الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/03/14

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : جهاد البغاة

كان بحثنا حول موضوع وجوب جهاد البغاة و قد بيّنّا المعنى اللغوي للبغي، كما قلنا اننا لانحصر في موضوع بحثنا على عنوان البغي، لانّ النسبة بين البغي بل نحن ندور مدار الدليل نظراً لما ورد في النصوص التي هي ادلة هذا الحكم، و نظراً لما ذكر فقهاءنا في كتبهم في موضوع وجوب الجهاد كقسيم لجهاد المشركين وأهل الكتاب.

قال ابي الصلاح الحلبي: (و حكم جهاد المحاربين من المسلمين حكم جهاد من خيف منه على دار الايمان من الكفار، في عموم الفرض من غير اعتبار صفة الداعي.)( الكافي في الفقه ص247)

فموضوع الحكم في هذا البيان هو : المحارب المسلم الذي خيف منه على دار الايمان.

و قال في بيان آخر: (و ان كانوا محاربين و هم الذين يخرجون عن دار الأمن لقطع الطريق و اخافة السبيل و السعي في الأرض بالفساد....)، (الكافي في الفقه ص251).

وقال الشيخ في النهاية: (باب قتال أهل البغي و المحاربين و كيفية قتالهم و السيرة فيهم‌. كلّ من خرج على إمام عادل، و نكث بيعته، و خالفه في أحكامه، فهو باغ، و جاز للإمام قتاله و مجاهدته).(النهايةص276)

فالشيخ رضوان الله عليه في عنوان الباب عطف المحارب بأهل البغي والظاهر ان هذا العطف عطف البيان لا عطف المتغايرين، فهو للتوسع في المصاديق وقال: (و المحارب هو كلّ من قصد إلى أخذ مال الإنسان و أشهر السّلاح في برّ أو بحر أو سفر أو حضر. فمتى كان شي‌ء من ذلك، جاز للإنسان دفعه عن نفسه و عن ماله. فإن أدّى ذلك الى قتل اللّصّ، لم يكن عليه شي‌ء. و إن أدّى الى قتله هو، كان شهيدا، و ثوابه ثواب الشّهداء.(المصدرص277)

وقال في الجمل والعقود: (من قاتل اماما عادلا فهو باغ وجب جهاده على كلّ من يستنهضه الإمام)،(الجمل والعقودص159).

وقال الراوندي في فقه القران: (الباغي هو من قاتل إماما عادلا يجب جهاده على كل من يستنهضه الإمام و لا يجوز قتالهم إلا بإذنه)(فقه القرآن ص363)

وقد فتح بابا للمحارب وقال في تعريفه: (و المحارب عندنا هو الذي يشهر السلاح و يخيف السبيل سواء كان في المصر أو في خارج المصر فإن اللص المجاهر في المصر و غير المصر سواء) (المصدرص365).

قال المرتضى في الانتصار في مسألة 269 لحكم المحاربين: (و مما انفردت به الإمامية: القول بأن من حارب الامام العادل و بغى عليه و خرج عن التزام طاعته يجري مجرى محارب النبي (صلى الله عليه و آله) و خالع‌ طاعته في الحكم عليه بالكفر، و إن اختلف أحكامهما من وجه آخر في المدافنة و الموارثة و كيفية الغنيمة من أموالهم.و خالف باقي الفقهاء في ذلك، و ذهب المحصلون منهم و المحققون إلى أن محاربي الإمام العادل فساق تجب البراءة منهم و قطع الولاية لهم من غير انتهاء إلى التكفير (راجع في احكام القرآن للجصاص ج3ص403)و ذهب قوم من حشوية أصحاب الحديث إلى أن الباغي مجتهد، و خطؤه يجري مجرى الخطأ في سائر مسائل الاجتهاد) (راجع في المغني لابن قدامةج10ص67).( الانتصارص477) فجعل البغي والمحاربة في سلة واحدة.

ويمكن القول بان يطلق المحارب بما هو فرد ويطلق الباغي بلحاظ المجموعات ولذا يجب جهادهم فان قتل الفرد لا يصدق عليه الجهاد وان كان واجباً.

وهنا أود ان اشير إلى بعض ادلة وجوب جهاد أهل البغي و كذالك المحارب أما الاول فقوله تعالى: " وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى‌ فَقاتِلُوا الَّتي‌ تَبْغي‌ حَتَّى تَفي‌ءَ إِلى‌ أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطينَ (الحجرات9). فالامر بالقتال يفيد الوجوب.

واما المحاربة فقوله تعالى: "إِنَّما جَزاءُ الَّذينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْديهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظيمٌ . إِلاَّ الَّذينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحيمٌ (المائدة33-34).

إن وجوب جهاد الباغي من المسلمات حيث يدل عليه العقل والنقل بقسميه كما قال صاحب الجواهر: (لا إشكال في أصل الحكم بعد الأمر به و الحث الأكيد عليه كتابا و سنة، بل هو إن لم يكن من الضروريات فلا ريب في كونه من القطعيات)، ولكن مع ذالك نشير إلى بعض الروايات التي تدل على وجوب جهاد البغاة:

روى الشيخ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ بُنَانِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ذُكِرَتِ‌ الْحَرُورِيَّةُ عِنْدَ عَلِيٍّ ع فَقَالَ- إِنْ خَرَجُوا عَلَى إِمَامٍ عَادِلٍ أَوْ جَمَاعَةٍ فَقَاتِلُوهُمْ- وَ إِنْ خَرَجُوا عَلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَلَا تُقَاتِلُوهُمْ- فَإِنَّ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مَقَالًا".(وسائل ج15 باب 26 من ابواب جهاد العدوح3) اما وجه الاستدلال فقوله عليه السلام: "ان خرجوا على امام عادل او جماعة فقاتلوهم" فالامر بالقتال ظاهر في الوجوب . اما السند فبنان ابن محمد اما هو بنان البيان وقد ورد فيه اللعن عن ابي جعفر عليه السلام واما هوبنان الجزري فقد نقل النجاشي في شانه عن محمد بن عبد الحميد انه كان رجلا خيرا فاضلاً، وعلى كل حال لم يرد له توثيق لان كونه رجلا خيرا فاضلا لايدل على الوثاقة كي يصل الكلام في الجمع بين الموثق والجارح.

وَ عَنْ الشيخ ايضاً عن محمد ابن أحمد بن يحيى- عَنِ الْحَجَّالِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ اللُّؤْلُؤِيِّ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ كَانَ فِي قِتَالِ عَلِيٍّ ع أَهْلَ الْقِبْلَةِ بَرَكَةٌ- وَ لَوْ لَمْ يُقَاتِلْهُمْ عَلِيٌّ ع لَمْ يَدْرِ أَحَدٌ بَعْدَهُ كَيْفَ يَسِيرُ فِيهِمْ".(المصدرح5) في سنده حجال وهو أحمد بن سليمان ظاهراً واذا قيد بالكوفي فهو عبد الله بن محمد واذا قيد بالقمي فهو الحسن بن علي. وهنا جاء مطلقا فمحمول على احمدبن سليمان وهو الذي روى عنه البرقي ولكن لم يرد له توثيق. واما حسن ابن حسين الؤلؤئي فقال فيه النجاشي كوفي ثقة كثير الرواية ولكن ضعفه ابن بابويه ولكن توثيق النجاشي هو المرجع. ولو ان في مجمع الرجال للقهبائي استفاد من قول الشيخ في الفرست تضعيفه حيث قال: في احمد ابن الحسن بن الحسين اللؤلؤي ثقة وليس بابن المعروف بالحسن ابن الحسين اللؤلؤي كوفي، هذا كلام الشيخ فعلق عليه القهبائي بقوله اي ليس احمد هذا ابن الحسن بن الحسين المشهور الضعيف الخ) ولكن نحن لا نفهم منه التضعيف ولذالك الاقرب ان توثيق النجاشي الصريح هوالمتبع، ولكن يكفينا في عدم الاعتبار بالسند وجود احمد بن سليمان.