الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

34/07/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 
 الموضوع: الأصول/ مباحث القطع / مبحث الأقل والأكثر/ الأقل والأكثر الارتباطين
 الكلام في التنبية الثاني الذي فصَل فيه صاحب الكفاية ما بين البراءتين العقلية والشرعية، فمنع عن جريان الأولى ورأى جريان الثانية وقلنا بأنه لا بدَّ أن نرى وجوه المنع عن جريان البراءة العقلية لنرى هل تمنع عن جريان البراءة الشرعية، والموجود بيانان:
 البيان الأول: إن العلم الإجمالي المردد بين الأقل والأكثر لما لم يكن منحلاً بلحاظ عالم الجعل والوجوب فلا تجري البراءة طراً، وأما البراءة الشرعية فلا نجريها بلحاظ الجعل والوجوب وإنما بلحاظ الجزئية المشكوكة حيث يكون الإنحلال بلحاظ الجزئية حقيقياً.
 والميرزا بدوره: أجرى البراءة عن تقييد الأقل بانضمام الأجزاء المشكوك فيها ظاهراً، وبالتالي قد أثبت تعلق الوجوب بالأقل مطلقاً، كل ذلك ببركة ضمّ أدلة البراءة إلى أدلة الأجزاء حيث يثبت تعلق التكليف بالأقل مطلقاً ظاهراً فيكون هذا وجهاً للتفصيل ما بين البراءتين.
 وأورد عليه السيد الخوئي: أن إجراء البراءة عن تقييد الأقل بانضمام الجزء المشكوك لا يُثبت تعلقه بالأقل مطلقاً إلا على القول بالأصل المثبت، لأن الإطلاق عبارةٌ عن لحاظ عدم القيد فلا يمكن إثباته بنفي التقييد لأنه يكون من إثبات أحد الضدين بنفي ضده الآخر.
 وقد فصَّل السيد الشهيد: بين أن يكون النافي لتقييد الأقل بالجزء المشكوك أمارةً أو أصلاً عملياً، فعلى الأول لا محالة يثبت أن الواجب واقعاً هو الأقل مطلقاً، وعلى الثاني يفصّل بين الأصل المحرز وغيره، فعلى الأول كالإستصحاب الذي يثبت الواقع وينقحه، حيث نستصحب عدم تقيُّد وجوب الأقل بانضمام الجزء المشكوك حينئذٍ يتمُّ التفصيل بين ما إذا كان الإطلاق هو لحاظ عدم القيد أو أنه عدم القيد، فعلى الأول يثبت أن الواجب ظاهراً هو الأقل مطلقاً، ببركة استصحاب عدم القيد، وعلى الثاني لا يثبت إلا على الأصل المثبت لكون الملازمة غير شرعيةٍ.
 وعلى الثاني كما لو كان النافي للقيد أصلاً عملياً ناظراً لمرحلة الجري العملي لا الواقع، كالبراءة في مقامنا فإن مدلولها نفي إيجاب الإحتياط، ومن الواضح أن هكذا مفاد لا يمكن أن يثبت أن الواجب هو الأقل مطلقاً مهما كانت حقيقة الإطلاق وأنه عبارةٌ عن عدم القيد أو لحاظ عدم التقييد لعدم نظره إلى مرحلة الواقع بتاتاً وإنما همه التأمين في مرحلة الجري العملي بمعنى عدم إيجاب الإحتياط والتحفظ اتجاه الجزء المشكوك وجوبه فلا ربط له بالإطلاق الذي هو في قبال التقييد في عالم الواقع.
 والحاصل: إنه حتى لو فرضنا أن العلم الإجمالي في المقام غير منحلٍّ، فإنه لا يمكن إثبات أن الأمر تعلق بالأقل مطلقاً من خلال البراءة عن تقييده بانضمام الزيادة المشكوكة لنظر البراءة إلى مرحلة الجري العملي وهي غير مرحلة الواقع الذي هو ظرف التكليف المعلوم بالإجمال والمردد بين الأقل والأكثر.
 والحمد لله رب العالمين