الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الصلاة

36/12/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : ادلة اشتراط حضور المعصوم وعدمه
كان بحثنا في اشتراط وجوب الجهاد او جوازه بحضور المعصوم وعدمه؟ وقد ذكرنا اقوال كبار الفقهاء القداما والمتأخرين في هذه المسئلة، ثم تطرقنا إلى الادلة التي استدلوا بها او يمكن ان يستدلوا بها على الاشتراط وذكرنا
منها : رواية بشير او مصححته على قول، واثبتنا انها لا تدل على حصر وجوب الجهاد بظرف حضور المعصوم عليه السلام وكذالك ذكرنا رواية عبد الملك وهي: وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِينٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام: يَا عَبْدَ الْمَلِكِ مَا لِي لَا أَرَاكَ تَخْرُجُ إِلَى هَذِهِ الْمَوَاضِعِ- الَّتِي يَخْرُجُ إِلَيْهَا أَهْلُ بِلَادِكَ- قَالَ قُلْتُ: وَ أَيْنَ؟  قَالَ- جُدَّةُ وَ عَبَّادَانُ وَ الْمَصِّيصَةُ وَ قَزْوِينُ- فَقُلْتُ انْتِظَاراً لِأَمْرِكُمْ وَ الِاقْتِدَاءِ بِكُمْ- فَقَالَ إِي وَ اللَّهِ لَوْ كٰانَ خَيْراً مٰا سَبَقُونٰا إِلَيْهِ- قَالَ قُلْتُ: لَهُ فَإِنَّ الزَّيْدِيَّةَ يَقُولُونَ- لَيْسَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ جَعْفَرٍ خِلَافٌ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَرَى الْجِهَادَ- فَقَالَ أَنَا لَا أَرَاهُ ؟! بَلَى وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ- وَ لَكِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَدَعَ عِلْمِي إِلَى  جَهْلِهِمْ.[1]
 أودّ ان اتدارك  مسألة السند فيها : ان حكم ابن مسكين لم يرد له توثيق ولكنه استند اليه ابن ابي عمير، وهو من اصحاب الاجماع ومن روى عنه احد اصحاب الاجماع فهو يعتبر توثيقاً له.
قال الكشي : (أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح من هؤلاء و تصديقهم لما يقولون و أقروا لهم بالفقه)  [2]‏فقد ذكر ستة من اصحاب الصادقين عليهم السلام وستة من اصحاب الصادق عليه السلام فقط وستة من اصحاب ابا ابراهيم موسى ابن جعفر والامام علي الرضا عليهما السلام، وابن ابي عمير من الفريق الثالث. فبعض فقهاء المحدثين إعتمدوا على رواية هؤلاء ولو رووا عمن جُرح في كتب الرجال فجعلوا مفاد ما قاله الكشي صحة الروايات دون توثيق رجالها، و بعضهم ادعو حجية رجال السند الذي فيه احد هؤلاء إلى الامام عليه السلام، ولكن الصحيح هو القول بان كل حديث وصل إلىنا بسند صحيح عن احد هؤلاء يوثق رجال من بعده إلى المعصوم عليه السلام، بشرط ان لا يكون لهم جرح من الرجاليين. فمفاد مقولة اصحاب الاجماع هو توثيق عام لمن روى عنه هؤلاء المسمين، ولكن ليس توثيقا لمن اخذوا منه .
فعلى كل حال في الرواية المبحوث عنها يمكن توثيق حكم ابن مسكين لان ابن ابي عمير روى عنه ولكن ليس توثيقا لعبد الملك بن عمرو فالحديث ضعيف الا على رأي من يرى رواية هؤلاء توثيقاً لمن قبلهم إلى الامام. و اما الدلالة هي ما قلناه بالامس من عدم دلالتها على حصر جواز الجهاد بحضور المعصوم عليه السلام.
منها :  رواية عبد الله ابن مغيرة: واليك نصها: كليني عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْمَعْرُوفِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ  لِلرِّضَا عيه السلام وَ أَنَا أَسْمَعَ:- حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ- عَنْ آبَائِهِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ- إِنَّ فِي بِلَادِنَا مَوْضِعَ رِبَاطٍ يُقَالُ لَهُ قَزْوِينُ- وَ عَدُوّاً يُقَالُ لَهُ الدَّيْلَمُ فَهَلْ مِنْ جِهَادٍ- أَوْ هَلْ مِنْ رِبَاطٍ فَقَالَ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْبَيْتِ فَحُجُّوهُ- فَأَعَادَ عَلَيْهِ الْحَدِيثَ فَقَالَ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْبَيْتِ فَحُجُّوهُ- أَ مَا يَرْضَى أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِهِ- يُنْفِقُ عَلَى عِيَالِهِ مِنْ طَوْلِهِ يَنْتَظِرُ أَمْرَنَا- فَإِنْ أَدْرَكَهُ كَانَ كَمَنْ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص بَدْراً- فَإِنْ مَاتَ يَنْتَظِرُ أَمْرَنَا- كَانَ كَمَنْ كَانَ مَعَ قَائِمِنَا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي فُسْطَاطِهِ وَ جَمَعَ بَيْنَ السَّبَّابَتَيْنِ- وَ لَا أَقُولُ هَكَذَا وَ جَمَعَ بَيْنَ السَّبَّابَةِ وَ الْوُسْطَى- فَإِنَّ هَذِهِ أَطْوَلُ مِنْ هَذِهِ- فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ ع صَدَقَ.  [3]
وجه الاستدلال هو : ان الامام يحرّضه على إبقاء نفسه وعدم المشاركة في الجهاد والرباط وانتظار امرهم فلو كان الجهاد واجباً لما شجّعه الامام على تركه واختيار الحج والبقاء في البيت وانتظار امرهم اي حكومتهم.
ولكن يرد عليه اولاً : بضعف السند لوجود سهل بن زياد الآدمي في سنده. ثانياً: ليس في الحديث نهي ولا امر ولسانه لسان الترجيح وبما انّ الجهاد واجب كفائي ولم يكن متعينا عليهم اختياره فالامام رجح له ترك الجهاد واختيار الحج ولكن لم يحرم عليه الجهاد . وثالثا: الجهاد في تلك العصور كان جهاداً توسعياً و لم يكن الا تقوية للباطل. ورابعاً: ما المراد من قوله عليه السلام ينتظر امرنا؟ الظاهر ان المراد من امرنا هو الحكومة الاسلامية في مقابل اعدائنا. كما قالوا: "احيوا امرنا رحم الله من احيا امرنا".
حديت ختم الاسبوع:  قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لِرَجُلٍ اجْعَلْ قَلْبَكَ قَرِيناً بَرّاً- وَ وَلَداً وَاصِلًا وَ اجْعَلْ عِلْمَكَ وَالِداً تَتَّبِعُهُ- وَ اجْعَلْ نَفْسَكَ عَدُوّاً تُجَاهِدُهُ- وَ اجْعَلْ مَالَكَ عَارِيَّةً تَرُدُّهَا. [4]


[1]  وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج15، ص46، أبواب جهاد العدو، باب12، ح2، ط آل البیت.
[2]   اختيار معرفة الرجال (رجال الکشي)، الشيخ الطوسي، ج2، ص673.
[3]  وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج15، ص47، أبواب جهاد العدو، باب12، ح5، ط آل البیت.
[4]  وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج15، ص162، أبواب جهاد النفس، باب1، ح4، ط آل البیت.