الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

33/05/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ مباحث القطع /منجزية العلم الإجمالي/ جريان الأصول في الأطراف
 انتهى بنا الكلام إلى الوجوه التي ذكرت للمانع الثبوتي عن جريان المؤمن في جميع الأطراف وذكرنا كلام الاخوند وناقشناه في ذلك، وذكرنا ما يشكل عليه فيما لو أريد بالفعلية فعلية التكليف نفسه، وأما إن أريد بها الفعلية في مرحلة التزاحم الحفظي فلا شك في المناقضة ما بين الترخيص في تمام الأطراف مع تحفظ المولى على الإلزام الواقعي والذي يعني إيجاب المولى الاحتياط اتجاه الواقع المعلوم بالإجمال، وهذه المناقضة حاصلة حتى في موارد الشبهات البدوية، إلا أن الكلام ليس فيها وإنما الكلام في معقولية رفع اليد عن الإلزام الواقعي المعلوم بالإجمال في مرحلة الحفظ خلال الترخيص في تمام الأطراف كموارد الشك البدوي.
  الوجه الثاني: ما للميرزا (قده) من المناقضة ما بين الترخيص في تمام الأطراف مع قبح المعصية لا مع الحكم الواقعي المعلوم بالإجمال، وذلك لأن الترخيص في تمام الأطراف ترخيص في معصية التكليف المعلوم ولو بالإجمال وهو أمر قبيح لا يعقل صدوره من الحكيم.
 وفيه: انه لا تضاد ما بين الترخيص في تمام الأطراف وحكم العقل بقبح المعصية، وذلك لعدم تحقق موضوع حكم العقل هذا بقبح المعصية، لأن المناقضة فرع أن تكون منجزية العلم للتكليف تنجيزية لا أنها معلقة على عدم ورود المؤمن، وقد عرفت مما سبق أن منجزية العلم معلقة على عدم ورود المؤمن، وليست تنجيزية بحيث يكون التأمين من طرف الشارع رافعا لموضوع حكم العقل هذا، لأن هذا الحكم لأجل المولى وليس عليه فكلما أمكن للمولى الترخيص في الأطراف سوف يرتفع موضوع حكم العقل بقبح المعصية، ومرتبة الحكم الظاهري محفوظة في موارد العلم الإجمالي دون التفصيلي، وليس ترخيصا في المعصية، لأنه ليس ترخيصا في معصية المولى حتى يقال باستحالته بعد فرض أن مولوية المولى ذاتية بحكم العقل وحكم العقل لا يقبل التخصيص، وإنما المولى في مقام التزاحم الحفظي يعمل سلطنته بجعل الملاك الإلزامي فداءا للغرض الترخيصي المتزاحمين حفظيا،ودعوى انه ليس للمولى ذلك هو تحديد لمولوية المولى وحد من سلطنته وولايته التشريعية .
 الوجه الثالث: ما ورد في كلمات المحقق العراقي ويمكن تقريبه بأحد بيانين:
 البيان الأول: إن الفرق بين العلم الإجمالي والتفصيلي إنما هو في متعلق العلم اعني الصورة الذهنية التي تكون في الأولى مشوبة بالإجمال وفي الثاني تكون الصورة الذهنية واضحة لا إجمال فيها، إلا أن التنجيز ليس صفة للمعلوم بالذات الصورة الذهنية- إنما للواقع بشرط وصوله، وبهذا اللحاظ سوف لا يبقى فرق فيما بين العلمين إذ الإجمال في خصوصية لا ربط لها فيما يدخل في العهدة ويتنجز على المكلف، فان موضوع التنجز هو العلم بالتكليف الصادر من المولى الواجب الطاعة اعني العلم بأصل الإلزام وأما خصوصية الحد ككونه الظهر مثلا فلا دخل لها في المنجزية، وإلا لكان لخصوصية الظهر مدخلية في ذلك، بحيث لو لم يكن المعلوم خصوص الظهر وإنما أمر آخر فلا يدخل في العهدة وهو كما ترى؟ فالمنجز والذي يدخل في العهدة فهو أصل الإلزام بلا فرق ما بين العلمين لعدم الإجمال بلحاظه، وما فيه الإجمال إنما خصوصية الحد التي لا ربط لها بالمنجزية، فالعلم الإجمالي كالتفصيلي منجِز لما تعلق به اعني أصل الإلزام وإنما لا ينجز خصوصية الحد لأجل الإجمال، وإنما لخصوصية أن ما يدخل في العهدة أصل المحدود بذلك الحد دون الحد الذي حتى لو علم تفصيلا فانه لا دخل له في اشتغال الذمة.
 أما الجواب عنه والبيان الآخر يأتي والحمد لله رب العالمين