الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

34/07/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول/ مباحث القطع / مبحث الأقل والأكثر/ الأقل والأكثر الارتباطين
 قلنا لا بأس بالتنبيه على جملة أمورٍ:
 التنبيه الأول: قد ذكر صاحب الكفاية برهاناً لعدم انحلال العلم الإجمالي بلزوم الخلف، وذلك ببيان مقدمتين:
  1. إن الواجب الإرتباطي كما لا يتبعَّض في مقام الإمتثال لا يتبعَّض في مقام التنجيز، بأن تتنجَّز بعض أجزائه دون البعض الآخر، لأن هناك وجوباً واحداً في مقام الجعل والفعلية والتنجُّز والإمتثال، فإذا ما تنجَّز فإنه يتنجَّز الكل وإلا فلا يتنجَّز شيءٌ منه.
  2. إن دعوى انحلال العلم الإجمالي المردد بين الأقل والأكثر لا يخلو إما يُراد بها الإنحلال الحقيقي أو الحكمي، والأول بأن يكون العلم الإجمالي المردد بين الأقل والأكثر الإرتباطيين كالعلم الإجمالي المردد بين الأقل والأكثر الإستقلاليين، وهو باطلٌ جزماً، والثاني بأن يُراد الإنحلال بلحاظ عالم التنجُّز فهو متوقفٌ على تنجُّز الأقل على كل حالٍ مع أن أحد احتماليه هو تعلق الأمر بالأكثر، فلا بدَّ من الفراغ عن تنجُّز الأقل حتى ولو كان الأمر متعلقاً بالأكثر، وهذا يعني تنجُّز الأمر بالأكثر بلحاظ الزائد لعدم تبَعّض الواجب الإرتباطي في التنجيز،
 والحاصل: أن تنجُّز الأقل متوقفٌ على تنجُّز الأكثر فلو كان منحلاً به لزم الخلف.
 وفيه أولاً: قد ظهر من الأجوبة على الأوجه الستة أن العلم الإجمالي بلحاظ ذات الوجوب بمعزلٍ عن حد الإستقلالية والضمنية منحلٌ حقيقةً لا حكماً إلى علمٍ تفصيليٍّ بوجوب التسعة والشك البدوي في وجوب الزائد، وقد عرفت أن ما يكون موضوعاً لحكم العقل بالتنجُّز هو ذات الوجوب؛ أي المحدود دون الحد لاشتغال الذمة بالحد دون المحدود.
 ثانياً: إنه ما هو المقصود من الإرتباطية في عالم التنجيز؟ إذ لو أُريد منها عدم تعدد العقاب بتعدد الأجزاء المتروكة فهذا مما لا إشكال فيه، إلا أنه ليس المقصود من التبعيض في التنجيز ذلك، وإنما يعني تنجُّز العقاب الواحد لجهة ترك بعض الأجزاء دون البعض الآخر، فتكون مخالفة الواجب لجهة ترك الأقل موجبةً للعقوبة ومخالفته لجهة ترك الزائد غير موجبةٍ لها، وإن أُريد عدم التبعيض في التنجيز بهذا المعنى قياساً له على باب الجعل والفعلية باعتبار الإرتباط بين أجزاء التكليف فهو غير تامٍ لوجود الفارق لأن ارتباط الوجوبات إنما ينشأ من وحدة الوجوب ووحدة متعلقه بخلاف التنجيز لأن ملاكه وصول الجعل، لا مجرد ثبوته في عالم الواقع من دون وصوله، ومن الواضح أن الوصول قابلٌ للتبعيض بأن يصل إلى المكلف تعلق الوجوب ببعض الأجزاء دون البعض الآخر، فيتنجَّز مقدار ما وصل دون ما لم يصل، وهذا هو الإنحلال بعينه.
 التنبيه الثاني: قد فصَّل صاحب الكفاية ما بين البراءتين العقلية والشرعية، فمنع عن جريان الأولى ورأى جريان الثانية. وللوهلة الأولى يُتساءل عن وجه الفرق ما بين البراءتين العقلية والشرعية حيث منع عن جريان الأولى دون الثانية، حتى أنه في حاشيته على الكفاية صار إلى المنع عن جريانهما معاً.
 فلا بدَّ أن نرى وجوه المنع عن جريان البراءة العقلية لنرى هل تمنع عن جريان البراءة الشرعية، والموجود بيانان:
 البيان الأول: إن العلم الإجمالي المردد بين الأقل والأكثر لما لم يكن منحلاً بلحاظ عالم الجعل والوجوب فلا تجري البراءة طراً، وأما البراءة الشرعية فلا نجريها بلحاظ الجعل والوجوب وإنما بلحاظ الجزئية المشكوكة حيث يكون الإنحلال بلحاظ الجزئية حقيقياً.
  البيان الثاني: أنه في موارد الدوران بين الأقل والأكثر الإرتباطيين يوجد غرضٌ وحدانيٌّ يُعلم بشغل الذمة به ويُشك في تحصيله بمجرد الإقتصار على الأقل، فلذا يجب الإحتياط سواءً كان العلم الإجمالي بلحاظ ذات الوجوب منحلاً أو لا.
 وسوف يأتي ما فيهما والحمد لله رب العالمين.