الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

38/03/26

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : احكام الاراضي المفتوحة عنوة

كان بحثنا في الاراضي المفتوحة في عصر الخلفاء هل انها للامام لان فتحها تمت من خلال حرب لم يأذن فيه الامام فهي من الانفال؟ او نأخذ بظاهر أقوال فقهائنا حيث عدّوها من المفتوحة عنوة واعتبروها ملك للمسلمين مضافاً الى الروايات التي تنص على أنّها للمسلمين، و ذكرنا فيها أربعة أقوال: أحدها: أنّها أنفال وانّما وردت الروايات على انها للمسلمين تقيةً، ثانيها: أنّ إشتراط الإذن إنّما يكون في حالة بسط يد الامام عليه السلام، امّا في حالة عدم بسط اليد فلا يشترط بإذنه، ثالثها: إنّ الغزوات التي تمّت في عصر الخلفاء أجازها اميرالمؤمنين عليه السلام فهي ملك للمسلمين واقعاً ، رابعها: انّها انفال يتعامل معها معاملة المفتوحة حتى يأتي امام الحجة فتُعيد تلك الأراضي الى عنوانها الحقيقي فتعتبر أنفالاً يملكها الامام عليه السلام.

واما القول الخامس: أنه يجوز استلامها بالتقبيل او الشراء من الجائر او عامة الناس ممن هو متصرّف فيها بشرط انّ يصرف ريعها في الموارد المقرّرة من منافع المسلمين.

هنا أودّ أن أذكر كلام العلامة في الإشارة إلى الأقوال في المسئلة : قال العلّامة في المنتهى: (الأرضون على أربعة أقسام:أحدها: ما يملك بالاستغنام و يؤخذ قهراً بالسيف، فإنّها تكون للمسلمين قاطبة و لا تختصّ بها المقاتلة، بل يشاركهم غير المقاتلة من المسلمين، و كما لا يختصّون بها، كذلك لا يفضّلون، بل هي للمسلمين قاطبة. ذهب إليه علماؤنا أجمع، و به قال مالك .[1]

و قال الشافعيّ: إنّها تقسّم بين الغانمين، كسائر الأموال. وبه قال أنس بن مالك، والزبير، وبلال.

و قال قوم: إنّ الإمام مخيّر بين القسمة و الوقف على المسلمين. و رواه الجمهور عن عليّ عليه السلام، و عمر. و به قال الثوريّ .

و قال أبو حنيفة: الإمام مخيّر بين ثلاثة: بين قسمتها و وقفها و أن يقرّ أهلها‌ [عليها] و يضرب عليهم الخراج يصير حقّا على رقبة الأرض لا يسقط بالإسلام

لنا: ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه فتح هوازن و لم يقسّمها. و من طريق الخاصّة: ما رواه الشيخ عن حمّاد بن عيسى، (2- وَ عَنْهُ –شيخ عن علي بن ابراهيم عن عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى) ‌قال: رواه لي بعض أصحابنا ذكره عن العبد الصالح أبي الحسن الأوّل عليه السلام في حديث طويل: «و الأرض التي أخذت عنوة بخيل و ركاب، فهي موقوفة متروكة في يد من يعمرها و يحييها، و يقوم عليها على صلح ما يصالحهم الإمام على قدر طاقتهم من الخراج:النصف أو الثلث أو الثلثان، و على قدر ما يكون لهم صالحا و لا يضرّ بهم، فإذا خرج منها نماؤها ، فأخرج منه العشر من الجميع ممّا سقت السماء أو سقي سيحاً، و نصف العشر ممّا سقي بالدوالي و النواضح، فأخذه الوالي فوجّهه في الوجه الذي وجّهه اللّه له على ثمانية أسهم: لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ الْعٰامِلِينَ عَلَيْهٰا وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَ فِي الرِّقٰابِ وَ الْغٰارِمِينَ، وَ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ، ثمانية أسهم يقسّمها بينهم في مواضعهم بقدر ما يستغنون في سَنتهم بلا ضيق و لا تقتير، فإن فضلَ من‌ ذلك شي‌ء، رَدّ إلى الوالي، و إن نقص من ذلك شي‌ء و لم يكتفوا به، كان على الوالي أن يمونهم من عنده بقدر سعتهم –شبعهم - حتّى يستغنوا، و يُؤخذ بعد ما يبقى من العشر فيقسّمه بين الوالي – الموالي - و بين شركائه الذين هم عمّال الأرض و أكرتها، فيدفع إليهم أنصباءهم على قدر ما صالحهم عليه، و يأخذ الباقي فيكون ذلك أرزاق أعوانه على دين اللّه و في مصلحة ما ينوبه من تقوية الإسلام و تقوية الدين في وجوه الجهاد، و غير ذلك ممّا فيه مصلحة العامّة ليس لنفسه من ذلك قليل و لا كثير»[2] الحديث.(الوسائل باب 41 من جهاد العدوح2).

واحتجّ الشافعيّ : بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قسّم خيبر على ثمانية عشر سهماً. و لأنّ الأرض تملك عنهم بالعقد فتملك بالاغتنام، كالمنقول. و الجواب عن الأوّل: بمنع الفعل، فقد روي أنّه عليه السلام قسّم نصف خيبر و تولّى نصفها، و مع الاضطراب في النقل يطرح الجميع خصوصاً مع ما نقلناه أوّلاّ. وعن الثاني: بالفرق، فإنّ الأرض ملك متأبّد و نفعها دائم ففارقت الأمتعة المنقولة.)[3] (منتهى المطلب ج14ص253)


[1] منتهى المطلب، العلامة الحلي، ج2، ص934، ط.ق.
[2] وسائل الشيعة، العلامة الشيخ حرّ العاملي، ج15، ص110، أبواب جهاد العدو وما يناسبه، باب41، ح2، ط آل البیت.
[3] منتهى المطلب، العلامة الحلي، ج2، ص935، ط.ق.