الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/08/02

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : فروع تتعلق بالذمام

كان بحثنا في بعض الفروع التي تتعلق بالذمام ومن المسائل التي تطرق اليها المصنف قوله: (و إذا عقد الحربي لنفسه الأمان ليسكن في دار الإسلام دخل ماله تبعا)[1] ووجهه واضح لأن الأمان ظاهر في تأمينه في ما يتعلق به، ونهب أمواله مناف لأمانه وهذه المسألة لا خلاف فيها، وبما ان الامان بنفسه منصرف الى الاموال ايضاً فلا حاجة إلى التصريح بذالك في عقد الأمان نعم قد يُذكر ذالك تأكيداً على مدلول الامان كما قد يؤكد فيه بالنسبة إلى نفسه ايضاً.

ثم ذكر فرعا آخر وهو: (و لو التحق بدار الحرب للاستيطان انتقض أمانه لنفسه دون ماله) ظاهر هذا الكلام من المصنف أن الامان منتقض اذا كان التحاقه بدار الحرب للاستيطان، أما اذا سافر إلى دار الحرب لزيارة اهله وأقربائه او للتجارة او للتنزه او لهدف آخر من هذا القبيل فلم ينتقض أمانه ابدا لا في نفسه ولا في ماله، اما اذا ذهب للاستيطان فامانه منتقض بالنسبة إلى نفسه دون ماله . واستدلوا على انتقاض أمانه لنفسه بأن نية الاقامة في دار الاسلام كانت بمنزلة الشرط في عقد الأمان فاذا انتفى الشرط ينتفي المشروط، أما بالنسبة إلى ماله فنشك في نقضه تبعا لنفسه فنستصحب الامان السابق. إذ هو بالتبعية المزبورة صار كالمصرح بأمانه مستقلاً.

فان قلت: أن الأمان في المال كان فرعاً على الأمان في النفس ومتوقفاً عليه فاذا انتفي المتوقف عليه ينتفي المتوقف ايضاً قلنا: أن الأمان في المال كان متوقفاً وفرعاً للأمان في النفس في مقام الحدوث و لكن في البقاء لا دليل على التوقف، فاذاً يبقى المال في الأمان ما لم يأخذه إلى دار الحرب فيجب حينئذ رده إليه لو طلبه، و صح له بيعه و هبته و غير ذلك من التصرفات. اما لو حمل ماله إلى دار الحرب فلا يبقى لماله هناك أمان وهو واضح.

هذا كله على فرض اشتراط السكنى في دار الاسلام ولكن كثيراً ما ترى الأمان لا يلازم السكنى كالامان للتجارة او ليكون رابطا للعلاقات الثنائية وما يسمى بالحصانة السياسية كالهيأت السياسيه من السفراء و الرجال الديبلماسية بين الدولتين المتحاربتين كما كانت سفارة ايران مفتوحة في العراق في عصر حكومة الصدام البائدة.

ثم إن هذه المباحث انما تتمشى على مبنى المشهور ولكن على ما اخترنا من حصر الجهاد على غير المسالم فتختلف النتائج، فمن استوطن من المشركين والكفار دار الحرب و لم يكن معهم في مواضيعهم المعادية للمسلمين فهو في أمان و لايعتبر ذالك نقضا لقرار الامان الا اذا اشترط عليه السكنى في دار الاسلام لمصلحة تعود إلى المسلمين.


[1] شرائع الاسلام، المحقق الحلي، ج1، ص239، ط استقلال.