الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الصلاة

36/12/29

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : موانع الجهاد
قد تم بحثنا حول دور اذن الوالدين او منعهما في جواز الجهاد او عدمه، وقلنا ان الميزان هو وجوب الاحسان اليهما وعدم ايذائهما فان منعا الاولاد عن الجهاد و ذهابه الى الجهاد كان سببا لإيذائهما لا يجوز له الجهاد، والا لا بأس به ثم دخلنا في ان الوالدين اذا كنا مشركين او احدهما فهل يجب طاعتهما في ترك الجهاد؟ ظاهر المصنف اطلاق مانعية منع الوالدين فيشمل المسلمين والمشركين وغير واحد من الفقهاء ايضاً اطلقوا الحكم  وقال الشهيد في روضة البهية: (وفي اشتراط اسلامهما قولان وظاهر المصنف عدمه)  [1] ولكن صاحب الجواهر قيد الوالدين بالمسلمين  و في مطاوي البحث يقول: (فلو كانا كافرين لم يعتبر اذنهما في الجهاد بل ولا يحرم مخالفتهما فيه)
ولكن يمكن الاستدلال بعدم تأثير نهي الوالدين اذا كانا مشركين في جواز الجهاد:
 اولاً : بقاعدة نفي السبيل قال الله تعالى: "لم يجعل الله للكافرين على المسلمين سبيلاً" [2] فسلطة الوالدين المشركين على ولدهما المسلم سبيل عليه، والله نفي السبيل للمشركين على المسلمين.
ثانياً : سيرة رسول الله حيث كان لكثير من اصحاب النبي صلى الله عليه وآله والدين مشركين وعادة كانوا كارهين لمشاركة اولادهم في الجهاد ولم يمنعهم عن الجهاد.
ثالثاً : لا معنى لتقييد جهاد المشركين بالاستئذان منهم، فطبيعة جهاد المشركين نافية لاشتراطه بإذنهم
رابعاً : قوله تعالى: "لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آبائهم او ابنائهم او اخوانهم او عشيرتهم...الآية [3]
فعلى ذالك القول بتقييد الوالدين بالإسلام لنفوذ نهيهم عن الجهاد هو الأقرب، ولعل بعض الفقهاء الذين اطلقوا القول كانوا في غفلة عن الانقسام لانه عادة كان اولياء المجاهدين من المسلمين ايضاً، نعم اذا كان الوالدين غير محاربين ولم يكن فيهما عناد فرعاية رضاهم أولى حيث ورد حسن المعروف بالنسبة الى الوالدين ولو كانا مشركين.
ثم ان صاحب الجواهر وغيره من الفقهاء جعلوا وجوب طاعة الولد عن ابويه في ترك الجهاد مشروطاً بالحرية وبعضهم قالوا بعدم الاشتراط، قال العلامة في التذكرة: (لو كان أبواه رقيقين، فعموم كلام الشيخ [4]يقتضي اعتبار إذنهما، للعموم، و لأنّهما مسلمان فأشبها الحرّين. و يحتمل عدم اعتبار إذنهما، لانتفاء ولايتهما) [5]
ويمكن النقاش في كلام العلامة بان الاستئذان من الوالدين ليس فرعاً لولايتهما فانه لا ولاية على الكبير وانما الاستئذان تكريم لهما والابتعاد من ايذائهما.
فاطلاق ادلة رعاية الوالدين من الآية والروايات لا مقيد له ولا مخصص عنه فالقول بوجوب طاعة الابوين ولو كانا رقيقين هو الاولى والاقرب.
ثم هل الاجداد والجدات تلحق بالوالدين في مانعية نهيهما عن الجهاد؟ قولان . قال الشهيد الثاني في المسالك: (و في إلحاق الأجداد بهما قول قويّ. و لو كانا مع الأبوين ففي اعتبار إذن الجميع، أو سقوط الأجداد وجهان، أجودهما الأوّل).
ولكن صاحب الجواهر يرجح القول بعدم شمول الحكم للأجداد مستدلاً باطلاق ادلة الجهاد، خرج منها نهي الوالدين فغيرهما يبقى في شمول ادلة الجهاد. وكذلك يستدل بان المستفاد من الكتاب والسنة واكثر الفتاوى منع الابوين فلا تشمل الاجداد واحتمال ارادة الاب والام فصاعدا خلاف المنساق،
لا يقال: ان الجد ولي مع فقد الاب او مع حضوره على قول.  لانا نقول هذا في باب الولاية التي لابد منها للصغار، ولكن مانحن فيه ليس بعنوان الولاية فان البالغ لا ولى له واموره بيده، وطاعة الاولاد الكبار عن الوالدين تكون من باب التكريم والتعظيم. وظاهر ادلة التي تدعوا الى الاحسان بالوالدين والحذر عن عقوقهما خاص بالوالدين دون الاجداد والجدات فالأصل عدم وجوب طاعتهما في مسألة الجهاد ايضاً.        


[1]  جواهر الكلام، الشيخ محمد حسن النجفي الجواهري، ج21، ص24.
[2]  سورة النسا، آية141
[3] مجادله/سوره58، آیه22.
[4]  المبسوط، الشيخ الطوسي، ج2، ص6.
[5]  تذكرة الفقهاء، العلامة الحلي، ج9، ص31.