْلِنُ ذَلِكَ- قَالَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْوَالِدِ أَ يَرْزَأُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ شَيْئاً- قَالَ نَعَمْ وَ لَا يَرْزَأُ الْوَلَدُ مِنْ مَالِ وَالِدِهِ شَيْئاً- إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِنْ كَانَ لِلرَّجُلِ وُلْدٌ صِغَارٌ- لَهُمْ جَارِيَةٌ فَأَحَبَّ أَنْ‌ يَقْتَضِيَهَا-فَلْيُقَوِّمْهَا عَلَى نَفْسِهِ قِيمَةً- ثُمَّ لْيَصْنَعْ بِهَا مَا شَاءَ إِنْ شَاءَ وَطِئَ وَ إِنْ شَاءَ بَاعَ.

صحيحة ابي حمزة وَ عَنْهُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ لِرَجُلٍ أَنْتَ وَ مَالُكَ لِأَبِيكَ- قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع مَا أُحِبُّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ ابْنِهِ- إِلَّا مَا احْتَاجَ إِلَيْهِ- مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ إِنَّ اللَّهَ لٰا يُحِبُّ الْفَسٰادَ"[6]

وَ عَنْهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَ يَحُجُّ الرَّجُلُ مِنْ مَالِ ابْنِهِ- وَ هُوَ صَغِيرٌ قَالَ نَعَمْ- قُلْتُ يَحُجُّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَ يُنْفِقُ مِنْهُ قَالَ نَعَمْ بِالْمَعْرُوفِ- ثُمَّ قَالَ نَعَمْ يَحُجُّ مِنْهُ- وَ يُنْفِقُ مِنْهُ إِنَّ مَالَ الْوَلَدِ لِلْوَالِدِ- وَ لَيْسَ لِلْوَلَدِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ وَالِدِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ.أَقُولُ: تَجْوِيزُ أَخْذِ نَفَقَةِ الْحَجِّ مَحْمُولٌ عَلَى أَخْذِهَا قَرْضاً أَوْ تَسَاوِي نَفَقَةِ السَّفَرِ وَ الْحَضَرِ مَعَ وُجُوبِ نَفَقَتِهِ عَلَى الْوَلَدِ وَ اسْتِقْرَارِ الْحَجِّ فِي ذِمَّتِهِ.وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ- قَالَ قُوتُهُ بِغَيْرِ سَرَفٍ إِذَا اضْطُرَّ إِلَيْهِ- قَالَ فَقُلْتُ لَهُ فَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ ص لِلرَّجُلِ- الَّذِي أَتَاهُ فَقَدَّمَ أَبَاهُ فَقَالَ لَهُ- أَنْتَ وَ مَالُكَ لِأَبِيكَ- فَقَالَ إِنَّمَا جَاءَ بِأَبِيهِ إِلَى النَّبِيِّ ص فَقَالَ- يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أَبِي وَ قَدْ ظَلَمَنِي مِيرَاثِي مِنْ أُمِّي- فَأَخْبَرَهُ الْأَبُ أَنَّهُ قَدْ أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ وَ عَلَى نَفْسِهِ- وَ قَالَ أَنْتَ وَ مَالُكَ لِأَبِيكَ- وَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الرَّجُلِ شَيْ‌ءٌ- أَ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَحْبِسُ الْأَبَ لِلِابْنِ.

و باب 79 و 91 من ابواب مقدمات النكاح) راجعوا الروايات حتى نكمل بحثنا غدا حولها.

 


[1] المختصر النافع في فقه الامامية، المحقق الحلي، ج1، ص115.
[2] قواعد الأحكام، العلامة الحلي، ج1، ص525.
[3] النهاية، الشيخ الطوسي، ج1، ص300.
[4] المهذب، القاضي ابن البراج، ج1، ص342.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج17، ص262، أبواب ما یکتسب به، باب78، ح1، ط آل البيت.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج17، ص262، أبواب ما یکتسب به، باب78، ح2، ط آل البيت.