الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

38/04/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الارض الموات المفتوحة عنوة

‌ قلنا ان اراضي الموات مما يفتح عنوة محسوب من الانفال وملك للامام وعليه اجماع فقهائنا كما قال في الجواهر: (بلا خلاف أجده، بل الإجماع بقسميه عليه). [1] وقد قرءنا على اسماعكم سبعة من الروايات ونضيف اليها ما يلي:

18- مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ جَبْرَئِيلَ ع كَرَى بِرِجْلِهِ خَمْسَةَ أَنْهَارٍ- وَ لِسَانُ الْمَاءِ يَتْبَعُهُ الْفُرَاتَ- وَ دِجْلَةَ وَ نِيلَ مِصْرَ وَ مِهْرَانَ وَ نَهَرَ بَلْخٍ- فَمَا سَقَتْ أَوْ سُقِيَ مِنْهَا فَلِلْإِمَامِ- وَ الْبَحْرُ الْمُطِيفُ بِالدُّنْيَا وَ هُوَ أَفْسِيكُونُ" .وَ‌رَوَاهُ الْكُلَيْنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ إِلَّا أَنَّهُ حَذَفَ قَوْلَهُ وَ هُوَ أَفْسِيكُونُ ،[2] اسم للبحر المتوسط، و هو من كلام الشيخ الصدوق لعدم ذكره فيه.

- 19- عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمُرْتَضَى فِي رِسَالَةِ الْمُحْكَمِ وَ الْمُتَشَابِهِ نَقْلًا مِنْ تَفْسِيرِ النُّعْمَانِيِّ بِإِسْنَادِهِ الْآتِي عَنْ عَلِيٍّ ع‌ بَعْدَ مَا ذَكَرَ الْخُمُسَ وَ أَنَّ نِصْفَهُ لِلْإِمَامِ- ثُمَّ قَالَ‌إِنَّ لِلْقَائِمِ بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ- بَعْدَ ذَلِكَ الْأَنْفَالَ الَّتِي كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ص- قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفٰالِ- قُلِ الْأَنْفٰالُ لِلّٰهِ وَ الرَّسُولِ وَ إِنَّمَا سَأَلُوا الْأَنْفَالَ لِيَأْخُذُوهَا لِأَنْفُسِهِمْ- فَأَجَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ- وَ الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فَاتَّقُوا اللّٰهَ- وَ أَصْلِحُوا ذٰاتَ بَيْنِكُمْ- وَ أَطِيعُوا اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ أَيِ الْزَمُوا طَاعَةَ اللَّهِ فِي أَنْ لَا تَطْلُبُوا مَا لَا تَسْتَحِقُّونَهُ- فَمَا كَانَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ فَهُوَ لِلْإِمَامِ- (وَ لَهُ نَصِيبٌ آخَرُ مِنَ الْفَيْ‌ءِ وَ الْفَيْ‌ءُ يُقْسَمُ قِسْمَيْنِ- فَمِنْهُ مَا هُوَ خَاصٌّ لِلْإِمَامِ) وَ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي سُورَةِ الْحَشْرِ مٰا أَفٰاءَ اللّٰهُ عَلىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرىٰ- فَلِلّٰهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبىٰ وَ الْيَتٰامىٰ- وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ - وَ هِيَ الْبِلَادُ الَّتِي لَا يُوجَفُ عَلَيْهَا بِخَيْلٍ وَ لَا رِكَابٍ- وَ الضَّرْبُ الْآخَرُ مَا رَجَعَ إِلَيْهِمْ- مِمَّا غُصِبُوا عَلَيْهِ فِي الْأَصْلِ- قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنِّي جٰاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فَكَانَتِ الْأَرْضُ بِأَسْرِهَا لآِدَمَ - ثُمَّ هِيَ لِلْمُصْطَفَيْنَ الَّذِينَ اصْطَفَاهُمُ اللَّهُ وَ عَصَمَهُمْ- فَكَانُوا هُمُ الْخُلَفَاءَ فِي الْأَرْضِ- فَلَمَّا غَصَبَهُمُ الظَّلَمَةُ عَلَى الْحَقِّ- الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ لَهُمْ- وَ حَصَلَ ذَلِكَ فِي أَيْدِي الْكُفَّارِ- وَ صَارَ فِي أَيْدِيهِمْ عَلَى سَبِيلِ الْغَصْبِ- حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ مُحَمَّداً ص فَرَجَعَ لَهُ وَ لِأَوْصِيَائِهِ- فَمَا كَانُوا غُصِبُوا عَلَيْهِ أَخَذُوهُ مِنْهُمْ بِالسَّيْفِ فَصَارَ ذَلِكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ بِهِ- أَيْ مِمَّا أَرْجَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ".[3] (المصدرح18)

20- «7» عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ‌ عَنِ الْأَنْفَالِ- فَقَالَ هِيَ الْقُرَى الَّتِي قَدْ خَرِبَتْ وَ انْجَلَى أَهْلُهَا- فَهِيَ لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ مَا كَانَ لِلْمُلُوكِ فَهُوَ لِلْإِمَامِ- وَ مَا كَانَ مِنَ الْأَرْضِ الْخَرِبَةِ لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَ لَا رِكَابٍ- وَ كُلُّ أَرْضٍ لَا رَبَّ لَهَا وَ الْمَعَادِنُ مِنْهَا- وَ مَنْ مَاتَ وَ لَيْسَ لَهُ مَوْلًى فَمَالُهُ مِنَ الْأَنْفَالِ.[4]

- 22- وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ الْأَنْفَالُ هُوَ النَّفَلُ- وَ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ جَدْعُ الْأَنْفِ- قَالَ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْأَنْفَالِ- فَقَالَ كُلُّ أَرْضٍ خَرِبَةٍ- أَوْ شَيْ‌ءٌ كَانَ يَكُونُ لِلْمُلُوكِ- وَ بُطُونُ الْأَوْدِيَةِ وَ رُءُوسُ الْجِبَالِ- وَ مَا لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَ لَا رِكَابٍ- فَكُلُّ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ خَالِصاً.[5]

الى هنا عرفنا ان اراضي الموات للامام سواء كانت مواتا بالاصالة او اصبح مواتا بالعرض.

هنا شبهة تطرح نفسها وهي: ان الروايات التي دلت على كون الاراضي المفتوحة عنوة مطلقة لم تقيد في نصوصها بكونها عامرة بفعل البشر فمنها ما عبر عن اراضي السواد وكما قلنا هي اعم من المعمورة الطبيعية والبشرية بل قد يشمل غير المعمورة كما كان يطلق على اراضي العراق. واليك نماذج منها صحيحة الحلبي "سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ السَّوَادِ مَا مَنْزِلَتُهُ- فَقَالَ هُوَ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ لِمَنْ هُوَ الْيَوْمَ- وَ لِمَنْ يَدْخُلُ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ الْيَوْمِ- وَ لِمَنْ لَمْ يُخْلَقْ بَعْدُ-"[6]

و مرسلة حماد:" وَ الْأَرَضُونَ الَّتِي أُخِذَتْ عَنْوَةً بِخَيْلٍ وَ رِجَالٍ فَهِيَ مَوْقُوفَةٌ مَتْرُوكَةٌ فِي يَدِ مَنْ يَعْمُرُهَا وَ يُحْيِيهَا وَ يَقُومُ عَلَيْهَا عَلَى مَا يُصَالِحُهُمُ ا لْوَالِي" وغيرهما[7]

ومن ناحية اُخرى: روايات التي وردت حول الموات مطلقة تشمل المفتحة عنوة وغير المفتوحة عنوة واليم نماذج منها: ابي خالد كابلي فقوله: "الارض كلها لنا"[8]

صحيحة حفص"الانفال....و كل ارض خربة"

مرسلة حمادبن عيسى "وَالْأَنْفَالُ كُلُّ أَرْضٍ خَرِبَةٍ قَدْ بَادَ أَهْلُهَا"- وقوله: "وَ كُلُّ أَرْضٍ مَيْتَةٍ لَا رَبَّ لَهَا"

صحيحة سماعة "سَأَلْتُهُ عَنِ الْأَنْفَالِ فَقَالَ كُلُّ أَرْضٍ خَرِبَةٍ".[9]

موثقة محمد بن مسلم" مِنْ أَرْضٍ وَ مَا كَانَ خَرِبَةٍ أَوْ بُطُونِ أَوْدِيَةٍ- فَهَذَا كُلُّهُ مِنَ الْفَيْ‌ءِ"[10]

موثقته الثانية: : الْأَنْفَالُ مَا كَانَ مِنْ أَرْضٍ- لَمْ يَكُنْ فِيهَا هِرَاقَةُ الدِّمَاءِ- وَ قَوْمٌ صُولِحُوا وَ أَعْطَوْا بِأَيْدِيهِمْ- وَ مَا كَانَ مِنْ أَرْضٍ خَرِبَةٍ أَوْ بُطُونِ أَوْدِيَةٍ- فَهُوَ كُلُّهُ مِنَ الْفَيْ‌ءِ فَهَذَا لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ- فَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ لِرَسُولِهِ يَضَعُهُ حَيْثُ شَاءَ- وَ هُوَ لِلْإِمَامِ بَعْدَ الرَّسُولِ.[11]

مرسلة احمدبن محمد: "بُطُونُ الْأَوْدِيَةِ- وَ رُءُوسُ الْجِبَالِ وَ الْمَوَاتُ كُلُّهَا هِيَ لَهُ- وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفٰالِ"

صحيحة حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: "إِنَّ جَبْرَئِيلَ ع كَرَى بِرِجْلِهِ خَمْسَةَ أَنْهَارٍ- وَ لِسَانُ الْمَاءِ يَتْبَعُهُ الْفُرَاتَ- وَ دِجْلَةَ وَ نِيلَ مِصْرَ وَ مِهْرَانَ وَ نَهَرَ بَلْخٍ- فَمَا سَقَتْ أَوْ سُقِيَ مِنْهَا فَلِلْإِمَامِ- وَ الْبَحْرُ الْمُطِيفُ بِالدُّنْيَا" وَ هُوَ أَفْسِيكُونُ هو المحيط الاطلسي [12]

رواية اسحاق بن عمار: "وَ مَا كَانَ مِنَ الْأَرْضِ الْخَرِبَةِ لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَ لَا رِكَابٍ- وَ كُلُّ أَرْضٍ لَا رَبَّ لَهَا"

وفي رواية اخرى: قَالَ: "وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْأَنْفَالِ- فَقَالَ كُلُّ أَرْضٍ خَرِبَةٍ" وهناك روايات كثيرة تطلب جلها في ابواب الانفال من كتاب الخمس الانفال

ثم انّ الروايات التي وردت في الانفال على قسمين: منها: ماهو مطلق تفيد ان الارض كلها لهم، عليهم السلام ومنها: ماهو خاص بالخربة والموات . فبما ان المثبتين لا تعارض فيهما فان اعتق رقبة وقوله اعتق رقبة مؤمنة لا منافات بينهما ويحمل الثاني على زيادة الفضل، مضافاً الى ان المطلقات يمكن القول بانّ الامام اراد ان يبيّن ولايتهم على كل الارض وليست في مقام بيان الملكية الاصطلاحية. كما يظهر من حديث الكابلي ما رواه المرتضى في المحكم والمتشابه.

ثم عندما نقارن بين ما ورد في المفتوحة عنوة فهي مطلقة تشمل العامرة والموات. وعندما ننظر الى روايات الانفال فهي ايضا تشمل المفتوحة وغيرها فالنسبة بينهما عموم من وجه فيتعارضان في المجمع وهو الارض المفتوحة الموات.

فصاحب الجواهر: يحل المعارضة بقوله: (يدفعها معلومية رجحان التخصيص بالأخير و لو للإجماع بقسميه). اي انّ روايات الموات تخصّص روايات الواردة في مفتوحة عنوة ولعلّ السر في المعلومية كثرتها وصحة اسناد كثير منها، مضافا الى وجود الاجماع في كون الموات من الاموال و هي للامام.

ويمكن القول بتقديمها لتناسب الحكم والموضوع في المفتوحة لانها اثر الحرب والحاصل منها غنيمة ما كانت للمشركين والموات لم تكن لهم حتى نغتنمها كما ان المعمورة بطبيعتها لم تكن لهم وانما الذي كان لهم ما احيوها وملكوها من الاراضي فتامل جيداً .

ثم انّ الموات لما اصبحت ملك الامام ف‌لا يجوز إحياؤها إلا بإذنه، ففي ظرف الحضور و بسط اليد فعدم جوازالتصرف فيها الا باذنه مما قياساتها معها كما قال في الجواهر: (بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع بقسميه عليه مضافا إلى عموم قاعدة قبح التصرف في مال الغير بغير إذنه)، و كثير من النصوص ناطقة بذالك.

وفي ظرف عدم الحضور او عدم بسط اليد فقد دلت الروايات باذنها اما مطلقا او لخصوص شيعتهم وتفصيل البحث يعود الى مبحث احياء الموات.


[1] جواهر الكلام، الشيخ محمّدحسن النّجفي، ج15، ص97.
[2] وسائل الشيعة، العلامة الشيخ حرّ العاملي، ج9، ص530، ابواب الأنفال وما يختص بالامام، ب1، ح18، ط آل البیت.
[3] وسائل الشيعة، العلامة الشيخ حرّ العاملي، ج9، ص531، ابواب الأنفال وما يختص بالامام، ب1، ح19، ط آل البیت.
[4] وسائل الشيعة، العلامة الشيخ حرّ العاملي، ج9، ص531، ابواب الأنفال وما يختص بالامام، ب1، ح20، ط آل البیت.
[5] وسائل الشيعة، العلامة الشيخ حرّ العاملي، ج9، ص532، ابواب الأنفال وما يختص بالامام، ب1، ح22، ط آل البیت.
[6] وسائل الشيعة، العلامة الشيخ حرّ العاملي، ج25، ص435، كتاب إحياء الموات، ب18، ح1، ط آل البیت.
[7] كتاب المكاسب، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج2، 324، ط تراث الشيخ الأعظم.
[8] كتاب المكاسب، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج4، 14، ط تراث الشيخ الأعظم.
[9] وسائل الشيعة، العلامة الشيخ حرّ العاملي، ج9، ص526، ابواب الأنفال وما يختص بالامام، ب1، ح8، ط آل البیت.
[10] وسائل الشيعة، العلامة الشيخ حرّ العاملي، ج29، ص537، ابواب الأنفال وما يختص بالامام، ب1، ح12، ط آل البیت.
[11] وسائل الشيعة، العلامة الشيخ حرّ العاملي، ج9، ص527، ابواب الأنفال وما يختص بالامام، ب1، ح12، ط آل البیت.
[12] الكافي، الشيخ الكليني، ج1، ص409، ط اسلامیة.