الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

39/07/28

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : سبی ذراری البغات/قتال اهل البغی/رکن الرابع/المهادنه/ احکام اهل الذمه/کتاب الجهاد

ان المصنف بعد طرح الركن الرابع في احكام اهل البغي و اكمال بحثه فيهم، ذكر اربع مسائل فقال: (الأولى لا يجوز سبي ذراري البغاة و لا تملك نساؤهم إجماعا)[1]

قال في الجواهر تضمينا لكلام المصنف: (محصلا و محكيا عن التحرير و غيره بل عن المنتهى «نفي الخلاف فيه بين أهل العلم» و عن التذكرة «بين الأمة» لكن في المختلف و المسالك نسبته إلى المشهور، و لعله لما في الدروس، قال: و نقل الحسن أن للإمام عليه السلام ذلك إن شاء، لمفهوم ‌قول علي عليه السلام «إني مننت على أهل البصرة كما من رسول اللّٰه (ص) على أهل مكة، و قد كان لرسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله أن يسبي فكذا الإمام عليه السلام»‌ و هو شاذ، قلت: بل لم نعرفه لأحد‌ منا، مع احتمال كون مراده أنه قد كان ذلك لأمير المؤمنين عليه السلام لو أراده إلا أن التقية جعلت الحكم كذلك).[2]

فهذه المسئلة من المسلمات عند فقهائنا الا ان الشهيد رضوان الله عليه اثار شبهة في المسألة مستفيداً مما ورد من علي عليه السلام على اهل بصرة كما من رسول الله صلى الله عليه وآله على اهل مكة. كرواية ابي حمزة الثمالي: وَ الشيخ في التهذيب باسناده عَنْ محمد بن الحسن الصفار عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْخَزَّازِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ عن الْحَكَمِ الْحَنَّاطِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع بِمَا سَارَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع- فَقَالَ إِنَّ أَبَا الْيَقْظَانِ كَانَ رَجُلًا حَادّاً رَحِمَهُ اللَّهُ- فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا تَسِيرُ فِي هَؤُلَاءِ غَداً- فَقَالَ بِالْمَنِّ كَمَا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي أَهْلِ مَكَّةَ".‌ [3]

في سنده عمران بن موسى هو الزيتوني وثقه النجاشي بقوله: (قمي ثقة) ومحمد بن وليد الخزاز وثقه النجاشي بقوله:(ثقة عين نقي الحديث) ومحمد بن سماعة معروف ، انما حكم الحناط هو حكم بن الايمن الحناط لم يوثق.

واما الدلالة: لان المنّ ظاهر في جواز خلافه.

وكذلك ‌خبر عبد اللّٰه بن سليمان: صدوق في علل الشرائع عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ النَّاسَ يَرْوُونَ- أَنَّ عَلِيّاً ع قَتَلَ أَهْلَ الْبَصْرَةِ وَ تَرَكَ أَمْوَالَهُمْ- فَقَالَ إِنَّ دَارَ الشِّرْكِ يَحِلُّ مَا فِيهَا- وَ إِنَّ دَارَ الْإِسْلَامِ لَا يَحِلُّ مَا فِيهَا- فَقَالَ إِنَّ عَلِيّاً ع إِنَّمَا مَنَّ عَلَيْهِمْ- كَمَا مَنَّ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ- وَ إِنَّمَا تَرَكَ عَلِيٌّ ع لِأَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَكُونُ لَهُ شِيعَةٌ- وَ أَنَّ دَوْلَةَ الْبَاطِلِ سَتَظْهَرُ عَلَيْهِمْ- فَأَرَادَ أَنْ يُقْتَدَى بِهِ فِي شِيعَتِهِ وَ قَدْ رَأَيْتُمْ آثَارَ ذَلِكَ- هُوَ ذَا يُسَارُ فِي النَّاسِ بِسِيرَةِ عَلِيٍّ ع- وَ لَوْ قَتَلَ عَلِيٌّ ع أَهْلَ الْبَصْرَةِ جَمِيعاً وَ اتَّخَذَ أَمْوَالَهُمْ- لَكَانَ ذَلِكَ لَهُ حَلَالًا- لَكِنَّهُ مَنَّ عَلَيْهِمْ لِيُمَنَّ عَلَى شِيعَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ.[4]

في سنده ضعف لربيع بن محمد حيث لم يرد له توثيق. وكذلك عبد الله بن سليمان. ولكن قوله: لكان ذلك له حلالاً صريح في الجواز.

و قريب منه خبر زرارة: وَعلي بن الحسين عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: لَوْ لَا أَنَّ عَلِيّاً ع سَارَ فِي أَهْلِ حَرْبِهِ بِالْكَفِّ عَنِ السَّبْيِ- وَ الْغَنِيمَةِ لَلَقِيَتْ شِيعَتُهُ مِنَ النَّاسِ بَلَاءً عَظِيماً ثُمَّ قَالَ- وَ اللَّهِ لَسِيرَتُهُ كَانَتْ خَيْراً لَكُمْ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ". [5]

سنده لا بأس به ودلالته في قوله بالكف الظاهر في جوازه وهو كف عنهم تفضلاً

وكذلك و خبر أبي بكر الحضرمي مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَرَّارٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ لَسِيرَةُ عَلِيٍّ ع فِي أَهْلِ الْبَصْرَةِ كَانَتْ خَيْراً لِشِيعَتِهِ- مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ إِنَّهُ عَلِمَ أَنَّ لِلْقَوْمِ دَوْلَةً- فَلَوْ سَبَاهُمْ لَسُبِيَتْ شِيعَتُهُ- قُلْتُ فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْقَائِمِ ع يَسِيرُ بِسِيرَتِهِ- قَالَ لَا إِنَّ عَلِيّاً ع سَارَ فِيهِمْ بِالْمَنِّ لِمَا عَلِمَ مِنْ دَوْلَتِهِمْ- وَ إِنَّ الْقَائِمَ يَسِيرُ فِيهِمْ- بِخِلَافِ تِلْكَ السِّيرَةِ لِأَنَّهُ لَا دَوْلَةَ لَهُمْ" [6]

باسناد الشيخ عن محمدبن حسن الصفار عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ هَارُونَ بَيَّاعِ الْأَنْمَاطِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع جَالِساً فَسَأَلَهُ مُعَلَّى بْنُ خُنَيْسٍ- أَ يَسِيرُ الْإِمَامُ بِخِلَافِ سِيرَةِ عَلِيٍّ ع قَالَ نَعَمْ- وَ ذَلِكَ أَنَّ عَلِيّاً ع سَارَ بِالْمَنِّ وَ الْكَفِّ- لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ شِيعَتَهُ سَيُظْهَرُ عَلَيْهِمْ- وَ أَنَّ الْقَائِمَ ع إِذَا قَامَ سَارَ فِيهِمْ بِالسَّيْفِ وَ السَّبْيِ- لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ شِيعَتَهُ لَنْ يُظْهَرَ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً. [7]

الشيخ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ الْقَلَّاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنِ الْقَائِمِ إِذَا قَامَ- بِأَيِّ سِيرَةٍ يَسِيرُ فِي النَّاسِ- فَقَالَ بِسِيرَةِ مَا سَارَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ص حَتَّى يُظْهِرَ الْإِسْلَامَ- قُلْتُ وَ مَا كَانَتْ سِيرَةُ رَسُولِ اللَّهِ ص- قَالَ أَبْطَلَ مَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَ اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِالْعَدْلِ- وَ كَذَلِكَ الْقَائِمُ إِذَا قَامَ يُبْطِلُ مَا كَانَ فِي الْهُدْنَةِ- مِمَّا كَانَ فِي أَيْدِي النَّاسِ وَ يَسْتَقْبِلُ بِهِمُ الْعَدْلَ.[8]

وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَهْبٍ عَنْ حَفْصٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: لَمَّا هَزَمَنَا عَلِيٌّ ع بِالْبَصْرَةِ رَدَّ عَلَى النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ- مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَعْطَاهُ وَ مَنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً أَحْلَفَهُ- قَالَ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ- اقْسِمِ الْفَيْ‌ءَ بَيْنَنَا وَ السَّبْيَ قَالَ فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ- قَالَ أَيُّكُمْ يَأْخُذُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فِي سَهْمِهِ فَكَفُّوا.[9]

قَالَ الصَّدُوقُ وَ قَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّاسَ اجْتَمَعُوا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع يَوْمَ الْبَصْرَةِ- فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْسِمْ بَيْنَنَا غَنَائِمَهُمْ- قَالَ أَيُّكُمْ يَأْخُذُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فِي سَهْمِهِ.[10]

اقول: بما ان الآية الكريمة تقول "فان فائوا فاصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا ان الله يحب المقسطين" فان هذه الآية تفيد ان الحرب تنتهي بكف اهل البغي عن الحرب سواء كان غصباً عليهم او بارادتهم، وما قد يقال بان البغاة على الامام عليه السلام هم كفار، فنقول هم كفار في الواقع ولعلهم اشد الكفار ولكن في الحكم الظاهري انهم محسوبون على الاسلام لدلالة الآية وسيرة ائمتنا عليهم السلام في التعامل معهم من امير المؤمنين الى غيره من الائمة عليهم صلوات المصلين. فلا يجوز سبيهم و لا قتلهم بعد انتهاء الحرب ولا نهب اموالهم من بيوتهم مما هو خارج عن المعسكر، الا اذا ارتكبوا ما يوجب عليهم القتل كسائر المسلمين . فعليكم ان تتحروا في الروايات وكتب التاريخ والسير تجد ما قلناه بوضوح و نكتفي هنا بهذا المقدر حرصا على الاقتصار والاختصار.


[1] شرایع الاسلام، المحقق الحلی، ج1، ص308.
[2] جواهر الكلام، الشيخ محمد حسن النجفي، ج21، ص334.
[3] الوسائل الشیعة الشیخ حرالعاملی، ج15، ص78، کتاب الجهاد العدو، ب25، ح4، ط آل البیت.
[4] علل الشرايع، الشيخ الصىوق، ج1، ص154.
[5] علل الشرايع، الشيخ الصىوق، ج1، ص150.
[6] علل الشرايع، الشيخ الصىوق، ج1، ص150.
[7] الوسائل الشیعة الشیخ حرالعاملی، ج15، ص77، کتاب الجهاد العدو، ب25، ح3، ط آل البیت.
[8] الوسائل الشیعة الشیخ حرالعاملی، ج15، ص77، کتاب الجهاد العدو، ب25، ح2، ط آل البیت.
[9] علل الشرايع، الشيخ الصىوق، ج2، ص603.
[10] علل الشرایع، الشیخ الصدوق، ج1، ص154.