الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

38/05/07

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: الروایات التی تدل علی من عطل ارضا ثلاث سنین تخرج من ملکه

كان بحثنا في تملك الموات بالاحياء سواء كان الموات بالاصالة او بالعرض وسواء كان المحيي مسلماً او غير مسلم وقد ذكرنا طائفة من الروايات دلت باطلاقها على هذه الانقسامات الاربعة وروايات نصت علي تعميم الموات للاصلية والعرضية و روايات نصت على تملك غير المسلم للارض بالاحياء، وهي كانت مركزة على عنوان الموات والخراب من دون التحديد بزمان معين.

الروایات:

و هناك طائفة من الروايات تدل على ان من عطّل الأرض ثلاث سنين تخرج من ملكيته:

منها: خبر يونس بن عبد الرحمن وهو :مارواه مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ الرَّيَّانِ بْنِ الصَّلْتِ أَوْ رَجُلٍ عَنِ الرَّيَّانِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْعَبْدِ‌ الصَّالِحِ ع قَالَ: قَالَ: "إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ تَعَالَى جَعَلَهَا وَقْفاً عَلَى عِبَادِهِ، فَمَنْ عَطَّلَ أَرْضاً ثَلَاثَ سِنِينَ مُتَوَالِيَةً لِغَيْرِ مَا عِلَّةٍ، أُخِذَتْ مِنْ يَدِهِ وَ دُفِعَتْ إِلَى غَيْرِهِ، وَ مَنْ تَرَكَ مُطَالَبَةَ حَقٍّ لَهُ عَشْرَ سِنِينَ فَلَا حَقَّ لَهُ"[1] .

اما السند:

ففيه سهل بن زياد و کما قلنا مرارا انه ضعیف و ريان بن صلت وثقه النجاشي بقوله: (كان ثقة صدوقاً) ولكن في كلام الراوي ترديد بين ريّان و رجل، فالسند ساقط عن الاعتبار .

امّا الدلالة:

فهي أنّ تعطيل الأرض ثلاث سنين بغير علة تخرج الارض عن سلطة صاحبها، وكذلك ترك مطالبة الحق عشر سنين مبطل للحق، وهذه كبرى اعم من الارض، ولعل سره ان التارك لمطالبة الحق من دون عذر يدل على اعراضه عن حقه ومعنى الاعراض عن الحق اسقاطه عن من على ذمته وتحديد عشر سنين مصداق واضح للاعراض وليس تحديد حقيقي. فلا نرفع اليد عن اطلاق تلك الروايات على عنوان الموت والخراب، لان هذه الرواية اولا ضعيفة السند وثانيا : لعلّ تعيين ثلاث سنين بيان لما يتحقق به عنوان ترك الارض و خرابها عرفاً، لِأنّ كثير من الأراضي لا تثمر سنتين متواليتين فثلاث سنين تعتبر تعطيل للارض.

ومنها : ما رواه كليني عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَرَّارٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: "مَنْ أُخِذَتْ مِنْهُ أَرْضٌ- ثُمَّ مَكَثَ ثَلَاثَ سِنِينَ لَا يَطْلُبُهَا- لَمْ تَحِلَّ لَهُ بَعْدَ ثَلَاثَ سِنِينَ أَنْ يَطْلُبَهَا"[2] .

اما السند:

فضعيف لان اسماعيل بن مرار لم يرد له توثيق ثم هو يروي عن رجل مجهول

اما الدلالة:

ولكن دلالته على خروج الارض عن سلطة المالك اذا اهملها ثلاث سنين لا خفاء فيه، والمكث عدم الاقدام عمدا ومن دون عذر، لكن من كان عنده عذر كعدم الحضور او الخوف من الادعاء وما شابه ذلك فانه لم يمكث بل ما كان قادراً على الطلب. و تنص على عدم استحقاق صاحبها السابق شيئاً.

التفصیل بین من ملک الارض بالاحیاء وغیره

وهناك تفصيل فتح في الوسائل له باباً بهذا العنوان:( بَابُ أَنَّ مَنْ أَحْيَا أَرْضاً ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى خَرِبَتْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا وَ تَكُونُ لِمَنْ أَحْيَاهَا وَ إِنْ كَانَتْ مِلْكاً لَهُ بِوَجْهٍ آخَرَ فَعَلَى مَنْ أَحْيَاهَا أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَيْهِ أُجْرَتَهَا)[3] . فهو فصل بين من ملِك الارضَ من طريق الاحياء ثم ترَكَها فذهب الى خروجها عن ملكيتها، ومن تملّك الارض عن طريق أخر كالارث او الشراء او الهبة فلايزول ملكيته ثابت علی الارض.

وذكر في الباب ثلاث روايات يمكن ان يستدل لهذا التفصيل من الثالثة منها وهي: وَ بِإِسْنَادِهِ – الشيخ- عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ النَّضْرِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَأْتِي الْأَرْضَ الْخَرِبَةَ- فَيَسْتَخْرِجُهَا وَ يُجْرِي أَنْهَارَهَا- وَ يَعْمُرُهَا وَ يَزْرَعُهَا- مَا ذَا عَلَيْهِ قَالَ الصَّدَقَةُ- قُلْتُ فَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ صَاحِبَهَا- قَالَ فَلْيُؤَدِّ إِلَيْهِ حَقَّهُ[4] .

اما السند: ففیه سليمان الذي قال فيه النجاشي: (كان قاريا فقيها وجهاً) ولم يصرح بالوثاقة، ولكن في السند بديل وهو الشيخ (عَنْهُ - الحسين بن سعيد - عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي‌ عَبْدِ اللَّهِ ع مِثْلَهُ) في سند الاولى الراوي عن الامام هو سليمان بن خالد و لم يرد له توثيق ولكن في سند الثاني، الراوي هو الحلبي فالسند صحيح.

اما الدلالة: يمكن حملها على صورة تكون للارض مالك، كما اذا ترك عمران الارض لعذر كعدم توفر المال الذي به يحيي ارضه، او مرّت عليه سنين جدبٍ لم يكن فيها ماء كي يسقي زرعه، وما شابه ذلك فبقي الملك له، لانه لم يترك الارض بغير علة، فموضوع هذه الرواية تختلف عما سبق من ما حُكم فيها بعدم وجوب دفع شيئ الى المدعي كما ورد في صحيحة معاوية بن وهب حيث ورد فيها: فَإِنْ كَانَتْ أَرْضٌ لِرَجُلٍ قَبْلَهُ- فَغَابَ عَنْهَا وَ تَرَكَهَا فَأَخْرَبَهَا- ثُمَّ جَاءَ بَعْدُ يَطْلُبُهَا- فَإِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ وَ لِمَنْ عَمَرَهَا"[5] و ما في خبر يونس أنفاً حيث ورد فيه: "فَمَنْ عَطَّلَ أَرْضاً ثَلَاثَ سِنِينَ مُتَوَالِيَةً لِغَيْرِ مَا عِلَّةٍ- أُخِذَتْ مِنْ يَدِهِ وَ دُفِعَتْ إِلَى غَيْرِهِ- وَ مَنْ تَرَكَ مُطَالَبَةَ حَقٍّ لَهُ عَشْرَ سِنِينَ فَلَا حَقَّ لَهُ"[6] . وخبره الثاني: "مَنْ أُخِذَتْ مِنْهُ أَرْضٌ- ثُمَّ مَكَثَ ثَلَاثَ سِنِينَ لَا يَطْلُبُهَا- لَمْ تَحِلَّ لَهُ بَعْدَ ثَلَاثَ سِنِينَ أَنْ يَطْلُبَهَا"[7] . فهذه الروايات نص في سقوط حق المالك السابق في الارض.


[1] وسائل الشیعة، شیخ حر العاملی، ج25، ص434، كتاب إحياء الموات، باب17، ح1، ط آل البیت.
[2] وسائل الشیعة، شیخ حر العاملی، ج25، ص434، كتاب إحياء الموات، باب17، ح2، ط آل البیت.
[3] وسائل الشیعة، شیخ حر العاملی، ج25، ص414، كتاب إحياء الموات، باب3، ط آل البیت.
[4] وسائل الشیعة، شیخ حر العاملی، ج25، ص415، كتاب إحياء الموات، باب3، ح3، ط آل البیت.
[5] وسائل الشیعة، شیخ حر العاملی، ج25، ص414، كتاب إحياء الموات، باب3، ح1، ط آل البیت.
[6] وسائل الشیعة، شیخ حر العاملی، ج25، ص434، كتاب إحياء الموات، باب17، ح1، ط آل البیت.
[7] وسائل الشیعة، شیخ حر العاملی، ج25، ص434، كتاب إحياء الموات، باب17، ح2، ط آل البیت.