الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/06/13

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : محاربة العدو بالحصار

قال المحقق: (و یجوز محاربة العدو بالحصار و منع السابلة دخولاً وخروجاً و بالمجانیق و هدم الحصون و البیوت و کل ما یرجی به الفتح.)[1] وأضاف فی الجواهر إلی موارد المذکورة: (و التفنک و القنابر و الأطواب و البارود و رمی الحیات القاتلة و العقارب و غیرها من الحیوانات و قطع الأشجار و القذف بالنار و إرسال الماء لینصرفوا به و منعه علیهم لیموتوا عطشا) استدلوا علی ذالک:

اولاً: بالأصل والمراد من الأصل البرائة لأننا لا ندری هل هذه الأعمال محرمة اولا؟ الأصل عدم الحرمة. أو اصالة الجواز فإن کل شیئ مطلق حتی یرد فیه نهی.

ثانیاً: اطلاق الأدلة الآمرة بالقتال وقتل الکفار: کقوله: "واقتلوهم حیث ثقفتموهم" و "قاتلوا المشرکین کافة کما یقاتلونکم کافة" و قوله تعالی: ﴿ قاتلوا الذین لا یؤمنون بالله والیوم الآخر [2] الآیة وغیرها من الآیات و الداعیة لجهاد الکفار والمشرکین، فهی تأمر بقتالهم وقتلهم من دون قید فیجوز ذالک بأی وسیلة ممکنة.

ثالثاً: بعض الآیات القرآنیة منها: قوله تعالی: ﴿ مٰا قَطَعْتُمْ مِنْ لِینَةٍ أَوْ تَرَکتُمُوهٰا قٰائِمَةً عَلیٰ أُصُولِهٰا [3] و قوله تعالی ﴿ وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِبٰاطِ الْخَیلِ [4] و قوله تعالی : ﴿ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ کلَّ مَرْصَدٍ [5] وقوله تعالی: و أنهم شر الدواب قال تعالی: ﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذینَ کفَرُوا فَهُمْ لا یؤْمِنُونَ [6] و أشدها أذیة، فکما یجوز قتل الدواب المؤذیة بای وسیلة کذالک یجوزقتل الکفار بای وسیلة حصل و غیر ذلک

رابعاً: بعض الروایات التی وردت فی أمر القتال: منها ما ذکره صاحب الجواهر عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله أنه نصب علی أهل الطائف منجنیقا و کان فیهم نساء و صبیان و خرب حصون بنی النظیر و خیبر و هدم دورهم، بل فی الدروس و الروضة أنه صلی اللّٰه علیه و آله حرق بنی النظیر،

ومنها ما رواه الکلینی وَ عَنْ علی ابن ابراهیم عَنْ أَبِیهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمِنْقَرِی عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیاثٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ مَدِینَةٍ مِنْ مَدَائِنِ الْحَرْبِ- هَلْ یجُوزُ أَنْ یرْسَلَ عَلَیهَا الْمَاءُ أَوْ تُحْرَقَ بِالنَّارِ- أَوْ تُرْمَی بِالْمَنْجَنِیقِ حَتَّی یقْتَلُوا وَ مِنْهُمُ النِّسَاءُ- وَ الصِّبْیانُ وَ الشَّیخُ الْکبِیرُ وَ الْأُسَارَی مِنَ الْمُسْلِمِینَ- وَ التُّجَّارِ فَقَالَ یفْعَلُ ذَلِک بِهِمْ وَ لَا یمْسَک عَنْهُمْ لِهَؤُلَاءِ- وَ لَا دِیةَ عَلَیهِمْ لِلْمُسْلِمِینَ وَ لَا کفَّارَةَ الْحَدِیثَ.[7]

قال فی الدروس: عن علی علیه السَّلام لا یحلّ منع الماء، و یحمل علی حالة الاختیار) [8] ،

وعلق الشهید الثانی علی مقالة الاول حیث قال: (و یجوز المحاربة بطریق الفتح کهدم الحصون و المنجنیق و قطع الشجر) بقوله: (حیث یتوقف علیه) وظاهر هذا الکلام عدم جوازه لغیر الضرورة.

فنقول: أما الاستدلال بالأصل فلا مجال له الا بعد التحری عن الامارات.

واما الاستدلال باطلاق الآیات الامرة بالقتال، فهو فی غیر محله فانها انما تکون بصدد التحریض علی الدفاع او قتالهم للدعوة إلی الاسلام ولکن لا اطلاق لها بلأی وسیلة وهذا الاستدلال یشبه بما یقول الشیوعیین بان الهدف یبرر الوسیلة.

واما الآیات الظاهرة فیما تحقق فی عصر النبی علی یده المبارکة او بأمره أو بعینه ولم ینکره کقوله: ﴿ ما قَطَعْتُمْ مِنْ لینَةٍ أَوْ تَرَکتُمُوها قائِمَةً عَلی أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَ لِیخْزِی الْفاسِقینَ ﴾ ، فهی مسبوقة بالآیات التالیة التی نزلت فی بنی النظیر الذین تحصنوا بحصونهم ولم یکن بُدّاً الا مقارعة حصونهم وقطع بعض أشجارهم کی یستسلموا للمسلمین وهی قضیة خارجیة لا اطلاق لها نأخذ به والیک نص الآیات: ﴿ هُوَ الَّذی أَخْرَجَ الَّذینَ کفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْکتابِ مِنْ دِیارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ یخْرُجُوا وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَیثُ لَمْ یحْتَسِبُوا وَ قَذَفَ فی قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ یخْرِبُونَ بُیوتَهُمْ بِأَیدیهِمْ وَ أَیدِی الْمُؤْمِنینَ فَاعْتَبِرُوا یا أُولِی الْأَبْصارِ (2) وَ لَوْ لا أَنْ کتَبَ اللَّهُ عَلَیهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِی الدُّنْیا وَ لَهُمْ فِی الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ (3) ذلِک بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ مَنْ یشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدیدُ الْعِقابِ (4). [9]

کذالک قوله تعالی: "﴿ وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِبٰاطِ الْخَیلِ[10] هذه الآیة انما یأمر باعداد القوة لارهاب الاعداء" وهو محمول علی ما لا اشکال له فی نفسه ولا اطلاق لها من ناحیة نوعیة الاعداد کما ان الامر بالانفاق إلی الزوجة او القصر من الاولاد و اطعامهم لا یشمل المال المغصوب او الطعام المتنجس و غیر ذالک مما هو محذور شرعاً فان الاطعام محمول علی ما هو محلل منه کذالک الاعداد للعدو لا یشمل المال المغصوب او شیئ فیه محذور بل هی ساکتة من هذه الناحیة


[1] شرائع الإسلام، المحقق الحلی، ج‌1 ص283‌.
[2] سورة التوبة، آیة29.
[3] سورة الحشر، آیة5.
[4] سورة الانفال، آیة62.
[5] سورة التوبة، آیة5.
[6] سورة الانفال، آیة55.
[7] وسائل الشیعة، الشیخ الحر العاملی، ج15، ص62، جهاد العدو، باب16، ح2، ط آل البیت.
[8] الدروس الشرعیة فی فقه الإمامیة، الشهید الاول، ج2، ص32.
[9] سورة الحشر، آیة2.
[10] سورة الانفال، آیة62.