الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

33/07/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ مباحث القطع /منجزية العلم الإجمالي/ أركان منجزية العلم الإجمالي
 قلنا بأنه لتحقيق المطلب لا بد من بيان الفروض المتصورة في مسألة اختصاص الترخيص في بعض أطراف العلم الإجمالي، حيث إن المتصور ثلاث صور:
 الصورة الأولى: أن يكون احد طرفي العلم الإجمالي في نفسه لا يجري فيه الأصل المرخص، كالعلم الإجمالي بوجوب إما الدعاء عند رؤية الهلال أو الصلاة التي قد دخل وقتها الذي يكون مجرى لاستصحاب بقاء التكليف أو لأصالة الاشتغال، ففي الطرف الأول اعني وجوب الدعاء عند رؤية الهلال تجري البراءة، وأما الطرف الثاني فلا تجري البراءة بل يجري استصحاب الوجوب، ففي هذه الفرضية لا تظهر الثمرة، لأن الأصل المنجز الجاري في الطرف الآخر سوف يوجب انحلال العلم الإجمالي انحلالا حكميا، فيجري الأصل المؤمن في الطرف الأول على كلا مسلكي العلية والاقتضاء .
 وهذا صحيح على ما هو مسلك القوم من أن نكتة الانحلال الحكمي مرتبطة بجريان الأصل المنجز في احد الطرفين، وأما بناءا على أن الموجب للانحلال الحكمي، هو جريان الأصل المؤمن في بعض الأطراف حيث يعلق منجزية العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعية فلا يتم هذا الكلام.
 مضافا إلى أن دعوى استحالة اجتماع علتين مستقلتين على معلول واحد إنما تتم فيما لو بقيت كل علة على استقلالها، وأما لو قلنا باجتماعهما على نحو التشريك فلا محذور حتى في العلل التكوينية، وفي المقام اجتماع أكثر من أصل تنجيز لا محذور فيه طالما تنجيزهما كان على نحو التشريك
 الصورة الثانية: أن يكون الأصل الترخيصي في احد الطرفين محكوما لأصل إلزامي كما لو جرى في كلا الطرفين أصالة الحل، أو أصالة البراءة، واختص احد الطرفين بأصل إلزامي كاستصحاب بقاء التكليف، حيث بنى أصحاب مسلكي العلية والاقتضاء على جريان الأصل الترخيصي في الطرف الآخر بلا معارض،
 ويلاحظ عليه أن هنا شبهة لا بد من حلها وهي : أن دليل الأصل الترخيصي بناءا على أن محذور شموله لكلا الطرفين إثباتيا ارتكازيا أو ثبوتيا، وكان بمثابة القيد اللبي المتصل، فسوف يبتلي إطلاق دليل الأصل المرخص بالإجمال الداخلي، الموجب لعدم انعقاد أصل الظهور الاطلاقي، فلو جرى الأصل الإلزامي في احد الطرفين، فسوف لا يرفع الإجمال عن دليل الأصل المؤمن، لانهدام مقتضيه وهو الظهور حيث ابتلي بالإجمال الداخلي.
 والجواب: إن إطلاق دليل الترخيص شامل لكل أطراف العلم الإجمالي إذا لم يكن فيه محذور الترخيص في المخالفة القطعية لأن المقيد له إنما يثبت التقييد بمقدار ما لم يعلم حرمته تفصيلا ولا يكون منشأ لاختصاص الترخيص به دون الطرف الآخر، ولا شك في تحقق هذا القيد بجريان الأصل الإلزامي الحاكم.
 ثم إن هذه الشبهة لا تجري في فروض أربعة:
 الفرض الأول: أن يكون محذور الترخيص في المخالفة القطعية ثبوتيا عقليا ليس بديهيا بان كان بمثابة القيد المنفصل عن الخطاب.
 وسوف تأتي بقية الفروض، والحمد لله رب العالمين