الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

33/06/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ مباحث القطع /منجزية العلم الإجمالي/ جريان الأصول في بعض الأطراف
 أما الجهة الإثباتية: فقد يدعى أن أدلة الأصول قاصرة عن إثبات جريان المؤمن في بعض الأطراف، لأن جريانه في البعض في ضمن جريانه في سائر الأطراف غير صحيح لأنه يؤدي إلى الترخيص في المخالفة القطعية، وقد فرغنا عن عدم جواز ذلك لمنجزية العلم الإجمالي لحرمة المخالفة القطعية، وجريانه في البعض المعين دون البعض الآخر ترجيح بلا مرجح، لأن نسبة دليل الأصل لكلا الطرفين على حد واحد، وجريانه في البعض المردد غير صحيح لعدم وجود الفرد المردد، وبالتالي يحصل تعارض بين إطلاق دليل كل طرف مع إطلاقه لسائر الأطراف والتساقط.
 وقد أورد المحقق العراقي نقضين: على من يدعي أن المحذور إثباتي، وبملاك تساقط اطلاقات الأصول المؤمنة، لا ثبوتيا على أساس علية العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعية على حد عليته لحرمة المخالفة.
 النقض الأول: بموارد العلم التفصيلي بالتكليف والشك في الامتثال، لأن منجزية العلم لو كانت معلقة على عدم ورود الترخيص الشرعي بحيث كان بالإمكان الترخيص في موارد المخالفة الاحتمالية للتكليف المعلوم، فأي مانع من التمسك بإطلاق دليل الأصل في موارد الشك في الامتثال الذي هو بحسب الروح شك في التكليف لكن بقاء إذ لا فرق في الشك في التكليف ما بين الشك فيه حدوثا وبقاء بالنسبة لجريان المؤمن .
 ودعوى: أن البراءة محكومة لاستصحاب عدم الإتيان بالتكليف أو لاستصحاب بقائه في موارد الشك في الامتثال، فالشك في عدم الإتيان في الصلاة لا يكون مجرى للبراءة لأن استصحاب عدم الإتيان بها حاكم عليها لأنه أصل موضوعي يجري في مرحلة السبب أو لأنه أصل حكمي
 مدفوعة: بان الأصولي لم يجري البراءة في موارد الشك في الامتثال لعدم المقتضي، لا لأجل وجود المانع وهو الأصل الموضوعي أو الحكمي، ولهذا حتى من لا يقول بحجية الاستصحاب، لا يقبل جريان البراءة في موارد الشك في الامتثال.
 والجواب على هذا النقض: انه لو بنينا على أن الامتثال يسقط فاعلية التكليف دون فعليته فحيث لا شك في فعلية التكليف بقاء، وإنما الشك في الفاعلية لأن الشك في الامتثال يساوق الشك في الفاعلية حينئذ فلا تجري البراءة.
 وأما على القول بسقوط فعلية التكليف بالامتثال فلا نظر في أدلة الترخيص عن الشمول لموارد الشك في الامتثال واختصاصها بموارد الشك في الحكم ، ونكتة الانصراف هذه أن ثبوت الحكم حدوثا معلوم، وقد اشتغلت به الذمة يقينا، وهذا ما يستدعي الفراغ عنه كذلك، حتى لو فرضنا الشك في الحكم بقاء فإجراء البراءة عن الحصة البقائية للتكليف المعلوم ثبوته حدوثا لا يكون مؤمنا من ناحية اشتغال الذمة بلحاظ الحصة الحدوثية المعلوم ثبوتها.
 النقض الثاني: بالشبهة التخييرية، وحاصلها: إن منجزية العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعية لو كانت معلقة على عدم ورود الترخيص من الشارع، فان إطلاق دليل الأصل يفي بإثباته في بعض الأطراف تخييرا، لأن المحذور إنما ينشأ من الترخيص في كل من الطرفين على كل حال أي سواء ارتكب المكلف الطرف الآخر أو لم يرتكبه فلو نفينا الإطلاق في كل من الطرفين لحالة ارتكاب الطرف الآخر فسوف لا يلزم منه الترخيص في المخالفة القطعية، وبالتالي سوف نحصل في كل من الطرفين على ترخيص مشروط بحسب الحالات بترك الطرف الآخر بلا حاجة إلى إلغاء إجراء الأصل من رأس، لأن الضرورة تقدر بقدرها فلا يجوز رفع اليد عن الإطلاق الافرادي في كل من الطرفين، الموجب لطرح الإطلاق الاحوالي في كل منهما، طالما أن علاج الضرورة يمكن أن يؤدي برفع اليد عن الإطلاق الاحوالي في كل منهما، مع الإبقاء على الإطلاق الافرادي في كل منهما مشروطا بحسب الحالات بترك الطرف الآخر.
 والحاصل: أن يثبت التخيير وجواز ارتكاب واحد من الطرفين بدلا.
 والحمد لله رب العالمين