الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

33/06/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ مباحث القطع /منجزية العلم الإجمالي/ جريان الأصول في بعض الأطراف
 كان الكلام في الوجوه التي ذكرها أصحاب مسلك الاقتضاء على نقض المحقق العراقي بالشبهة التخييرية وذكرنا الوجه الأول والجواب عليه ثم ذكرنا الوجه الثاني وجوابه
  وحاصل هذا الوجه وجوابه: إن القيد المقترح من قبل المحقق العراقي هو المتعين في قبال ما ذكره السيد الخوئي من قيد الوجود الأول أو الوجود الثاني فان الترخيص المشروط في كل من الطرفين بعدم ارتكاب الآخر كما لا يعارض الترخيص المشروط في الطرف الآخر، كذلك لا يعارض الترخيص المطلق في الطرف الآخر، حيث لا يلزم من جريانها الترخيص في المخالفة القطعية، فانه لو ارتكبهما معا سوف ترتفع البراءة المشروطة، لارتفاع قيدها اعني ترك الطرف الآخر، فانه قد ارتكبه حسب الفرض وهذا بخلاف التقييدات المقترحة من قبل السيد الخوئي كالتقييد بان يكون ارتكاب هذا الطرف هو الفرد الأول فان المشروطين منها لا تعارض بينهما لعدم إمكان ارتكاب الفردين معا - مثلا - مع صدق الوجود الأول على كل منهما أو الوجود الثاني كذلك إلا إن جريان الترخيص في كل من الطرفين مشروطا بكونه الفرد الأول معارض مع الترخيص المطلق في الطرف الآخر حيث وان لم يصدق عليه الوجود الأول القيد إلا انه يصدق عليه الوجود الثاني وهو مشمول لإطلاق دليل الترخيص لذلك الطرف، وهذا يعني أن الإطلاق الاحوالي الطولي في الطرف الآخر يعارض الاطلاقين الاحوالي والافرادي في الطرف الأول، فيسقط الإطلاق الافرادي أيضا بخلاف تقييد المحقق العراقي فان الإطلاق الاحوالي في كل منها يعارض الإطلاق الاحوالي في الطرف الآخر بحيث لا يدخل الإطلاق الافرادي في حلبة المعارضة معه، بحيث يكفي إلغاء احد الاطلاقين الاحواليين في الطرفين لدفع محذور الترخيص في المخالفة القطعية لأن منشأه هو احد الاطلاقين الاحواليين لا كليهما فضلا عن أي من الاطلاقين الافراديين، فلذا لا موجب لإقحامه في حلبة المعارضة، وإنما رفعنا اليد عن كلا من الاطلاقين الاحواليين حتى لا نقع في محذور الترجيح بلا مرجح
 الوجه الثالث: ما ذكره الميرزا من انه لما كان التقابل ما بين الإطلاق والتقييد هو تقابل الملكة والعدم أي انه إذا امتنع احدهما امتنع الآخر، وحيث قد امتنع الإطلاق في دليل الأصل لكل من الطرفين، لأنه يؤدي إلى الترخيص في المخالفة القطعية لذا يمتنع التقييد بحالة ترك الطرف الآخر، وعليه فدليل الأصل المؤمن لا يشمل المورد لا بالإطلاق لكونه يؤدي إلى الترخيص في المخالفة القطعية ولا بنحو التقييد لامتناعه بعد امتناع الإطلاق.
 وفيه:أولا: إن الميزان إنما هو الامتناع ذاتا وفي نفسه، في حين أن الإطلاق الممتنع في المقام ليس ذاتا، إذ لا محذور في أصل الإطلاق، وإنما المحذور في الجمع بين الاطلاقين فلا يلزم من امتناعه امتناع التقييد
 ثانيا: إن المناط هو امتناع الملكة لا امتناع عدمها، والملكة في المورد عبارة عن التقييد حيث يمتنع الإطلاق لو امتنع التقييد، أي امتناع عدم الملكة إذا امتنعت الملكة، وهذا ما ذكره الميرزا نفسه في بحوث القيود الثانوية المأخوذة في متعلق الأمر حيث صار إلى متمم الجعل
 الوجه الرابع: ما ذكره السيد الخوئي أيضا من أن لازم ما ذكره المحقق العراقي من تقييد الاطلاقين وان كان لا يؤدي إلى الترخيص في المخالفة القطعية إلا انه يؤدي إلى الترخيص القطعي في المخالفة، وذلك فيما إذا حقق قيد كل من الترخيصين، بان ترك كلا الطرفين حيث يجري الترخيص في كلا الطرفين لتحقق قيده، وهو وان لم يؤدِّ إلى الترخيص في المخالفة القطعية لتركهما حسب الفرض، إلا انه يؤدي إلى الترخيص القطعي في المخالفة لجريان الترخيص في الطرفين بعد أن حقق قيدهما بترك الطرفين معا، والترخيص القطعي في المخالفة كالترخيص في المخالفة القطعية قبيح، ولذا لا يجري الأصل المؤمن في أطراف العلم الإجمالي حتى مع امتناع المخالفة القطعية.
 وفيه: انه لا استحالة في الحكم الظاهري الذي يؤدي إلى الترخيص القطعي في المخالفة، وذلك لعدم منافاته للحكم الواقعي ولا مصادمته معه لا في مرحلة الجعل والاعتبار ولا المبادئ من المصلحة ولا المنتهى من حيث اقتضائه التحريك.
 أما الأول فقد ذكر السيد الخوئي نفسه أن لا محذور في جعل الحكم على متعلقين متنافيين باعتبار أن الجعل سهل المؤونة بحيث لا يلزم من تضاد المتعلقين مثلا تضاد الجعلين.
 وأما الثاني فان مصلحة الحكم الواقعي كامنة في المتعلق بخلاف مصلحة الحكم الظاهري الكامنة في نفسه لا في المتعلق فلا مصادمة بلحاظ المبادئ، هذا على مبنى السيد الشهيد، وأما على مبنى القوم من أن الأحكام الظاهرية لا ملاك لها فعدم التنافي أولى.
 أما الثالث: فان أريد تنجيز حرمة المخالفة القطعية، فالمفروض أن الترخيص القطعي لا يؤدي إلى الترخيص في المخالفة، وان أريد تنجيز وجوب الموافقة القطعية، فقد عرفت على مسلك الاقتضاء انه معلق على عدم الترخيص الشرعي ولو المشروط. والحاصل: انه لا محذور من الترخيص القطعي في المخالفة الذي استلزامه الترخيصان التعينيان المشروطان.
 هذا كله مضافا إلى انه اخص من المدعى حيث يمكن إبراز ترخيصات مشروطة في الأطراف بحيث لا تكون كلها فعلية حتى تؤدي إلى الترخيص القطعي في المخالفة كما لو كان احد الطرفين أو كلاهما تعبديا.
 والحمد لله رب العالمين