الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/02/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع :وجوب الهجرة

كان كلامنا في ان وجوب المهاجرة لحفظ الدين وللتمكن من اظهار شعائر الايمان هل هو واجب كما يجب المهاجرة من بلاد الشرك والكفر اولا؟ قلنا المهاجرة من بلاد العامة اذا كان الاستيطان فيها موجبا للخلل في الايمان واجبٌ لقول الله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ تَوَفّٰاهُمُ الْمَلٰائِكَةُ ظٰالِمِي أَنْفُسِهِمْ قٰالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قٰالُوا كُنّٰا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قٰالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّٰهِ وٰاسِعَةً فَتُهٰاجِرُوا فِيهٰا"(النساء97) و قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) ﴿التحريم6﴾ وغيره من الادلة التي تشمل المورد.وهي تشمل التعاشر مع الفساق والمنحرفين والزواج معهم ولو الزواج من العامة او من الفساق صحيح شرعا ولكنه اذا علم او ظن ان ذالك يؤثر في الدين والعقيدة فهو حرام شرعا.

انما الكلام في وجوب المهاجرة للتمكن من اتيان الشعائر الدينية على وفق المذهب؟ وقلنا ان الادلة التي وردت في التقية وسيرة اهل البيت والمتشرعة تدل على عدم الوجوب حيث ان الافعال المتقى بها بديل للافعال الاختيارية، وفي مسئلة التقية جانبين من البحث، الجانب الاول: ما هو حكم التقية وشروطها؟، والجانب الثاني: هل اتيان الاعمال على وفق مباني العامة لضرورة التقية تترتب عليها آثارها الوضعية والتكليفية من الصحة و الإجزاء وسقوط التكليف وعدم لزوم الاعادة او القضاء و الطهارة والنجاسة وترتب الملكية و الزوجية والحقوق المترتبة على بعض العقود والايقاعات او لا؟ فلهذه التفصيلات مباحث واسعة وتضارب في الآراء اذا اردنا ان ندخل فيها لايمكن الانتهاء عنها الا بعد أشهر، ولكن نشير اشارة عابرة على حكم التكيفي للتقية عند فقهائنا.

قال الشهيد في ذيل قاعدة 208 في كتابه القواعد والفوائد (تنبيهات: التقية تنقسم بانقسام الأحكام الخمسة: فالواجب: إذا علم أو ظن نزول الضرر بتركها به، أو ببعض المؤمنين.و المستحب: إذا كان لا يخاف ضررا عاجلا، و يتوهم ضرراً آجلا، أو ضرراً سهلاً، أو كان تقية في المستحب، كالترتيب في تسبيح الزهراء عليها السلام، و ترك بعض فصول الأذان.و المكروه: التقية في المستحب حيث لا ضرر عاجلاً و لا آجلاً، و يخاف منه الالتباس على عوام المذهب. و الحرام: التقية حيث يأمن الضرر عاجلا و آجلا، أو في قتل مسلم. قال أبو جعفر عليه السلام: (إنما جعلت التقية ليحقن بها الدم ، فإذا بلغ الدم فلا تقية) . و المباح: التقية في بعض المباحات التي ترجحها العامة، (و لا يحصل بتركها) ضرر.

ثم يقول: " (الثاني): التقية تبيح كل شي‌ء حتى إظهار كلمة الكفر،و لو تركها حينئذ أثم إلا في هذا المقام، و مقام التبري من أهل البيت عليهم السلام، فإنه لا يأثم بتركها، بل صبره حينئذ إما مباح أو مستحب، و خصوصا إذا كان ممن يقتدى به. (.(القواعد والفوائدج2ص158).

وقال الشيخ في رسالة التقية: (أنّ التقيّة تنقسم إلى الأحكام الخمسة:فالواجب منها: ما كان لدفع الضرر الواجب فعلا، و أمثلته كثيرة.و المستحب: ما كان فيه التحرز عن مَعارض الضرر، بأن يكون تركه مفضياً تدريجاً إلى حصول الضّرر، كترك المداراة مع العامّة و هجرهم في المعاشرة في بلادهم فإنّه ينجرّ غالباً إلى حصول المباينة الموجب لتضرّره منهم. و المباح: ما كان التحرز عن الضرر و فعله مساوياً في نظر الشارع، كالتقيّة في إظهار كلمة الكفر على ما ذكره جمع من الأصحاب، و يدلّ عليه الخبر الوارد في رجلين أُخذا بالكوفة و اُمرا بسبّ أمير المؤمنين عليه السلام . و المكروه: ما كان تركها و تحمّل الضّرر أولى من فعله، كما ذكر ذلك بعضهم‌ في إظهار كلمة الكفر، و أنّ الأولى تركها ممّن يقتدي به النّاس إعلاء لكلمة الإسلام. و المراد بالمكروه حينئذ ما يكون ضدّه أفضل . والمحرّم منه: ما كان في الدّماء.) (رسائل فقهية (للشيخ الأنصاري ص 74)‌. وهنا نود ان نذكر بعض النصوص التي تدل على هذه المعاني:

3- وَ بِالْإِسْنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عُمَرَ الْأَعْجَمِيِّ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَا بَا عُمَرَ إِنَّ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الدِّينِ فِي التَّقِيَّةِ- وَ لَا دِينَ لِمَنْ لَا تَقِيَّةَ لَهُ الْحَدِيثَ.

2- وَ بِإِسْنَادِهِ (الصدوق) عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع فِي حَدِيثِ شَرَائِعِ الدِّينِ قَالَ: وَ لَا يَحِلُّ قَتْلُ أَحَدٍ مِنَ الْكُفَّارِ وَ النُّصَّابِ فِي التَّقِيَّةِ- إِلَّا قَاتِلٍ أَوْ سَاعٍ فِي فَسَادٍ- وَ ذَلِكَ إِذَا لَمْ تَخَفْ عَلَى نَفْسِكَ وَ لَا عَلَى أَصْحَابِكَ- وَ اسْتِعْمَالُ التَّقِيَّةِ فِي دَارِ التَّقِيَّةِ وَاجِبٌ- وَ لَا حِنْثَ وَ لَا كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ حَلَفَ تَقِيَّةً- يَدْفَعُ بِذَلِكَ ظُلْماً عَنْ نَفْسِهِ.

24- سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَا مُعَلَّى اكْتُمْ أَمْرَنَا وَ لَا تُذِعْهُ- فَإِنَّهُ مَنْ كَتَمَ أَمْرَنَا وَ لَا يُذِيعُهُ أَعَزَّهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا- وَ جَعَلَهُ نُوراً بَيْنَ عَيْنَيْهِ يَقُودُهُ إِلَى الْجَنَّةِ- يَا مُعَلَّى إِنَّ التَّقِيَّةَ دِينِي وَ دَيْنُ آبَائِي- وَ لَا دِينَ لِمَنْ لَا تَقِيَّةَ لَهُ- يَا مُعَلَّى إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُعْبَدَ فِي السِّرِّ- كَمَا يُحِبُّ أَنْ يُعْبَدَ فِي الْعَلَانِيَةِ- وَ الْمُذِيعُ لِأَمْرِنَا كَالْجَاحِدِ لَهُ.

29- قَالَ سَيِّدُنَا الصَّادِقُ ع عَلَيْكُمْ بِالتَّقِيَّةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنَّا- مَنْ لَمْ يَجْعَلْهَا شِعَارَهُ وَ دِثَارَهُ- مَعَ مَنْ يَأْمَنُهُ لِتَكُونَ سَجِيَّتَهُ مَعَ مَنْ يَحْذَرُهُ.

باب25 9- أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الطَّبْرِسِيُّ فِي الْإِحْتِجَاجِ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيِّ ع فِي حَدِيثٍ أَنَّ الرِّضَا ع جَفَا جَمَاعَةً مِنَ الشِّيعَةِ وَ حَجَبَهُمْ- فَقَالُوا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا هَذَا الْجَفَاءُ الْعَظِيمُ- وَ الِاسْتِخْفَافُ بَعْدَ الْحِجَابِ الصَّعْبِ- قَالَ لِدَعْوَاكُمْ أَنَّكُمْ شِيعَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع- وَ أَنْتُمْ فِي أَكْثَرِ أَعْمَالِكُمْ مُخَالِفُونَ- وَ مُقَصِّرُونَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْفَرَائِضِ- وَ تَتَهَاوَنُونَ بِعَظِيمِ حُقُوقِ إِخْوَانِكُمْ فِي اللَّهِ- وَ تَتَّقُونَ حَيْثُ لَا تَجِبُ التَّقِيَّةُ- وَ تَتْرُكُونَ التَّقِيَّةَ حَيْثُ لَا بُدَّ مِنَ التَّقِيَّةِ.

باب26-2- وَ عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ هِشَامٍ الْكِنْدِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِيَّاكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا عَمَلًا نُعَيَّرُ بِهِ- فَإِنَّ وَلَدَ السَّوْءِ يُعَيَّرُ وَالِدُهُ بِعَمَلِهِ- كُونُوا لِمَنِ انْقَطَعْتُمْ إِلَيْهِ زَيْناً- وَ لَا تَكُونُوا عَلَيْهِ شَيْناً- صَلُّوا فِي عَشَائِرِهِمْ- وَ عُودُوا مَرْضَاهُمْ- وَ اشْهَدُوا جَنَائِزَهُمْ- وَ لَا يَسْبِقُونَكُمْ إِلَى شَيْ‌ءٍ مِنَ الْخَيْرِ- فَأَنْتُمْ أَوْلَى بِهِ مِنْهُمْ- وَ اللَّهِ مَا عُبِدَ اللَّهُ بِشَيْ‌ءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْخَبْ‌ءِ- قُلْتُ وَ مَا الْخَبْ‌ءُ قَالَ التَّقِيَّةُ.

4- في تفسير العسكري عليه السلام: قَالَ وَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ع إِنَّ التَّقِيَّةَ يُصْلِحُ اللَّهُ بِهَا أُمَّةً، لِصَاحِبِهَا- مِثْلُ ثَوَابِ أَعْمَالِهِمْ- فَإِنْ تَرَكَهَا أَهْلَكَ أُمَّةً، تَارِكُهَا شَرِيكُ مَنْ أَهْلَكَهُمْ- وَ إِنَّ مَعْرِفَةَ حُقُوقِ الْإِخْوَانِ يُحَبِّبُ إِلَى الرَّحْمَنِ- وَ يُعَظِّمُ الزُّلْفَى لَدَى الْمَلِكِ الدَّيَّانِ- وَ إِنَّ تَرْكَ قَضَائِهَا يُمَقِّتُ إِلَى الرَّحْمَنِ- وَ يُصَغِّرُ الرُّتْبَةَ عِنْدَ الْكَرِيمِ الْمَنَّانِ.

4-عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً اجْتَرَّ مَوَدَّةَ النَّاسِ إِلَى نَفْسِهِ- فَحَدَّثَهُمْ بِمَا يَعْرِفُونَ وَ تَرَكَ مَا يُنْكِرُونَ.

6- قَالَ وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع يَغْفِرُ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ كُلَّ ذَنْبٍ- وَ يُطَهِّرُهُ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ مَا خَلَا ذَنْبَيْنِ- تَرْكَ التَّقِيَّةِ وَ تَضْيِيعَ حُقُوقِ الْإِخْوَانِ.

باب27- 2- قَالَ: وَ قِيلَ لِعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ ع مَنْ أَكْمَلُ النَّاسِ- قَالَ أَعْمَلُهُمْ بِالتَّقِيَّةِ- وَ أَقْضَاهُمْ لِحُقُوقِ إِخْوَانِهِ إِلَى أَنْ قَالَ- فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَ إِلٰهُكُمْ إِلٰهٌ وٰاحِدٌ- لٰا إِلٰهَ إِلّٰا هُوَ الرَّحْمٰنُ الرَّحِيمُ - قَالَ الرَّحِيمُ بِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ شِيعَةِ آلِ مُحَمَّدٍ- وُسِّعَ لَهُمْ فِي التَّقِيَّةِ- يُجَاهِرُونَ بِإِظْهَارِ مُوَالاةِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ- وَ مُعَادَاةِ أَعْدَائِهِ إِذَا قَدَرُوا- وَ يُسِرُّونَ بِهَا إِذَا عَجَزُوا.

باب26-13- ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ لَوْ شَاءَ لَحَرَّمَ عَلَيْكُمُ التَّقِيَّةَ- وَ أَمَرَكُمْ بِالصَّبْرِ عَلَى مَا يَنَالُكُمْ مِنْ أَعْدَائِكُمْ- عِنْدَ إِظْهَارِكُمُ الْحَقَّ- أَلَا فَأَعْظَمُ فَرَائِضِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ بَعْدَ فَرْضِ مُوَالاتِنَا- وَ مُعَادَاةِ أَعْدَائِكُمُ اسْتِعْمَالُ التَّقِيَّةِ عَلَى أَنْفُسِكُمْ- وَ أَمْوَالِكُمْ وَ مَعَارِفِكُمْ- وَ قَضَاءُ حُقُوقِ إِخْوَانِكُمْ- وَ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ كُلَّ ذَنْبٍ بَعْدَ ذَلِكَ وَ لَا يَسْتَقْصِي- وَ أَمَّا هَذَانِ فَقَلَّ مَنْ يَنْجُو مِنْهُمَا- إِلَّا بَعْدَ مَسِّ عَذَابٍ شَدِيدٍ- إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ مَظَالِمُ عَلَى النَّوَاصِبِ وَ الْكُفَّارِ- فَيَكُونُ عِقَابُ هَذَيْنِ عَلَى أُولَئِكَ الْكُفَّارِ وَ النَّوَاصِبِ- قِصَاصاً بِمَا لَكُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْحُقُوقِ- وَ مَا لَهُمْ إِلَيْكُمْ مِنَ الظُّلْمِ- فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ لَا تَتَعَرَّضُوا لِمَقْتِ اللَّهِ بِتَرْكِ التَّقِيَّةِ- وَ التَّقْصِيرِ فِي حُقُوقِ إِخْوَانِكُمُ الْمُؤْمِنِينَ.

باب28- 2- وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ النَّاسَ يَرْوُونَ أَنَّ عَلِيّاً ع- قَالَ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ أَيُّهَا النَّاسُ- إِنَّكُمْ سَتُدْعَوْنَ إِلَى سَبِّي فَسُبُّونِي- ثُمَّ تُدْعَوْنَ إِلَى الْبَرَاءَةِ مِنِّي فَلَا تَبْرَءُوا مِنِّي- فَقَالَ مَا أَكْثَرَ مَا يَكْذِبُ النَّاسُ عَلَى عَلِيٍّ ع- ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا قَالَ إِنَّكُمْ سَتُدْعَوْنَ إِلَى سَبِّي فَسُبُّونِي- ثُمَّ تُدْعَوْنَ إِلَى الْبَرَاءَةِ مِنِّي- وَ إِنِّي لَعَلَى دِينِ مُحَمَّدٍ ص- وَ لَمْ يَقُلْ وَ لَا تَبْرَءُوا مِنِّي- فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ‌: أَ رَأَيْتَ إِنِ اخْتَارَ الْقَتْلَ دُونَ الْبَرَاءَةِ- فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا ذَلِكَ عَلَيْهِ- وَ مَا لَهُ إِلَّا مَا مَضَى عَلَيْهِ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ- حَيْثُ أَكْرَهَهُ أَهْلُ مَكَّةَ- وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ- فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِ إِلّٰا مَنْ أُكْرِهَ- وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ - فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ص عِنْدَهَا يَا عَمَّارُ إِنْ عَادُوا فَعُدْ- فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَكَ- وَ أَمَرَكَ أَنْ تَعُودَ إِنْ عَادُوا.

باب29-7- قَالَ سَمِعْتُ مِيثَمَ النَّهْرَوَانِيِّ يَقُولُ دَعَانِي أَمِيرُالْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع وَ قَالَ- كَيْفَ أَنْتَ يَا مِيثَمُ- إِذَا دَعَاكَ دَعِيُّ بَنِي أُمَيَّةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ- إِلَى الْبَرَاءَةِ مِنِّي- فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَا وَ اللَّهِ لَا أَبْرَأُ مِنْكَ- قَالَ إِذاً وَ اللَّهِ يَقْتُلُكَ وَ يَصْلِبُكَ- قُلْتُ أَصْبِرُ فَذَاكَ فِي اللَّهِ قَلِيلٌ- فَقَالَ يَا مِيثَمُ إِذاً تَكُونُ مَعِي فِي دَرَجَتِي الْحَدِيثَ.

باب29-11 - أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الطَّبْرِسِيُّ فِي الْإِحْتِجَاجِ‌ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي احْتِجَاجِهِ عَلَى بَعْضِ الْيُونَانِ قَالَ- وَ آمُرُكَ أَنْ تَصُونَ دِينَكَ- وَ عِلْمَنَا الَّذِي أَوْدَعْنَاكَ- فَلَا تُبْدِ عُلُومَنَا لِمَنْ يُقَابِلُهَا بِالْعِنَادِ- «1» وَ لَا تُفْشِ سِرَّنَا إِلَى مَنْ يُشَنِّعُ عَلَيْنَا- وَ آمُرُكَ أَنْ تَسْتَعْمِلَ التَّقِيَّةَ فِي دِينِكَ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لٰا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكٰافِرِينَ أَوْلِيٰاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ- وَ مَنْ يَفْعَلْ ذٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّٰهِ فِي شَيْ‌ءٍ- إِلّٰا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقٰاةً «2»- وَ قَدْ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي تَفْضِيلِ أَعْدَائِنَا- إِنْ أَلْجَأَكَ الْخَوْفُ إِلَيْهِ- وَ فِي إِظْهَارِ الْبَرَاءَةِ إِنْ حَمَلَكَ الْوَجَلُ عَلَيْهِ- وَ فِي تَرْكِ الصَّلَوَاتِ «3» الْمَكْتُوبَاتِ- إِنْ خَشِيتَ عَلَى حُشَاشَةِ «4» نَفْسِكَ الْآفَاتِ وَ الْعَاهَاتِ- فَإِنَّ تَفْضِيلَكَ أَعْدَاءَنَا عِنْدَ خَوْفِكَ- لَا يَنْفَعُهُمْ وَ لَا يَضُرُّنَا- وَ إِنَّ إِظْهَارَكَ بَرَاءَتَكَ مِنَّا عِنْدَ تَقِيَّتِكَ- لَا يَقْدَحُ فِينَا وَ لَا يَنْقُصُنَا- وَ لَئِنْ تَبْرَأْ مِنَّا سَاعَةً بِلِسَانِكَ وَ أَنْتَ مُوَالٍ لَنَا بِجَنَانِكَ- لِتُبْقِيَ عَلَى نَفْسِكَ رُوحَهَا الَّتِي بِهَا قِوَامُهَا- وَ مَالَهَا الَّذِي بِهِ قِيَامُهَا- وَ جَاهَهَا الَّذِي بِهِ تَمَسُّكُهَا- وَ تَصُونَ مَنْ عُرِفَ بِذَلِكَ أَوْلِيَاءَنَا وَ إِخْوَانَنَا- فَإِنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ تَتَعَرَّضَ لِلْهَلَاكِ- وَ تَنْقَطِعَ بِهِ عَنْ عَمَلٍ فِي الدِّينِ- وَ صَلَاحِ إِخْوَانِكَ الْمُؤْمِنِينَ- وَ إِيَّاكَ ثُمَّ إِيَّاكَ أَنْ تَتْرُكَ التَّقِيَّةَ الَّتِي أَمَرْتُكَ بِهَا- فَإِنَّكَ شَائِطٌ بِدَمِكَ وَ دِمَاءِ إِخْوَانِكَ- مُعَرِّضٌ لِنِعْمَتِكَ وَ نِعْمَتِهِمْ لِلزَّوَالِ- مُذِلٌّ لَهُمْ فِي أَيْدِي أَعْدَاءِ دِينِ اللَّهِ- وَ قَدْ أَمَرَكَ اللَّهُ بِإِعْزَازِهِمْ- فَإِنَّكَ إِنْ خَالَفْتَ وَصِيَّتِي- كَانَ ضَرَرُكَ عَلَى إِخْوَانِكَ وَ نَفْسِكَ- أَشَدَّ مِنْ ضَرَرِ النَّاصِبِ لَنَا الْكَافِرِ بِنَا.