الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

38/03/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الغنائم الغير منقولة

كان بحثنا في قول المصنف: (و أمّا ما لا ينقل فهو للمسلمين قاطبة، و فيه الخمس. و الامام مخيّر بين إفراد خمسه لأربابه، و بين إبقائه و إخراج الخمس من إرتفاعه و أمّا النساء و الذّراري، فمن جملة الغنائم، و يختص بهم الغانمون و فيهم الخمس لمستحقّه). وقد انتهينا من الفقرة الاولى فثبت انّ العقارات المغتنمة للمسلمين قاطبة بالمعنى الذي شرحناه وبما ان هذا الحكم من المسلمات المجمع عليها نكتفي بالروايات التي ذكرناها وهي أيضاً كانت كافية للإثبات.

واليوم كلامنا في انه هل يتعلق الخمس بتلك الأراضي او لا؟ أنّ المحقق أفتى صريحاً بتعلق الخمس بتلك الأراضي وقال الشيخ في المبسوط: ( إذا فتح بلد من بلاد الحرب فلا يخلو من أن يفتح عنوة أو صلحاً. فإن فتح عنوة كانت الأرض المحياة و غيرها من أموالهم ما حواه العسكر و ما لم يحوه العسكر غنيمة فيخمَّس الجميع فيكون الخمس لأهله الذين قدّمنا ذكرهم في كتاب قسمة الصدقات.) فهو إيضاً يرى تعلُّق الخمس بها، والشهيد في المسالك ذكر كلام المحقق من دون تعليق عليه وهذا ظاهر في تسلّمه لقوله.

ويمكن الإستدلال على وجوب الخمس في الأراضي والعقارات بإطلاق آية الخمس، قال تعالى: "واعلَموا أنّ ما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فإنّ لِلهِ خُمُسَه..."( الى آخرالآية) فمفردة – من شيئٍ – تشمل الأراضي المنتزعة من العدوّ، مضافاً الى إطلاق الروايات الواردة في الخمس ولكن كثيرٌ من الفقهاء لم يذكروا الخمس في الأراضي المفتوحة عنوةً كالعلامه وغيره من الفقهاء.

واستدل في الجواهر على عدم وجوب إخراج الخمس من الاراضي المفتوحة عنوة :

اولاً: (بالسيرة القطعية على عدم إخراج الخمس من هذه الأراضي من غير فرق بين أسهم الخمس الستة). ثانياً: (النصوص التي تعرّضت للخراج و الإذن فيها للشيعة خالية أيضاً عن ذلك) وقد ذكرنا تلك النصوص للاستدلال على أنّ الاراضي المفتوحة للمسلمين قاطبة.

ثالثاً: النصوص التي تُصرِّح بكون الأرض و خراجها للمسلمين). فلم تستثن الخمس وعدم ذكر الإستثناء للخمس دال على عدم تعلق الخمس بها. واليك نماذج منها: "مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ رَجَاءٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع كَيْفَ تَرَى فِي شِرَاءِ أَرْضِ الْخَرَاجِ- قَالَ وَ مَنْ يَبِيعُ ذَلِكَ هِيَ أَرْضُ الْمُسْلِمِينَ- قَالَ قُلْتُ: يَبِيعُهَا الَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ- قَالَ وَ يَصْنَعُ بِخَرَاجِ‌ الْمُسْلِمِينَ مَا ذَا؟" الحديث فلم تتعرض للخمس.

ثم ذكر تبريرات لهذه الروايات من حيث مخالفة ظاهرها لاطلاق الآية الخمس ورواياتها، فيقول:

(فيمكن أن يكون حين القسمة جُعل الخمس في غيرها) والمراد من ذالك ان الخمس الذي تعلق بالغنائم عُيِّنَ في المنقولات فقط فلم يبق في الاراضى المفتوحة خمساً.

تبرير آخر ذكره الجواهر بقوله: (أو أنه مندرج في نصوص التحليل) ان سقوط الخمس عن الاراضي المفتوحة تشمله نصوص التحليل وهي وردت في (4 بَابُ إِبَاحَةِ حِصَّةِ الْإِمَامِ مِنَ الْخُمُسِ لِلشِّيعَةِ مَعَ تَعَذُّرِ إِيصَالِهَا إِلَيْهِ وَ عَدَمِ احْتِيَاجِ السَّادَاتِ وَ جَوَازِ تَصَرُّفِ الشِّيعَةِ فِي الْأَنْفَالِ وَ الْفَيْ‌ءِ وَ سَائِرِ حُقُوقِ الْإِمَامِ مَعَ الْحَاجَةِ وَ تَعَذُّرِ الْإِيصَالِ‌) مثل هذه الرواية: "مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ وَ زُرَارَةَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ كُلِّهِمْ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع هَلَكَ النَّاسُ فِي بُطُونِهِمْ وَ فُرُوجِهِمْ- لِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤَدُّوا إِلَيْنَا حَقَّنَا- أَلَا وَ إِنَّ شِيعَتَنَا مِنْ ذَلِكَ وَ آبَاءَهُمْ فِي حِلٍّ" السند لا باس به وعباس بن معروف وثقه النجاشي فقال: (العباس بن معروف ابوالفضل مولى جعفربن عبد الله الاشعري قمي ثقة..) والدلالة واضحة فاطلاقها يشمل تحليل خمس الاراضي المغنومة.

وَعَنْهُ – محمد بن الحسن عن سعد بن عبد الله - عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ قَالَ: "قَرَأْتُ فِي كِتَابٍ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع مِنْ رَجُلٍ يَسْأَلُهُ- أَنْ يَجْعَلَهُ فِي حِلٍّ- مِنْ مَأْكَلِهِ وَ مَشْرَبِهِ مِنَ الْخُمُسِ فَكَتَبَ بِخَطِّهِ- مَنْ أَعْوَزَهُ شَيْ‌ءٌ مِنْ حَقِّي فَهُوَ فِي حِلٍّ". هذه الرواية سندها جيد و دلالتها على التحليل واضح ولكنها مشروطة بالاعواز كما هناك روايات اخرى تدل على هذا المعنى ولذا صاحب الوسائل عنون الباب هكذا: ( بَابُ إِبَاحَةِ حِصَّةِ الْإِمَامِ مِنَ الْخُمُسِ لِلشِّيعَةِ مَعَ تَعَذُّرِ إِيصَالِهَا إِلَيْهِ وَ عَدَمِ احْتِيَاجِ السَّادَاتِ وَ جَوَازِ تَصَرُّفِ الشِّيعَةِ فِي الْأَنْفَالِ وَ الْفَيْ‌ءِ وَ سَائِرِ حُقُوقِ الْإِمَامِ مَعَ الْحَاجَةِ وَ تَعَذُّرِ الْإِيصَالِ‌) ولا يتم الدلالة على سقوط الخمس من الاراضي المغنومة عنوة.