الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

39/07/20

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : شروط الوجوب/قتال اهل البغی/رکن الرابع/المهادنه/ احکام اهل الذمه/کتاب الجهاد

كان بحثنا في قتال أهل البغي، وقد فرغنا عن كلام المصنف حيث قال: (‌يجب قتال من خرج على إمام عادل إذا ندب إليه الإمام عموما أو خصوصا أو من نصبه الإمام و التأخر عنه كبيرة).[1]

واما قوله: (و إذا قام به من فيه غناء سقط عن الباقين ما لم يستنهضه الإمام على التعيين[2] ). فوجهه واضح لا نحتاج الى الاستدلال، اما قوله: (و الفرار في حربهم كالفرار في حرب المشركين و تجب مصابرتهم حتى يفيئوا أو يقتلوا). ما دام ثبت وجوب قتال اهل البغي فترك قتالهم حرام كما في المشركين و تجب مصابرتهم حتى يقتلوا فينتهي شرُّهم باعدامهم او يفيئوا الى امر الله و يتركوا بغيهم، ولا يستثنى احد منهم.

نعم بالنسبة الى الوالد قال العلامة في المنتهى: (قال الشيخ- رحمه اللّه-: يكره للعادل القصد إلى قتل أبيه الباغي أو ذي رحمه‌. و هو قول أكثر العلماء. و قال بعض الجمهور: لا يكره له قتل ذي رحمه[3]

ورد عليه في الجواهربقوله: (و إن كان فيه أن التعارض مخصوص بالوالد، للأمر بالصحبة في الدنيا معروفاً، و مع فرض التكافؤ من جميع الوجوه يتجه التخيير، أما غير الوالد فهو باق على مقتضى عموم القتل كالمشرك الرحم، بل يمكن منع التكافؤ في الأول، لقوة دليل وجوب قتلهم المؤيد بإعزاز الدين، و نهي النبي صلى اللّٰه عليه و آله أبا بكر و أبا حذيفة عن قتل أبويهما لم يثبت من طرقنا). [4]

فهناك خلاف بين الفقهاء: فمنهم من قال بكراهة قتل الوالد وذي رحم في الحرب ومنهم من انكر ذلك. دليل القائل بالكراهة امران: الاول قول الله تعالى: "وصاحبهما في الدنيا معروفاً" والدليل الثاني: نهي النبي صلى الله عليه واله عن قتل ابي بكر و ابي حذيفه ابويهما.

واجاب صاحب الجواهر بانه اولاً: انّ الآية اخص من المدعى لانها الآية اخص من المدعى لا كل ذي رحم. ثانياً: على فرض تكافئ الدليلين فالتعارض يفيد التخيير، ثم يرتقي فينفي التكافؤ لقوة دليل وجوب القتل المؤيد باعزاز الدين فهو اقوى ملاكاً. اما حديث نهي النبي فهو ليس بحجة سنداً.

اقول" اولاً: ان صاحب الجواهر جعل تقابل الدليلين هنا من باب التعارض، و لكن لو كان تنافياً في البين فهو من باب التزاحم، فان التعارض يتحقق من التنافي في مرحلة الجعل، بينما التزاحم هو التنافي في مقام الامتثال. وفيما نحن فيه مشكلتنا في الامتثال.

ثانياً: الآية لا علاقة لها بمانحن فيه فانها لم ترد في باب القتال وهي قوله تعالى: "وَ إِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَ صَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً"[5] فهي تنهانا عن طاعتهما في المعصية و توصينا بهما للمصاحبة المعروفة، كما ورد الامر بالاحسان اليهما و الرحمة بهما وعدم توجه اُفّ اليهما و عدم نهرهما و خطابهما بقول معروف و خفض جناح الذل لهما من الرحمة والى ذلك من الآيات و ما ورد من احاديث كثيرة في طاعتهما والاحسان اليهما حتى لو كانا مشركين. وفي كل ذلك لا اطلاق فيها حتى تشمل القتل في القتال. فلا وجه للتعارض.

اما في التزاحم في مقام الامتثال، فلابد من رعاية الأهمّ فاذا كان من به الكفاية لمقاتلة ابيه او ذي رحمه فلا مانع لامتثال ما ورد في الاحسان اليهما وإسداء الرحمة وقول المعروف اليهما وخفض الجناح لهما وحديث نهي النبي صلوات الله عليه وعلى اله في ابابكر واباحذيفة عن قتل والدهما لو كان صادقاً فلعلّه كان في ظرف وجود من يكفيهما عن قتال والدهما كما يظهر من لسان الحديث.


[1] شرایع الاسلام، المحقق الحلی، ج1، ص307.
[2] شرایع الاسلام، المحقق الحلی، ج1، ص307.
[3] منتهی المطلب، العلامة الحلی، ج15، ص217.
[4] جواهر الکلام، الشیخ محمد حسن النجفی، ج21، ص328.
[5] لقمان/السورة31، الآية15.