الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الصلاة

36/12/02

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : يسقط الجهاد عن المرأة
ان المحقق رضوان الله عليه قال: (هو فرض على كل مكلّفٍ حرٍ ذَكرٍ غيرَ هِمِّ فلا يجب على الصبي و لا على المجنون و لا على المرأة و لا على الشيخ الهِمّ و لا على المملوك).
قد فرغنا في المباحث السابقة عن عن الصبي والمجنون والمملوك ممن لا يجب عليهم الجهاد بقي علينا ان نتحدث عن المرأة والشيخ الهِمّ. اما المرأة فيسقط الجهاد عنها فقد قال صاحب الجواهر في المسألة : (بلا خلاف أيضاً بل الإجماع بقسميه عليه) وهذا الكلام يتضح من المراجعة إلى كلمات الفقهاء المتقدمين والمتاخرين فانهم يذكرون اشتراط الذكورة كقضية مفروغة عنها ولم يخالف فيه أحد، بل يمكن ايضا ان يستدل على سقوط  الجهاد عن النساء بسيرة المسلمين المتصلة بعصر الأئمة بل رسول الله صلى الله عليهم اجمعين. حيث لم يذكر دعوة النساء للقتال، لا في عهد رسول الله ولا في عهد علي و لا الحسن ولا الحسين عليهم السلام، ومن بادرت من النساء إلى القتال ردعوها عن القتال وارجعوها إلى الخيام. فلا شك في هذه المسئلة.
 ولكن صاحب الجواهر يستدل ايضاً بضعف النساء عن الحرب، ولعله اراد ان يشير إلى قوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَ لا عَلَى الْمَرْضى‏ وَ لا عَلَى الَّذينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ ما عَلَى الْمُحْسِنينَ مِنْ سَبيلٍ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحيمٌ﴾ (التوبة91) فجعل المرأة مصداقا للضعفاء، ولكنه اذا جعلنا الضعف دليل على سقوط الجهاد عنهن فالدليل اخص من المدعى ولا يشمل كثير من النساء القادرات على الحرب كما نري مقاتلات سفاكات في العصابات الارهابية فنسبة الضعيف بالمرأة عموم من وجه.
ومما استدل به لسقوط الجهاد عن المرأة خبر أصبغ نباتة واليك نصه:  مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام "كَتَبَ اللَّهُ الْجِهَادَ عَلَى الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ فَجِهَادُ الرَّجُلِ بَذْلُ مَالِهِ وَ نَفْسِهِ حَتَّى يُقْتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ جِهَادُ الْمَرْأَةِ أَنْ تَصْبِرَ عَلَى مَا تَرَى مِنْ أَذَى زَوْجِهَا وَ غَيْرَتِهِ". وجه الاستدلال تفصيل الذي ورد في الحديث بين الرجل والمراة حيث جعل جهاد المرأة الصبر على اذى زوجها، وجعله قسيما لبذل المال والنفس والقسيمين متغايران في ماهيتهما فيستفاد من ذالك نفي الجهاد بمعنى بذل المال والدم عن المرأة. الا ان السند ضعيف: فاما ابو الجوزاء فهو منبه ابن عبدالله وهو امامي ثقة ولكن الحسين ابن علوان الكلبي عامي لم يوثق وسعد ابن طريف مختلف فيه ويقدم الجرح على التوثيق، أصبغ جليل القدر من اصحاب امير المؤمنين عليه السلام، فالسند ضعيف بالحسين ابن علوان وسعد ابن طريف. نعم بما ان الرواية مروية في الكافي والفقيه فيعتمد عليه البعض.
 ومنها الحديث المعروف: "جهاد المرأة حسن التبعل" رواه في الكافي مضمرة بلا سند حيث قال: وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: :جِهَادُ الْمَرْأَةِ حُسْنُ التَّبَعُّل‏" (الكافي ج5ص9) والوجه في الاستدلال حصر جهاد المرأة في حسن التبعل و مفهوم الحصر حجة. ولكن كما ترون لا سند له. ولكن يكفينا للمسئلة الاجماع والسيرة القطعية.
ثم في خنثى المشكل: اذا قلنا أن وجوب الجهاد مشروط بالذكورة، وقلنا ان الخنثى حقيقة ثالثة، ليس عليها الجهاد لانها ليست ذكراً فاذا انتفى الشرط انتفى المشروط.  وان كان موضوع الحكم سقوط الجهاد عن المرأة فالخنثى لم يسقط عنها الجهاد لانها ليست مرأة، ان قلنا انها حقيقة ثالثة، وان قلنا انها في الواقع محسوبة على أحد الصنفين من الذكر والانثى فتشملها عمومات وجوب الجهاد لان المورد من الشك في المخصص فالمرجع في الحكم هي العمومات الموجبة للجهاد على المؤمنين.
نعم جل كلمات الفقهاء ظاهرة في اشتراط الذكورة ثم يستنتجون سقوطه عن المراة بفاء التفريع، كما هو ظاهر المصنف ايضاً، ولكن نجد فيهم من ذكر السقوط عن المرأة فقط. ونستنتج القول: بانه قلنا ان الذكورة هي شرط الوجوب فلا يجب الجهاد على الخنثى سواء قلنا هي حقيقة ثالثة او قلناهي ملحقة باحد الصنفين في الواقع لعدم احراز شرط الوجوب فيه . وان قلنا ان الأنوثة هي المسقطة للوجوب فالخنثى يجب عليها الجهاد سواء قلنا هي حقيقة ثالثة او قلنا ملحقة بأحد الصنفين من دون تعيين فعمومات وجوب الجهاد هي المرجع لان المورد من موارد الشك في المخصص فالمرجع هو العمومات. وبما ان أهم الادلة في الباب هو الاجماع والسيرة وهما دليلان لبيان فيؤخذ بالقدر المتيقن في المخصص وهو سقوط الجهاد عن المرأة فما دونها داخل في عمومات وجوب الجهاد. ولا يخفى ان التقسيم الثنائي للانسان في القران يمكن ان يكون شاهدا على الحاق الخنثى بأحد اصنفين من الذكر والانثى والمشكل منها ما لم نجد طريقا لكشف واقعها . قال تعالى: "انا خلقناكم من ذكر وانثى" الاية. وايضاً : "من عمل منكم من ذكر او انثى فلنحيينه حياة طيبة الاية"  
لا يقال: بان في قوله تعالى كتب عليكم القتال يكون الضمير مذكرا فلا يشمل الخنثى. لاننا نقول ان ضمير المذكر للاعم الا اذا كان هناك قرينة لخصوص الرجل، ووزان قوله كتب عليكم القتال وزان قوله كتب عليكم الصيام فلا يختص بالذكر.
حديث ختم الاسبوع:  مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عَمْرٍو وَ أَنَسِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ فِي وَصِيَّةِ النَّبِيِّ ص لِعَلِيٍّ ع قَالَ: يَا عَلِيُّ ثَلَاثَةٌ مَنْ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِنَّ فَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ النَّاسِ مَنْ أَتَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِمَا افْتَرَضَ عَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ وَ مَنْ وَرِعَ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَهُوَ مِنْ أَوْرَعِ النَّاسِ وَ مَنْ قَنِعَ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ فَهُوَ مِنْ أَغْنَى النَّاسِ ثُمَّ قَالَ يَا عَلِيُّ ثَلَاثٌ مَنْ لَمْ يَكُنَّ فِيهِ لَمْ يَتِمَّ عَمَلُهُ وَرَعٌ يَحْجُزُهُ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ وَ خُلُقٌ يُدَارِي بِهِ النَّاسَ وَ حِلْمٌ يَرُدُّ بِهِ جَهْلَ الْجَاهِلِ إِلَى أَنْ قَالَ يَا عَلِيُّ الْإِسْلَامُ عُرْيَانٌ وَ لِبَاسُهُ الْحَيَاءُ وَ زِينَتُهُ الْعَفَافُ وَ مُرُوءَتُهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ وَ عِمَادُهُ الْوَرَعُ. (وسائل ج15ابواب جهادالنفس) النفس