الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

34/12/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضـوع:- أصول الفقه.
وأخرى بما ذكره المحقق العراقي من بيان علمٍ إجماليٍّ غير منحل، وذلك أننا نعلم إجمالاً بعدم جواز ترك العتق لو كان هو الواجب تعييناً، أو عدم جواز ضمِّ ترك الإطعام إلى تركه لو كان واجباً تخييراً، حيث إن مخالفته تكون بضمِّ أحدهما إلى ترك الآخر، وعليه سوف يكون لكل واحدٍ من الوجوبين – التعييني والتخييري – مزيةٌ إلزاميةٌ يفقدها الآخر، أما مزية الوجوب التعييني للعتق فهي الإلزام حتى مع فرض الإطعام، وهذه الخصوصية لا توفُّر لها في الوجوب التخييري لأنه لو أطعم لا يجب عليه ضمُّ العتق إليه، وأما مزية الوجوب التخييري فهي حرمة ضمِّ ترك الإطعام إلى ترك العتق وذلك لتحقق المخالفة القطعية بهذا الضمِّ، وهذه الخصوصية غير متوفرةٍ في الوجوب التعييني لأحدهما، إذ على فرض الوجوب التعييني للعتق – مثلاً – سوف تتحقق المخالفة بمجرد ترك الإعتاق سواءٌ ضمَّ إليه ترك الإطعام أو لا!. والحاصل أنه ينعقد علمٌ إجماليٌّ بإحدى الخصوصيتين الإلزاميتين، والبراءة عن وجوب العتق لمن أطعم معارضةٌ بالبراءة عن حرمة ضمِّ ترك الإطعام والوجوب المشروط مع الوجوب المطلق وإن كان بحدهما من المشروطية والإطلاق متباينين إلا أنه بمقدار ما يدخل في عهدة المكلف أعني ذات الوجوب المحدود بحد الإطلاق أو الإشتراط تكون النسبة بينهما هي نسبة الأقل والأكثر فالعلم الإجمالي منحلٌ حقيقةً. إلى ترك العتق، وهذا الوجه غاية ما ينفع في المنع عن انحلال العلم الإجمالي حقيقةً، إلا أن هذا العلم الإجمالي غير منجزٍ لمكان الإنحلال الحكمي، لأن البراءة عن وجوب العتق بالنسبة لمن أطعم لا تعارض بالبراءة عن حرمة ضمِّ ترك العتق إلى ترك الإطعام، لأن فرض البراءة هذه هو فرض المخالفة القطعية، وبالتالي لا تجري البراءة وهذا بخلاف البراءة عن وجوب العتق لمن أطعم، فإن فرضها هو فرض المخالفة الإحتمالية ولا محذور في التأمين عنها.
ثانيأ : لو كان مرجع الوجوب التخييري إلى أنه يوجد غرضان لزوميان متزاحمان في مقام التحصيل بحيث لا يمكن للمكلف استيفاءهما معاً لمكان المنافاة بينهما تحصيلاً، للعجز عن تحصيل أحد الغرضين فيما لو استوفى الآخر، وعليه فإن المولى يوجب على المكلف كلاً من الفعلين مشروطاً بترك الآخر، للعجز عن استيفائه فيما لو استوفى الملاك الأول، ومرجع الشك في مثل ذلك إلى أن الإتيان بالإطعام هل يعجِّز المكلف عن تحصيل الغرض اللزومي للعتق، أم لا؟ وهذا من الشك في القدرة على تحصيل الغرض اللزومي الذي اشتغلت به عهدة المكلف فيجب عليه الإحتياط في أمثال هذه الموارد.