الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الصلاة

36/07/03

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: أحكام الجماعة
المسألة السابعة
قال السيد اليزدي : لا يجوز أن يتقدّم المأموم على الإمام في الأفعال، بل يجب متابعته بمعنى مقارنته، أو تأخّره عنه تأخّراً غير فاحش، ولا يجوز التأخّر الفاحش.[1]
من الأمور التي ينبغي للمأموم أن يراعيها في صلاة الجماعة وجوب عدم تقدمه على الإمام في الأفعال، هذه المسألة مما لا خلاف فيه بين الفقهاء، ومن المسلمات، بل ادعى بعضهم الإجماع عليه، ومنهم الفاضلان : الفاضل التوني، والفاضل المقداد رحمهما الله تعالى، والشيهدان، وصاحب المدراك رضوان الله تعالى عليهم.
من الأحسن أن نشير إلى الفرق بين المصطلحين من المصطلحات الفقهية المتدوالة على ألسنة الفقهاء، وهما : مصطلح " لا خلاف فيه "، ومصطلح " الإجماع "، فحينما يقال : هذا مما لا خلاف عليه بين الفقهاء، يدل هذا التعبير على أنه لم يوجد أي خلاف بين الفقهاء على مسألة معينة، وعدم وجدان الخلاف إما راجع إلى عدم تعرضهم للمسألة، أو توافقهم عليها، ولكن حينما يقال : هذا مما أجمع عليه الفقهاء، فالمراد، أن كلهم تعرضوا لها، ولم يخالفوا فيها، ومن هنا فقولهم : هذا مما أجمع عليه الفقهاء، أقوى دلالة على الاتفاق، من قولهم : هذا مما لا خلاف فيه بينهم، ولذلك يقولون : هذا مما لا خلاف فيه، بل هو مما أجمع عليه الفقهاء.
المهم أن وجوب عدم تقدم المأموم على الإمام في الأفعال مما لا خلاف فيه بين الفقهاء، بل ادعي عليه الإجماع، كما نقله البعض.
الدليل على وجوب عدم تقدم المأموم على الإمام في الأفعال
من الأدلة التي استدل بها في المقام الروايتان النبويتان، إحداهما ما روي في كنز العمال : " إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر الامام فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا رفع رأسه من الركوع فارفعوا، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين".[2] [3]
إلا أن الاستدلال بهذه الرواية ليس بصحيح، وذلك أولا – هذه الرواية رويت في كنز العمال، وهو ليس من المتون والمصادر الأساسية عند أهل السنة، بل هو يعتبر بمثابة الجامع للروايات التي وردت في المتون الأساسية، فهو كـ " وسائل الشيعة " عندنا، فالوسائل ليس من المتون الأساسية والمصادر الأصلية للأحاديث، بل صاحب الوسائل جمع الأحاديث التي وردت في المصادر والمتون الأساسية مثل كتاب التهذيب، والاستبصار والكافي، وأمالي الصدوق رحمه الله، وغيرها من المصادر الأصلية، المهم أن هذه الرواية ساقطة عن الاعتبار لضعف السند، مع الالتفات أننا حينما نرفض بعض الروايات التي وردت في مصادر العامة، لا نرفضها بمجرد أنها وردت في كتبهم، بل إنما لا نأخذ بها؛ لأن رواتها ليسوا ثقاة، فكثيرا ما نرى أن البخاري وغيره، يروي عن النواصب، أو عن الضعيف عندنا، أو عن الضعيف عندهم وعندنا، فلا وجه لأخذ بمثل هذه الروايات، وإلا أن الراوي إذا كان ثقة عندنا وعندهم نأخذ بروايته، وهذا كالسكوني، فنعمل بما رواه، مع أنه من السنة.
والنبوية الثانية، وهي : أما يخشى الله الذي يرفع رأسه والامام ساجد أن يجعل الله رأسه رأس حمار.[4]  [5] [6]وهذه الرواية كذلك عامية ذكرها صاحب كنز العمال بلا سند.
بالنسبة إلى النبوية الاولى أخذ بها بعض الفقهاء، بحجة انجبار ضعف السند بالشهرة الروائية و الفتوائية، لكن هذا لا يتم لأنه لم يثبت استناد الفقهاء في فتواهم بحرمة تقدم المأموم على الإمام بهذه الرواية، نعم، لو ثبت أن الفقهاء القدماء استندوا إلى الحديث وعملوا حسب مضمونها، فقد يقال ان عملهم يسبب الاطمئنان بصحة الرواية و كان عندهم قرائن موجبة لليقين ولذا يقولون كلما كان السند اضعف كانت الحجية أقوى لان احتمال اكتفائهم بسند ضعيف ابعد فلابد أنهم وصلوا إلى قرائن لم تصل إلينا، ولكن هذا المبنى مردود عند كثير من الفقهاء المعاصرين والبحث عن جبر السند بالشهرة يعود الى علم الاصول، وعلى كل حال الاستناد بهذا النبوي مخدوش صغرىً وكبرىً لأنه أولاً: لم يثبت عملهم بهذه الرواية، لتوفر أدلة أخرى للحكم، وثانياً: كون عمل المشهور برواية جابر لضعف سندها أول الكلام.
ونوقش في خصوص النبوية الثانية مضافا إلى ضعف السند في دلالتها على المطلوب فقالوا : إن قوله عليه السلام : ( يجعل الله رأسه رأس الحمار ) يناسب الكراهة، لأن الروايات التي يكون فيها تهديد دنيوي يناسب مع الحكم بالكراهة، ثانيا، من المحتمل أن يكون التهديد الوارد في الرواية ليس لأجل تقدم المأموم على الإمام، بل يمكن أن يكون بسبب إعراض المأموم عن طول السجدة.
وهناك رواية ثالثة استدل بها في المقام، وهي ما رواه صاحب الوسائل نقلاً عما رواه الشيخ الصدوق في أماليه، بإسناد تقدم في إسباغ الوضوء، يعنى أن صاحب الوسائل حينما يروي هذه الرواية عن الشيخ الصدوق لم يرويها بسند الشيخ إلى أبي سعيد الخدري وإنما يرويها عمن رواها بنفس السند في إسباغ الوضوء في المجلد الأول من الوسائل، باب54، ح3، وسندها هناك هكذا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغِفَارِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ( ..... إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاعْدِلُوا صُفُوفَكُمْ وَ أَقِيمُوهَا وَ سَوُّوا[7] الْفُرَجَ وَ إِذَا قَالَ إِمَامُكُمْ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقُولُوا اللَّهُ أَكْبَرُ- وَ إِذَا قَالَ‏ سَمِعَ‏ اللَّهُ‏ لِمَنْ‏ حَمِدَهُ‏ - فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَ لَكَ الْحَمْد).[8]  [9]
سند هذه الرواية فيه إشكال؛ وذلك أن سند الشيخ الصدوق رحمه الله إلى أبي سعيد الخدري فيه مجاهيل، وفيه من ليس بثقة، فمحمد بن علي ماجيلويه، ومحمد بن قاسم، وعبد الله بن إبراهيم لم يرد في حقهم التوثيق، ولعل عبد الرحمن وعمه كذلك لم يرد في حقهما التوثيق.
أما من ناحية الدلالة، فكما يحتمل أن قوله صلى الله عليه وآله وسلم : (وَ إِذَا قَالَ إِمَامُكُمْ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقُولُوا اللَّهُ أَكْبَر) نهي عن تقدم المأموم على الإمام في التكبير، كذلك يحتمل أن يكون نهي عن التأخير، أي : ينهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن تأخير المأموم عن الإمام في تكبيرة الإحرام، ويأمره أن يكبر عند تكبير الإمام ولا ينتظر أو يتأخر. وإذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال.
وما ينغبي أن يستدل على وجوب عدم تقدم المأموم على الإمام، أولا – أن هذا مقتضى مفهوم الائتمام، لأنه يقتضي أن يكون الإمام متقدما على المأموم فيما يقوم به في الصلاة حتى يصح الائتمام، وأن يكون المأموم متابعا له، ويقتديه في أفعاله، وإلا فإذا كبر المأموم قبل تكبير الإمام، وركع قبل ركوعه، وسجده قبل سجوده، فلا يتحقق عنوان الائتمام، لأن الائتمام هو الاقتداء وأن يكون عمل المأموم تابعا لعلم الإمام.
ثانيا، ثمة الروايات المتعددة التي وردت في تفاصيل الصلاة تدل على وجوب عدم تقدم المأموم على الإمام، ومنها ما رواه صاحب الوسائل عن الشيخ في التهذيب بإسناده عن أحمد بن محمد  عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ قَالَ : ( كَتَبْتُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع- فِي الرَّجُلِ كَانَ خَلْفَ إِمَامٍ يَأْتَمُّ بِهِ فَيَرْكَعُ قَبْلَ‏ أَنْ‏ يَرْكَعَ‏ الْإِمَامُ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ الْإِمَامَ قَدْ رَكَعَ فَلَمَّا رَآهُ لَمْ يَرْكَعْ رَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ أَعَادَ رُكُوعَهُ مَعَ الْإِمَامِ أَ يُفْسِدُ ذَلِكَ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ، أَمْ تَجُوزُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ فَكَتَبَ ع تَتِمُّ صَلَاتُهُ وَلَا تَفْسُدُ بِمَا صَنَعَ صَلَاتُهُ ).[10]
سند هذه الرواية سند صحيح، البرقي هو محمد بن خالد البرقي، وهو من الأجلاء والفضلاء، وابن فضال من الثقات، وأشرنا سابقا إلى أن بني فضال ثقاة لكنهم منحرفون في العقيدة، ومن هنا ورد عن المعصوم في شأنهم، خذوا بما رووا وذروا بما رأوا، أي : صدقوهم فيما يروونه عنا، واتركوا بما اختاروه من العقيدة. ومن ناحية الدلالة، فهي تدل على ما نحن بصدده، وهو وجوب عدم تقدم المأموم على الإمام، وذلك أن السائل سأل الإمام عليه السلام عن حكم صلاة الرجل الذي ركع قبل أن يركع الإمام زاعما أنه ركع، ثم عاد إلى القيام، فأجابه الإمام بأن صلاته لا تبطل، ومن هنا فلو لم يكن تقدم المأموم على الإمام في الأفعال حراما، لما صح أن يعود إلى القيام، بل كان بإمكانه أن ينتظر الإمام في الركوع، أو يستمر.
مع الالتفات إلى أن فتوى الفقهاء العظام على خلاف ما جاء في هذه الرواية، حيث أنهم أفتوا بصحة صلاة من رفع رأسه عن الركوع زاعماً أن الإمام انتهى من الركوع، ثم أعاد إلى الركوع متابعة للإمام، وأفتوا ببطلان الصلاة لمن ركع قبل الإمام زاعما أن الإمام في الركوع، ثم أعاد إلى القيام، وركع مرة ثانية مع الإمام، والسر في الحكم بصحة الصلاة في الصورة الأولى أن المأموم زاد ركنا بركوعه مرة ثانية، إلا أن هذه الزيادة ليست مضرة؛ لأنها كانت متابعة للإمام، لكنه في الصورة الثانية زاد ركنا ليس لأجل متابعة الإمام، بل إنما ركع والإمام كان في حالة القيام، ثم ركع مع الإمام، فركوعه الأول كان زيادة في الركن وإن كان سهوا، لكنه مبطل. لأن زيادة الركن مبطل للصلاة وإن صدر سهواٌعمداً إلا إذا كان ذلك لأجل متابعة الإمام، وكانت زيادته حسب الفرض الأول متابعة الإمام دون الثاني، من هنا حكم بصحة الصلاة في الصورة الأولى، وببطلان الصلاة في الصورة الثانية.
ومن الروايات التي تدل على وجوب عدم تقدم المأموم على الإمام ما وردت في الوسائل : مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ ( سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلٍ صَلَّى مَعَ إِمَامٍ يَأْتَمُّ بِهِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ قَالَ فَلْيَسْجُدْ ).[11]
فقول الأمام عليه السلام : ( فليسجد )، يدل على وجوب عدم تقدم المأموم على الإمام، ومنها ما رواه في الباب نفسه : مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ : ( سَأَلْتُهُ عَمَّنْ رَكَعَ مَعَ إِمَامٍ يَقْتَدِي بِهِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ قَالَ يُعِيدُ رُكُوعَهُ مَعَه ).‏[12] فالأمر بإعادة الركوع لیکون مع الامام غیر متقدم علیه.
ومنها : وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ عَنْ أَخِيهِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ قَالَ: ( سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَرْكَعُ مَعَ الْإِمَامِ يَقْتَدِي بِهِ ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ قَالَ يُعِيدُ رُكُوعَهُ مَعَهُ ).[13] ودلالتها كسابقتها.

ومنها : وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُكَيْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع ( قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَسْجُدُ مَعَ الْإِمَامِ فَأَرْفَعُ رَأْسِي قَبْلَهُ أُعِيدُ قَالَ أَعِدْ وَ اسْجُدْ.)[14] ففي هذه الروايات المباركة تدل على وجوب متابعة المأموم الإمام؛ وذلك أن الإمام عليه السلام أمر أن يعيد المأموم إلى ركوعه أو سجوده، لأن الإمام ما زال في حالة الركوع، فلو كان تقدم المأموم على الإمام جائزا لما أمر الإمام عليه السلام بإعادة المأموم إلى الركوع أو السجود.
وكذلك يدل ما ورد من الروايات في باب التشهد على وجوب عدم تقدم المأموم على الإمام، ومنها : مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ: (سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يُدْرِكُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ مِنَ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ وَ هِيَ لَهُ الْأُولَى كَيْفَ يَصْنَعُ إِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ قَالَ يَتَجَافَى‏ وَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الْقُعُودِ فَإِذَا كَانَتِ الثَّالِثَةُ لِلْإِمَامِ وَ هِيَ الثَّانِيَةُ لَهُ فَلْيَلْبَثْ قَلِيلًا إِذَا قَامَ الْإِمَامُ بِقَدْرِ مَا يَتَشَهَّدُ ثُمَّ لْيَلْحَقِ الْإِمَامَ الْحَدِيثَ).[15]
ومنها : مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي حَدِيثٍ قَالَ: ( وَ مَنْ أَجْلَسَهُ الْإِمَامُ فِي مَوْضِعٍ يَجِبُ أَنْ يَقُومَ فِيهِ تَجَافَى وَ أَقْعَى إِقْعَاءً وَ لَمْ يَجْلِسْ مُتَمَكِّنا.)[16]
فقول الإمام عليه السلام : (يَتَجَافَى‏ وَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الْقُعُودِ) في الرواية الأولى يدل على وجوب عدم تقدم المأموم على الإمام؛ وذلك أنه لو كان تقدمه جائزا على الإمام، لما أُمر بالانتظار حتى ينتهى الإمام من التشهد، وكذلك يدل عليه قوله عليه السلام : (يَجِبُ أَنْ يَقُومَ فِيهِ تَجَافَى وَ أَقْعَى إِقْعَاءً وَ لَمْ يَجْلِسْ مُتَمَكِّنا) في الرواية الثانية.
فكل هذه الروايات المباركة تدل على وجوب عدم تقدم المأموم على الإمام، وهي صحاح من ناحية السند، ومن هنا ما قال السيد من أنه لا يجوز أن يتقدّم المأموم على الإمام في الأفعال، صحيح لا غبار عليه، و من المسلمات، بل إنما ادعي عليه الإجماع كما أشرنا إليه في بداية الدرس.
وقفة أخلاقية
قال أبو الحسن الثالث عليه السلام : ( الشَّاكِرُ أَسْعَدُ بِالشُّكْرِ مِنْهُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي أَوْجَبَتِ الشُّكْرَ لِأَنَّ النِّعَمَ مَتَاعٌ وَ الشُّكْرَ نِعَمٌ وَ عُقْبَى ).[17]
الشكر من الخصائل الحميدة التي أكدت عليها التعليمات الإسلامية السامية، ونتوصل من خلال النصوص المباركة التي وردت في هذا المجال، إلى أن الشكر له منزلة وفضل كبير، ولها ثمارات وفوائد عظيمة ترجع إلى من يقوم بالشكر، وهذه الرواية تؤكد على ذلك المعنى، حيث أشار إلى حيث أشار إلى أن الشاكر فی نفسه یتلذذ من فرحة وارتیاح تحدث فیه بالشكر وهده الحالة النفسیة أكبر من النعمة التي أوجبت الشكر وهي النعمة المادیة یستفید منها، وأن النعم متاع الدنيا وفانية، أم الشكر فهو نعمة الله تبارك وتعالى يتنعم بها في الدنيا، ولصاحبه أجر عظيم في الآخرة.


[1]العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ج3، ص156، ط ج.
[2] كنز العمال، علاء الدين علي المتقي بن حسام الدين الهندي، .ج7، ص602
[3]وكذلك انظر : مسند أحمد، أحمد بن حنبل ج2، ص314، مع اختلاف يسير.
[4]السنن الكبرى أحمد بن الحسين البيهقي، ج2، ص93.
[5]كنز العمال، علاء الدين علي المتقي بن حسام الدين الهندي، ج7، ص612.
[6]والسند الذي ذكره البيهقي : أبو عبد الله الحافظ وأبو أحمد المهرجاني قالا ثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ ثنا علي بن الحسن الهلالي ثنا عبد الملك بن إبراهيم الجدي ثنا حماد بن سلمة وحماد بن زيد وشعبة وإبراهيم بن طهمان عن محمد ابن زياد قال سمعت أبا هريرة قال سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول أما يخشى الله .... الخ، وقال البيهقي بعد ذكر الرواية : " قال شعبة في حديثه أو صورته صورة حمار * أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث شعبة وأخرجه مسلم من حديث الحمادين، أما ما روي في كنز العمال فهو : " ما يؤمن الذي يرفع رأسه قبل الامام أن يحول الله رأسه رأس حمار.
[7] في المصدر- و سدوا.
[8] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص423، أبواب الجماعة، باب 70، ح6، ط آل البيت.
[9]أمالي الصدوق، الشيخ الصدوق، المجلس الثاني والخمسون، ص322.
[10] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص391، أبواب صلاة الجماعة، باب48، ح4، ط آل البيت.
[11] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص390، أبواب صلاة الجماعة، باب48، ح1، ط آل البيت.
[12] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص390، أبواب صلاة الجماعة، باب48، ح2، ط آل البيت.
[13] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص391، أبواب صلاة الجماعة، باب48، ح3، ط آل البيت.
[14] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص391، أبواب صلاة الجماعة، باب48، ح5، ط آل البيت.
[15] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص418، أبواب صلاة الجماعة، باب67، ح1، ط آل البيت.
[16] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص418، أبواب صلاة الجماعة، باب67، ح2، ط آل البيت.
[17] تحف العقول، حسن بن على ابن شعبه حرانى، ص483.