الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

38/03/27

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الاراضي المفتوحة عنوة

كان كلامنا في الأراضي المفتوحة عنوة في عصر الخلفاء هل هي للامام بما انها فتحت من دون اذنه؟ ام هي للمسلمين بما هي مفتوحة عنوة؟ من جانب نعرف ان الاراضي المفتوحة عنوة من الكفار والمشركين هي للمسلمين عامة ولا يجوز تملكها لاحد باي سبب من الاسباب وقد اتفق الشيعة على هذا الحكم قال في الجواهر: (لا اختصاص لأحد منهم بشي‌ء منها بلا خلاف أجده في شي‌ء من ذلك بيننا....، بل في الغنية و المنتهى و قاطعة اللجاج للكركي و الرياض و موضعين من الخلاف بل و التذكرة على ما حكي عن بعضها الإجماع عليه، بل هو محصل،)[1]

وقد نطق بذالك روايات كثيرة قد ذكرنا بعضها سابقاً:

منها: ما ورد في صحيحة الحلبي سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ السَّوَادِ مَا مَنْزِلَتُهُ- فَقَالَ هُوَ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ لِمَنْ هُوَ الْيَوْمَ- وَ لِمَنْ يَدْخُلُ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ الْيَوْمِ- وَ لِمَنْ لَمْ يُخْلَقْ بَعْدُ- فَقُلْتُ الشِّرَاءُ مِنَ الدَّهَاقِينِ قَالَ لَا يَصْلُحُ- إِلَّا أَنْ تُشْتَرَى مِنْهُمْ عَلَى أَنْ يُصَيِّرَهَا لِلْمُسْلِمِينَ- فَإِذَا شَاءَ وَلِيُّ الْأَمْرِ أَنْ يَأْخُذَهَا أَخَذَهَا...." [2] الحديث.(وسائل ج17باب21عقد البيع ح4)

و منها: ماورد عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ الشَّامِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَا تَشْتَرِ مِنْ أَرْضِ السَّوَادِ شَيْئاً- إِلَّا مَنْ كَانَتْ لَهُ ذِمَّةٌ فَإِنَّمَا هُوَ فَيْ‌ءٌ لِلْمُسْلِمِينَ. [3] (المصدرح5) وارض السواد هي ارض العراق المفتوحة عنوة وقد تسمى بارض الخراج لانّ رقبتها محبوسة لا تُباع ولاتملك و تاخذ الحكومة من المتصرفين والمستثمرين ضريبة باسم الخراج.

ومنها: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَيْحٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ شِرَاءِ الْأَرْضِ- مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ فَكَرِهَهُ- وَ قَالَ إِنَّمَا أَرْضُ الْخَرَاجِ لِلْمُسْلِمِينَ-[4] (المصدرح9)

ومنها: خ و خبر أَبِي بُرْدَةَ بْنِ رَجَاءٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع كَيْفَ تَرَى فِي شِرَاءِ أَرْضِ الْخَرَاجِ- قَالَ وَ مَنْ يَبِيعُ ذَلِكَ هِيَ أَرْضُ الْمُسْلِمِينَ- قَالَ قُلْتُ: يَبِيعُهَا الَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ- قَالَ وَ يَصْنَعُ بِخَرَاجِ‌ الْمُسْلِمِينَ مَا ذَا- ثُمَّ قَالَ لَا بَأْسَ اشْتَرَى حَقَّهُ مِنْهَا- وَ يُحَوَّلُ حَقُّ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ" [5]

ومنها: رواية صفوان و البزنطي عن الرضا عليه السلام في حديث طويل: وَ مَا أُخِذَ بِالسَّيْفِ فَذَلِكَ إِلَى الْإِمَامِ يُقَبِّلُهُ بِالَّذِي يَرَى- كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِخَيْبَرَ قَبَّلَ سَوَادَهَا وَ بَيَاضَهَا- يَعْنِي أَرْضَهَا وَ نَخْلَهَا[6] (و سائل باب 72 جهاد العدو ح1) هذه الرواية ولو لم تنص على خصوص المعمورة من اراضي المفتوحة ولكن بقرينة خيبر يستفاد منها المعمورة.

ومنها: ما في صحيحة بزنطي وَ مَا أُخِذَ بِالسَّيْفِ فَذَلِكَ إِلَى الْإِمَامِ- يُقَبِّلُهُ بِالَّذِي يَرَى كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ ص- بِخَيْبَرَ المصدرح2)[7] هكذا دلالتها واضحة و سندها صحيح.

ومنها: ماورد في مرسلة حماد: ".....وَ الْأَرَضُونَ الَّتِي أُخِذَتْ عَنْوَةً بِخَيْلٍ وَ رِجَالٍ فَهِيَ مَوْقُوفَةٌ مَتْرُوكَةٌ فِي يَدِ مَنْ يَعْمُرُهَا وَ يُحْيِيهَا وَ يَقُومُ عَلَيْهَا عَلَى مَا يُصَالِحُهُمُ الْوَالِي عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِمْ....( الى ان قال) وَ كُلُّ أَرْضٍ فُتِحَتْ فِي أَيَّامِ النَّبِيِّ ص إِلَى آخِرِ الْأَبَدِ وَ مَا كَانَ افْتِتَاحاً بِدَعْوَةِ أَهْلِ الْجَوْرِ وَ أَهْلِ الْعَدْلِ لِأَنَّ ذِمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ فِي الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ ذِمَّةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ- الْمُسْلِمُونَ إِخْوَةٌ تَتَكَافَى دِمَاؤُهُمْ وَ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ..." [8] الحديث.( .( الكافي ج‌1، ص: 540)‌

هذه الرواية ولو في عبارتها ابهام ولكن الظاهر اراد بقوله ماكان افتتاحاً بدعوة اهل الجور واهل العدل، شمولية حرب قام بها سلطان جور او عدل وتفيد ان الاراضي المفتوحة من خلال اهل الجور كذالك ملك للمسلمين، موقوفة متروكة في يد من يعمرها.

وفي هذه الروايات صحيحتين مضافا الى ان عددها تبلغ الاستفاضة هي تتحدث معنا عن اراضي السواد و اراضي الخراج وهي المفتوحة عنوة في عصر الخلفاء قال في المنتهى: «الأرض المغنومة من الفرس التي فتحت في زمن عمر بن الخطاب، و هي سواد العراق، و حدّه في العرض من منقطع الجبال بحلوان إلى طرف القادسية المتصل بعذيب من أرض العرب، و من تخوم موصل طولا إلى ساحل البحر ببلاد عبادان من شرقي دجلة، فأما الغربي الذي يليه البصرة فإنما هو إسلامي قبل شط عثمان بن أبي العاص، و ما والاها كانت سباخا مواتا فأحياها عمر بن العاص، و سميت هذه الأرض سوادا لأن الجيش لما خرجوا من البادية رأوا هذه الأرض و التفاف شجرها سموها السواد لذلك، و هذه الأرض لما فتحت أرسل إليها عمر بن الخطاب ثلاثة أنفس: عمار بن ياسر على صلاتهم أميرا، و ابن مسعود قاضيا و واليا على بيت المال، و عثمان بن حنيف على مساحة الأرض)[9] (منتهى المطلب ج14ص270)

فظاهر هذه الروايات اجراء احكام المفتوحة المشروعة على تلك الاراضي.

من جانب آخر نعرف ان الغنائم التي يتعلق بحربٍ لم ياذن بها الامام انفال يملكها الامام ولا يستحق المقاتلون فيها شيئا ولا سائر المسلمين.

كما ورد في رواية الْعَبَّاسِ الْوَرَّاقِ عَنْ رَجُلٍ سَمَّاهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا غَزَا قَوْمٌ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ فَغَنِمُوا- كَانَتِ الْغَنِيمَةُ كُلُّهَا لِلْإِمَامِ- وَ إِذَا غَزَوْا بِأَمْرِ الْإِمَامِ فَغَنِمُوا كَانَ لِلْإِمَامِ الْخُمُسُ.[10] (وسائل كتاب الخمس باب1من الانفال ح6) فمفهومها ان اغزو اذا كان باذن الامام فيي ليست للامام.

وما نعرف من فقهاءنا ان كلما فتحت بغير اذن الامام من اراضي المشركين والكفار فهي للامام ، فهناك يحصل التعارض بين الروايات التي افادت ان اراضي المفتوحة فيما بعد النبي هي للامام، وما دلت على انها للمسلمين فما هو طريق الجمع بين الفريقين ؟

مرسلة الصدوق وهي موجودة في مصادر العامة: عن الصدوق أنه روي مرسلا استشارة عمر عليا عليه السلام في هذه الأراضي فقال: "دعها عدة للمسلمين"، وعن بعض التواريخ أن عمر لما رأى المغلوبية في عسكر الإسلام في غالب الأسفار و الأوقات استدعى من أمير المؤمنين عليه السلام أن يرسل الحسن عليه السلام إلى محاربة يزدجرد فأجابه و أرسله، و حُكي أنه ورد ري و شهريار، و في المراجعة ورد قم و ارتحل منها إلى كهنك، و منها إلى أردستان، و منها إلى قهبان، و منها إلى أصفهان، و صلى في المسجد الجامع العتيق، و اغتسل في الحمام الذي كان متصلا بالمسجد، ثم نزل لنبال و صلى في مسجده،[11] ( جواهرج21ص161)

 


[1] جواهر الكلام، الشيخ محمّدحسن النّجفي، ج21، ص157.
[2] وسائل الشيعة، العلامة الشيخ حرّ العاملي، ج17، ص369، ابواب عقد البيع، باب21، ح4، ط آل البیت.
[3] وسائل الشيعة، العلامة الشيخ حرّ العاملي، ج17، ص369، ابواب عقد البيع، باب21، ح5، ط آل البیت.
[4] وسائل الشيعة، العلامة الشيخ حرّ العاملي، ج17، ص370، ابواب عقد البيع، باب21، ح9، ط آل البیت.
[5] وسائل الشيعة، العلامة الشيخ حرّ العاملي، ج15، ص155، أبواب جهاد العدو وما يناسبه، باب71، ح1، ط آل البیت.
[6] وسائل الشيعة، العلامة الشيخ حرّ العاملي، ج15، ص157، أبواب جهاد العدو وما يناسبه، باب72، ح1، ط آل البیت.
[7] وسائل الشيعة، العلامة الشيخ حرّ العاملي، ج15، ص158، أبواب جهاد العدو وما يناسبه، باب72، ح2، ط آل البیت.
[8] شرح الكافي، الشيخ محمد صالح المازندراني، ج7، ص396.
[9] تذكرة الفقهاء، العلامة الحلي، ج1، ص428، ط.ق.
[10] وسائل الشيعة، العلامة الشيخ حرّ العاملي، ج9، ص529، أبواب الانفال، باب1، ح16، ط آل البیت.
[11] جواهر الكلام، الشيخ محمّدحسن النّجفي، ج21، ص161.