الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

39/07/29

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : سبی ذراری البغات/قتال اهل البغی/رکن الرابع/المهادنه/ احکام اهل الذمه/کتاب الجهاد

لقد اتضح مما قلناه في اليوم الماضي انه: لا يجوز سبي ذراري البغاة و لا تملّك نساؤهم، ولو ان بعض ما ذكرنا من الروايات كانت ظاهرة في ان الامام بالخيار من قتلهم و استرقاق الرجال منهم وسبي نسائهم و ذراريهم، او العفو منهم، ولكن الآية صريحة في انّ بعد ما فائوا تنتهي الحرب ولابد من الاصلاح بينهم وبين سائر المسلمين بالعدل والقسط، وما ورد في كفر المعاند للامام ومن خرج عليه، يحمل على كونهم في الواقع كفار وفي الظاهر محكوم بحكم المسلمين.

قال صاحب الجواهر: ( مما تضمنته النصوص المزبورة تنكشف الشبهة عن جملة من الأمور، منها نكاح عمر لأم كلثوم، و منها ملاقاتهم بالرطوبة و نحوها و غير ذلك من المعاملة معاملة المسلم الحقيقي، و حاصله أن هذا الزمان المسمى في النصوص بزمان الهدنة يجري عليهم فيه جميع أحكام المسلمين في الطهارة و أكل الذبائح و المناكحات و حرمة الأموال و نحو ذلك حتى يظهر‌ الحق فيجري عليهم حينئذ حكم الكفار الحربيين[1] ).

ثم اشار الى بعض النصوص وهي: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فِي عُيُونِ الْأَخْبَارِ بِأَسَانِيدِهِ الْآتِيَةِ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ الرِّضَا ع فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ قَالَ: "فَلَا يَحِلُّ قَتْلُ أَحَدٍ مِنَ النُّصَّابِ وَ الْكُفَّارِ فِي دَارِ التَّقِيَّةِ- إِلَّا قَاتِلٍ أَوْ سَاعٍ فِي فَسَادٍ- وَ ذَلِكَ إِذَا لَمْ تَخَفْ عَلَى نَفْسِكَ وَ عَلَى أَصْحَابِكَ[2] .

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ فِي قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنْ‌ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ زِيَادٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيّاً ع لَمْ يَكُنْ يَنْسُبُ أَحَداً مِنْ أَهْلِ حَرْبِهِ- إِلَى الشِّرْكِ وَ لَا إِلَى النِّفَاقِ- وَ لَكِنَّهُ كَانَ يَقُولُ هُمْ إِخْوَانُنَا بَغَوْا عَلَيْنَا[3] ". قال في الوسائل: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى التَّقِيَّةِ.

وَعن دعائم الاسلام عَنْ ابي جعفر عليه السلام عليه السلام: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلَهُمْ (علي عليه السلام)مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ أَ كَافِرُونَ هُمْ قَالَ كَفَرُوا بِالْأَحْكَامِ وَ كَفَرُوا بِالنِّعَمِ كُفْراً لَيْسَ كَكُفْرِ الَّذِينَ دَفَعُوا النُّبُوَّةَ وَ لَمْ يُقِرُّوا بِالْإِسْلَامِ وَ لَوْ كَانُوا كَذَلِكَ مَا حَلَّتْ لَنَا مُنَاكَحَتُهُمْ وَ لَا ذَبَائِحُهُمْ وَ لَا مَوَارِيثُهُمْ"[4]

ثم قال: (إلى غير ذلك من النصوص الدالة على جريان حكم المسلمين على البغاة من حيث البغي في زمن الهدنة، فضلا عما هو المعلوم من تتبع كتب السير من مخالطتهم و عدم التجنب عن أسئارهم و غير ذلك من أحكام المسلمين، و إن وجب قتالهم على الوجه الذي ذكرناه، لكن ذلك أعمّ من الكفر، نعم الخوارج منهم قد اتخذوا بعد ذلك ديناً و اعتقدوا اعتقادات صاروا بها كفاراً لا من حيث كونهم بغاة، و أما تغسيلهم و دفنهم و الصلاة عليهم فقد فرّعه بعضهم على الكفر و عدمه، و لكن قد يقال بعدم وجوب ذلك و إن لم نقل بكفرهم حال حياتهم، و لكن لهم حكمهم بعد موتهم كما سمعته سابقا في مطلق منكر الإمامة[5] ).

كما ورد في رسالته العملية قوله: غسل دادن شيعه اثنى عشري واجب است ولي غسل كفار چه از اهل کتاب باشند وچه از غیر ایشان واجب نیست اما در مورد مخالف واجب نبودن آن خالی از رجحان نیست[6] (مسئله 487مجمع الرسائل)

ولکن السید اليزدي قال: (بلكه ارجح وجوب آنست ليكن به طريق مذهب شيعة[7] )

وقال الامام الخميني في التحرير: (يجب تغسيل كل مسلم ولو كان مخالفاً على الاحوط فيه كما ان الاحوط تغسيله بالكيفية التي عندنا و التي عندهم) وقد ذهب الى الوجوب غسلهم وتكفينهم جل فقهاء القدامى و المعاصرين[8]

قال المصنف: (المسألة الثانية لا يجوز تملك شي‌ء من أموالهم التي لم يحوها العسكر سواء كانت مما تنقل كالثياب و الآلات أو لا تنقل كالعقارات، لتحقق الإسلام المقتضي لحقن الدم و المال[9] )

قال في الجواهر تعليقاً على كلام المحقق : (بلا خلاف أجده في شي‌ء من ذلك، بل في المسالك هو موضع وفاق، بل في صريح المنتهى و الدروس و محكي الغنية و التحرير الإجماع عليه، بل يمكن دعوى القطع به بملاحظة ما وقع من أمير المؤمنين عليه السلام في حرب أهل البصرة و النهر بعد الاستيلاء عليهم، مضافا إلى ما سمعته من النصوص السابقة[10] ) حتى الشهيد في الدروس ادعى الاجماع هنا بينما قال بالمشهور في مسئلة سبي الذراري وهذا الازدواجية في كلامه نشأ من غفلته.


[1] جواهر الکلام، الشیخ محمد حسن النجفی، ج21، ص337.
[2] الوسائل الشیعة الشیخ حرالعاملی، ج15، ص82، کتاب الجهاد العدو، باب26، ح9، ط آل البیت.
[3] الوسائل الشیعة، الشیخ الحر العاملی، ج15، ص82، کتاب الجهاد العدو، باب26، ح10، ط آل البیت.
[4] دعائم الاسلام، القاضي نعمان المغربي، ج1، ص338.
[5] جواهر الکلام، الشیخ محمد حسن النجفی، ج21، ص338.
[6] مجمع الرسائل، الشيخ محمد حسن النجفي، مسألة488، ج1، ص159.
[7] مجمع الرسائل، الشيخ محمد حسن النجفي، مسألة488، ج1، ص159.
[8] تحرير الوسيلة، الإمام خميني (قده)، ج1، ص65.
[9] شرایع الاسلام، المحقق الحلی، ج1، ص308.
[10] جواهر الکلام، الشیخ محمد حسن النجفی، ج21، ص339.