الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

34/04/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ مباحث القطع /منجزية العلم الإجمالي/ الاضطرار إلى بعض الأطراف
 الأمر الثالث الذي نريد أن ننبه عليه في مسألة الاضطرار إلى بعض الأطراف:
 ما لو طرأ الاضطرار بعد العلم بالتكليف، فإن كان إلى طرف بعينه فلا يوجب سقوط العلم الإجمالي عن المنجزية، لكونه من العلم الإجمالي بالتكليف المردد بين الفرد القصير والطويل.
  وأما لو كان إلى طرف ما لا بعينه، وقلنا بأن الاضطرار إلى طرف غير معين يوجب سقوط العلم الإجمالي عن المنجزية، كما هو مذهب صاحب الكفاية فهل يُحكم بالمنجزية؟ على أساس العلم الإجمالي المردد بين الفردين القصير والطويل ، وهذا له حالتان:
 الأولى: أن يكون الطرف الذي يختاره لرفع اضطراره وعلاجه متعيناً لديه من أول الأمر، كما لو كان أحد الانائين فيه ماء آسن حيث يتشكل له العلم الإجمالي المردد بين الفرد القصير والطويل، والقصير هو ما سوف يرتكبه بعد طرو الاضطرار لعلاج اضطراره ورفعه.
 الثانية: ما لو لم يكن الطرف الذي سوف يختاره لعلاج اضطراره متعيناً من أول الأمر، فسوف لا يتشكل العلم الإجمالي المردد بين الفرد القصير والطويل، بعد أن لم يكن الطرف المرتكب لعلاج اضطراره ورفعه متعيناً، وإنما لديه علم إجمالي بحرمة أحد الطرفين قبل طرو الاضطرار، ويُشك في اختصاص الحرمة بما قبل الاضطرار فيكون من قبيل الفرد القصير، أو تبقى حتى بعد طروِّ الاضطرار فيكون من قبيل الفرد الطويل، وهو شك في التكليف المردد بين الأقل والأكثر حيث يجري التأمين بلحاظ الأكثر.
 نعم بعد معالجة الاضطرار ورفعه بارتكاب أحد الطرفين يعلم إجمالاً بحرمة الفرد الآخر الآن أو حرمة الفرد الذي رفع بارتكابه الاضطرار قبل طروِّه، إلا أن تشكّل مثل هذا العلم الإجمالي كان بعد خروج أحد الطرفين عن محل الابتلاء ومثله لا يكون منجزاً.
 التنبيه الحادي عشر:
 خروج بعض أطراف العلم الإجمالي عن محل الابتلاء
  والمقصود بذلك أن يكون الفعل مقدوراً ذاتاً وتكويناً إلا أنه يحتاج إلى طيِّ مقدمات وإعمال عنايات فائقة وكأنه غير مقدور كنجاسة تاج ملكة بريطانية، بحيث يُطمأن بانصراف المكلف عن مساروته، وكأنه عاجز عنه، والبحث في منجزية العلم الإجمالي بنجاسة أحد الأمرين، وكان احدهما خارجاً عن محل الابتلاء كالعلم بنجاسة إما جواربه أو تاج ملكة بريطانية.
 ويقع البحث في مقامين:
 الأول: ما لو كان بعض أطراف العلم الإجمالي غير مقدور تكويناً.
 الثاني: ما لو كان بعض الأطراف خارجاً عن محل الابتلاء.
  والبحث في المقامين إنما في مقارنة أو تقدم العجز التكويني أو الخروج عن محل الابتلاء على تشكل العلم الإجمالي، وأما لو حصل ذلك بعد العلم الإجمالي فإن حكمه المنجزية، لتشكل علم إجمالي مردد بين الفرد القصير الذي طرأ عليه العجز أو الخروج عن محل الابتلاء والطويل وهو الطرف الآخر.
 والبحث في المقام الأول: كالعلم الإجمالي بنجاسة أحد المائين وكان عاجزاً تكويناً عن ارتكاب أحدهما ومساورته في مثله، ولا إشكال في عدم منجزية العلم الإجمالي:
  واستدل بأمرين:
 الأول: انه لا يكون لدينا علم بالتكليف الفعلي، فالمنثلم الركن الأول من أركان المنجزية، لأن النجس إن كان هو الماء الذي لا يقدر على ارتكابه تكويناً فلا يكون موضوعاً ذا أثر شرعي لاشتراط التكليف بالقدرة، والطرف الآخر المقدور ارتكابه ليس طرفاً لعلم إجمالي، وإنما مجرد شك بدوي يجري عنه المؤمن .
 وسوف يأتي مزيد بيان، والحمد لله رب العالمين