الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

34/04/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول/ مباحث القطع /منجزية العلم الإجمالي/ خروج بعض أطراف العلم الإجمالي عن محل الابتلاء الكلام في المقام الثاني أعني فيما لو كان العجز عرفياً وقلنا أن السيد الشهيد خلافاً للسيد الخوئي قد وافق المشهور من سقوط العلم الإجمالي عن المنجزية لكن اختلف معهم في أن منشأ السقوط هو انخرام الركن الثالث من أركان المنجزية حيث لا يجري المؤمن في تمام الأطراف لا أن منشأه هو اختلال الركن الأول كما ذهب إليه المشهور إذ قد عرفت أن قيد الدخول في محل الابتلاء ليس شرطاً في فعلية التكليف.
 وكنا بصدد ذكر ما أفاده السيد الشهيد من أن اشتراط أي خطاب بالدخول في محل الابتلاء بحيث لا يصح توجيهه فيما إذا كان خارجاً عن محل الابتلاء، إما على أساس استهجان مخاطبته فيما لو كان المأمور به خارجاً عن محل الابتلاء، أو على أساس اللغوية وعدم الغرض من ذلك،
 أما الأول: فلا يخلو إما أن يختص الخطاب من رأس بخصوص ذلك أي ما لو كان المأمور به كذلك وإما أن يكون على أساس إطلاق الخطاب بحيث يشمل إطلاقه ذلك، والأول لا شك في أنه مستهجن لا يحمل خطاب المولى عليه، بخلاف الثاني أعني أن يدعى استهجان إطلاق الخطاب لذلك فهذا مما لا يُسلم به أولاً وثانياً.
 أما أولاً: فلأن هذا الاستهجان مربوط بجهات باب المحاورة وأنه من غير المتعارف ذلك إلا أنه لا يوجب ذلك إلقاء قيد على الخطاب بخصوص ما يدخل في محل الابتلاء بحيث لا يشمل ما هو خارج عنه.
 وأما ثانياً: انه لو تم هذا الاستهجان إلا أنه يمكن التغلب عليه من خلال فرض الخطاب على نهج القضية الحقيقية عاماً لجميع المكلفين.
 والحاصل: إن المحذور إن كان في استهجان خطاب المكلف بما هو خارج عن محل الابتلاء كالنهي عن التصرف بصفايا الملوك.
 فجوابه: إن هذا له ربط بعدم عرفية ذلك في باب المحاورة، ولذا نتلمَّس هذا الاستهجان حتى لو قيد المولى خطاب النهي بذلك، بأن قال له: يحرم عليك التصرف في صفايا الملوك إن كانت داخلة في محل الابتلاء، ولا رافع لهذا الاستهجان إلا بأن يكون الخطاب عاماً ،كما لو قال يحرم التصرف في مال الغير.
 وأما الثاني: أعني لغوية المخاطب بما هو خارج عن محل الابتلاء لعدم الفائدة من ذلك، والخطاب لا يخلو إما يُراد به الجعل والاعتبار أو التحريك والدفع التشريعي نحو الإتيان بالمتعلق، وذلك على أساس أنه إذا كان مطمئناً بعدم صدور الفعل من المكلف لخروجه عن محل الابتلاء فيكون صدور هذا التحريك من المولى إما أنه بلا فائدة فيلزم اللغوية أو أنه يلزم تحصيل الحاصل.
 والأول يرده:
 أولاً: انه لو كان الخطاب مختصاً من رأس بذلك لتم ما ذكر ولكنه خلاف الظاهر لاحتياجه إلى مؤونة لا يقتضيها الخطاب بل ظاهر الخطاب كل خطاب بحيث لا يحتاج إلى موؤنة زائدة كونه مطلقاً بحيث يشمل بإطلاقه صورة الخروج عن محل الابتلاء.
 ثانياً: انه يمكن فرض الفائدة له بحيث تُنفى عنه اللغوية وهو أن يكون بوسع المكلف التعبد بتركه كما هو الحال في محرمات الصوم.
 والثاني فيه:
 أولاً: إن ضابطة تحصيل الحاصل عبارة عن تحصيل أمر في طول حصوله، وهذه الضابطة لا تنطبق على موردنا، لأنه تحصيل في عرض تحصيل آخر لا في طول حصول ذلك الأمر، بحيث يُعتبر كل منهما بمثابة جزء العلة فيما لو اجتمعا، وإن كانا على فرض الافتراق كل منهما يصلح لأن يكون علة مستقلة.
 والحاصل: أنه يوجد مبعدان عن الفعل وصدوره المبغوض من المكلف الأول طبعي وهو الخروج عن محل الابتلاء والآخر شرعي المتمثل في النهي المولوي.
 ثانياً: إن تطبيق فكرة تحصيل الحاصل المحال على المورد غير دقي لأن التحصيل المفروض هو التشريعي المُفاد بالخطاب ، والحاصل : إنما هو الأمر التكويني واحدهما غير الآخر.
 وللكلام تتمة تأتي، والحمد لله رب العالمين