الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

34/07/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول/ مباحث القطع / مبحث الأقل والأكثر/ الأقل والأكثر الارتباطين
 الكلام في المانع الثالث وقلنا بأنه يشتمل على مقدماتٍ:
  1- إن الشك في المحصِّل للواجب الذي اشتغلت به الذمة مجرىً للإشتغال.
 2- إن الغرض كالواجب من ناحية حكم العقل بلا بُديَّة التصدي من المكلف لتحصيله لأنه روح الحكم.
 3- إن الأمر بلحاظ متعلق الوجوب وإن كان مردَّداً بين الأقل والأكثر إلا أنه بلحاظ الغرض يكون المورد من الشك في المحصِّل لما اشتغلت به الذمة باعتبار أن الغرض أمرٌ وحدانيٌّ لا يُعلم أنه هل يتحقق من خلال الإتيان بالأقل؟ فالحكم هو الإشتغال ولا بديَّة الإتيان بالزائد.
 وفيه إيرادان: الأول: ما فرضه السيد الشهيد من تصوير الغرض المردد بين الأقل والأكثر كالواجب وذلك:
 1- ما لو كان الغرض كامناً في نفس الأفعال بذاتها، أو بعنوانٍ منطبقٍ عليها في طول تعلق الأمر بها، والأول كما لو كانت حسنةً ذاتاً، والثاني كعنوان الطاعة الذي يكون في طول الأمر بتلك الأفعال، ويكون الغرض مردداً بين الأقل والأكثر وأن الحسن ذاتاً الأقل أو الأكثر، وأن مجرد الأقل لا يكون حسناً ذاتاً، وهكذا الطاعة هل تحصل بمجرد الإتيان بالأقل؟، أو لا تتحقق إلا بالإتيان بالزائد؟.
 2- ما لو تولَّد الغرض من الفعل ولكنه كان على مراتب، بعض تلك المراتب تحصل فيما لو اقتصر على الأقل إلا أنها لا تُستوفى بأكملها إلا بالأكثر، ويُشك في أن الغرض الفعلي المتنجِّز على المكلف قائمٌ ببعض تلك المراتب أو بتمامها.
 3- ما لو كان الغرض المترتب على الفعل متعددٌ بعدد تلك الأفعال بحيث يكون كل جزءٍ محققاً لغرضٍ ولو إعداديٍّ، إلا أن كمال الغرض لا يكون إلا بحصول مجموعها، ويُشك في أن الكمال في مجموع تسعةٍ من تلك الأغراض أو عشرةٍ، وعليه يُعقل دوران الغرض كالواجب بين الأقل والأكثر.
 إن قلت: إن الغرض أمرٌ تكوينيٌّ لا تجري عنه البراءة لعدم توفّر شروط جريانها عنه.
 قلت: أولاً: إننا نجري البراءة العقلية لو كنا من أصحاب مسلك قبح العقاب بلا بيان.
 وثانياً: إننا نجري البراءة الشرعية التي يكون لسانها نفي العقاب من قبيل "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً".
 وثالثاً: إن الرفع ليس للأمر التكويني حتى يمتنع ذلك، وإنما رفع التسجيل في العهدة، والغرض يستدعي ذلك بلا إشكال، فيرفع بالترخيص الشرعي على حدّ رفع منجزية التكليف.
 إن قلت: من أين لنا إحراز تركب الغرض ولعله وحدانيٌّ بسيطٌ يدور أمره بين التحقق واللاتحقق.
 قلت: ما لم تُحرز وحدة الغرض فلا يتم ما ذكروه من بيانٍ لإثبات وجوب الإحتياط، والبراءة تجري عن احتمال وجود غرضٍ وحدانيٍّ لا يُحرز سقوطه إلا من خلال الإتيان بالأكثر.
 الإيراد الثاني: إن الغرض كالتكليف إنما يتنجَّز بوصوله إلى المكلف مقروناً بتصدي المولى لطلب تحصيله من المكلف من خلال جعل الحكم على وفقه وإبراز ذلك، وما لم يثبت هذا التصدي بالنسبة للأكثر وكان مؤمَّناً عنه فلا تنجُّز لمجرد احتمال قيام الغرض بالأكثر وعدم تحققه إلا من خلال الإتيان به.
 أما المانع الرابع فيأتي والحمد لله رب العالمين.