الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

39/08/07

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : حکم من سب الامام علیه السلام/قتال اهل البغی/رکن الرابع/المهادنه/ احکام اهل الذمه/کتاب الجهاد

كان كلامنا فيما ذكره المصنف كخاتمة لمبحث احكام البغاة التي هي آخر فصول مبحث الجهاد حيث قال: (من منع الزكاة لا مستحلا فليس بمرتد، و يجوز قتاله حتى يدفعها، و من سبّ الإمام العادل وجب قتله، و إذا قاتل الذمي مع أهل البغي خرق الذمة، و للإمام عليه السلام أن يستعين بأهل الذمة في قتال أهل البغي، و لو أتلف الباغي على العادل مالا أو نفسا في حال الحرب ضمنه، و من أتى منهم ما يوجب حدا و اعتصم بدار الحرب فمع الظفر به يقام عليه الحد)[1] . وهذا المقطع يشتمل على سبعة فروع قد فرعنا في اليوم الماضي من الاثنين منها.

الثالث: (و من سبّ الإمام العادل وجب قتله)

قال في الجواهر تعليقا لهذه المسألة: بلا خلاف أجده فيه، بل في ظاهر المنتهى و محكي التذكرة الإجماع عليه، كما عن صريح جماعة،[2]

وهناك روايات كثيرة دالة على هذا المعنى:

منها: ما رواه« كلينيَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَخِي مُوسَى علیه السلام قَالَ- كُنْتُ وَاقِفاً عَلَى رَأْسِ أَبِي- حِينَ أَتَاهُ رَسُولُ زِيَادِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيِّ- عَامِلِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ يَقُولُ لَكَ الْأَمِيرُ- انْهَضْ إِلَيَّ فَاعْتَلَّ بِعِلَّةٍ فَعَادَ إِلَيْهِ الرَّسُولُ- فَقَالَ قَدْ أَمَرْتُ أَنْ يُفْتَحَ لَكَ بَابُ الْمَقْصُورَةِ- فَهُوَ أَقْرَبُ لِخَطْوِكَ- قَالَ فَنَهَضَ أَبِي وَ اعْتَمَدَ عَلَيَّ وَ دَخَلَ عَلَى الْوَالِي- وَ قَدْ جَمَعَ فُقَهَاءَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كُلَّهُمْ- وَ بَيْنَ يَدَيْهِ كِتَابٌ- فِيهِ شَهَادَةٌ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ وَادِي الْقُرَى- قَدْ ذَكَرَ النَّبِيَّ صلی اللهعلیه وآله فَنَالَ مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ الْوَالِي: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ انْظُرْ فِي الْكِتَابِ- قَالَ حَتَّى أَنْظُرَ مَا قَالُوا فَالْتَفَتَ إِلَيْهِمْ- فَقَالَ مَا قُلْتُمْ قَالُوا قُلْنَا- يُؤَدَّبُ وَ يُضْرَبُ وَ يُعَزَّرُ وَ يُحْبَسُ- قَالَ فَقَالَ لَهُمْ أَ رَأَيْتُمْ لَوْ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلی الله علیه وآله- مَا كَانَ الْحُكْمُ فِيهِ قَالُوا مِثْلَ هَذَا- قَالَ فَلَيْسَ بَيْنَ النَّبِيِّ صلی الله علیه وآله وَ بَيْنَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَرْقٌ- فَقَالَ الْوَالِي دَعْ هَؤُلَاءِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ- لَوْ أَرَدْنَا هَؤُلَاءِ لَمْ نُرْسِلْ إِلَيْكَ- فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی الله علیه وآله- قَالَ النَّاسُ فِيَّ أُسْوَةٌ سَوَاءٌ مَنْ سَمِعَ أَحَداً يَذْكُرُنِي- فَالْوَاجِبُ‌ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتُلَ مَنْ شَتَمَنِي- وَ لَا يَرْفَعَ إِلَى السُّلْطَانِ- وَ الْوَاجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ إِذَا رُفِعَ إِلَيْهِ- أَنْ يَقْتُلَ مَنْ نَالَ مِنِّي- فَقَالَ زِيَادُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخْرِجُوا الرَّجُلَ- فَاقْتُلُوهُ بِحُكْمِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام." [3]

سندها ضعيف بسهل بن زياد‌ واما الدلالة فقوله صلى الله عليه واله: ( مَنْ سَمِعَ أَحَداً يَذْكُرُنِي- فَالْوَاجِبُ‌ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتُلَ مَنْ شَتَمَنِي- وَ لَا يَرْفَعَ إِلَى السُّلْطَانِ) واضح في الوجوب.

وبما ان ائمة الهدى هم مشاركون في هذه الاحكام مع رسول الله صلى الله عليه واله فيعمهم هذا الحكم ايضاً.

وغيرها من ما ورد في باب 25 (بَابُ قَتْلِ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ ص أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِع)،‌ و باب 27 (بَابُ قَتْلِ مَنْ سَبَّ عَلِيّاً أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ ع وَ مُطْلَقِ النَّاصِبِ مَعَ الْأَمْنِ) نصت على ذلك:

منها: « وكلينيَ عَنْ محمد بن يحيى عَنْ أَحْمَدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ رَبِيعِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْعَامِرِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام أَيَّ شَيْ‌ءٍ تَقُولُ- فِي رَجُلٍ سَمِعْتُهُ يَشْتِمُ عَلِيّاً علیه السلام وَ يَبْرَأُ مِنْهُ- قَالَ فَقَالَ لِي وَ اللَّهِ هُوَ حَلَالُ الدَّمِ- وَ مَا أَلْفٌ مِنْهُمْ بِرَجُلٍ مِنْكُمْ دَعْهُ". [4]

و منها: 1- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ سَبَّابَةٍ لِعَلِيٍّ علیه السلام؟ قَالَ فَقَالَ لِي: حَلَالُ الدَّمِ وَ اللَّهِ لَوْ لَا أَنْ تَعُمَّ بَرِيئاً- قَالَ قُلْتُ: فَمَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ مُوذٍ لَنَا؟ قَالَ فِي مَا ذَا؟ قُلْتُ فِيكَ يَذْكُرُكَ- قَالَ فَقَالَ لِي لَهُ فِي عَلِيٍّ علیه السلام نَصِيبٌ؟- قُلْتُ إِنَّهُ لَيَقُولُ ذَاكَ وَ يُظْهِرُهُ- قَالَ لَا تَعَرَّضْ لَهُ. وَ رَوَاهُ الصَّدُوقُ فِي الْعِلَلِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ مِثْلَهُ إِلَى قَوْلِهِ تَعُمَّ بِهِ بَرِيئاً قَالَ قُلْتُ: لِأَيِّ شَيْ‌ءٍ يَعُمُّ بِهِ بَرِيئاً- قَالَ يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَ لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ"‌. [5]

سنده لا بأس به، و صريح في حلية دمهم الا خوفا على البريء.

ومنها ما يدل على جواز قتل الناصب: فعن مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فِي الْعِلَلِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ‌ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام مَا تَقُولُ فِي قَتْلِ النَّاصِبِ- فَقَالَ حَلَالُ الدَّمِ وَ لَكِنِّي أَتَّقِي عَلَيْكَ- فَإِنْ قَدَرْتَ أَنْ تَقْلِبَ عَلَيْهِ حَائِطاً- أَوْ تُغْرِقَهُ فِي مَاءٍ لِكَيْلَا يُشْهَدَ بِهِ عَلَيْكَ فَافْعَلْ- قُلْتُ فَمَا تَرَى فِي مَالِهِ قَالَ تَوِّهْ مَا قَدَرْتَ عَلَيْهِ.[6]

ثم ان صاحب الجواهر وسّع نطاق الحكم فقال: (بل ينبغي القطع بكفر الساب مع فرض استحلاله، إذ هو من منكري الضرورة حينئذ، بل الظاهر كفره و إن لم يكن مستحلا باعتبار كونه فعل ما يقتضي الكفر، كهتك حرمة الكعبة و القرآن، بل الإمام أعظم منهما، و لعله ظاهر المنتهى و غيره، لتعليله القتل بأنه كافر مرتد. بل الظاهر إلحاق سب فاطمة عليها السلام بهم و كذا باقي الأنبياء عليهم السلام بل و الملائكة، إذ الجميع من شعائر اللّٰه تعالى شأنه، فهتكها هتك حرمة اللّٰه تعالى شأنه، بل لا يبعد القول بقتل الساب حداً و إن تاب و قلنا بقبول توبته كالمرتد الفطري و إن لم يكن منه).[7]

ما قاله رضوان الله عليه كلمات قيمة ينبغي الوقوف عندها ولكن الفرصة لا تسمح لنا بذلك.

هناك نقطة اقف عندها وهو ما اعتاد عند بعض الشيعة الفساق انهم عند العصبية يسبون الله ورسوله والائمة عليهم السلام بل قد يسبون القرآن وذلك يوجب خروجهم عن الاسلام و جواز قتلهم لكل من سمع منهم الا ان نقول انهم يتلفظون بهذه الالفاظ من دون ان يشعروا بالمعاني وانما يتلفظون بها سبا لمن غضبوا عليه. وهذه العملية قبيحة جداً ويجب لكل مسلم ان يردعهم عن هذه العادة القبيحة اشد الردع.

الرابع: (وإذا قاتل الذمي مع أهل البغي خرق الذمة[8] والوجه فيه واضح لانه خرج عن الطاعة والصغار وخالف مقتضى عقد الذمة. وقد حكى في الجواهر: (عن التذكرة و المنتهى و غيرهما قبول دعواه لو ادعى الشبهة المحتملة في حقه، فيبقى على ذمته حينئذ، و في الدروس لو ادعوا الجهل أو الإكراه فالأقرب القبول، و لا بأس به).[9]

الخامس: (و للإمام عليه السلام أن يستعين بأهل الذمة في قتال أهل البغي[10] هذه الاستعانة منهم يجوز اذا شرطوا عليهم والا لا يجوز ذلك الا برضاهم

.السادس: (و لو أتلف الباغي على العادل مالا أو نفسا في حال الحرب ضمنه) لان ضمانهم مصداق لقاعدة من اتلف مال الغير فهو له ضامن.

السابع: (و من أتى منهم ما يوجب حدا و اعتصم بدار الحرب فمع الظفر به يقام عليه الحد) [11] لانه محكوم بحكم الاسلام فيجرى عليه الحد بالرتكاب موجبه ويشهد بذلك بعض الروايات و صرح كثير من فقهائنا بذلك فعلى من يرغب، الرجوع الى مصادرها والحمد لله.

 


[1] شرایع الاسلام، المحقق الحلی، ج1، ص309.
[2] جواهر الكلام، الشيخ محمد حسن النجفي، ج21، ص344.
[3] الوسائل الشیعة، الشیخ الحر العاملی، ج28، ص212، من ابواب حد القذف، باب25، ح2، ط آل البیت.
[4] الوسائل الشیعة، الشیخ الحر العاملی، ج28، ص215، باب27، من ابواب حد القذف، ح2، ط آل البیت.
[5] الوسائل الشیعة، الشیخ الحر العاملی، ج28، ص215، باب27، من ابواب حد القذف، ح1، ط آل البیت.
[6] الوسائل الشیعة، الشیخ الحر العاملی، ج28، ص216، باب27 من ابواب حد القذف، ح5، ط آل البیت.
[7] جواهر الکلام، الشیخ محمد حسن النجفی، ج21، ص345.
[8] شرایع الاسلام، المحقق الحلی، ج1، ص309.
[9] جواهر الکلام، الشیخ محمد حسن النجفی، ج21، ص346.
[10] شرایع الاسلام، المحقق الحلی، ج1، ص309.
[11] شرایع الاسلام، المحقق الحلی، ج1، ص309.