الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

33/05/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ مباحث القطع

/

منجزية العلم الإجمالي

 ذكرنا بالأمس ما سجله الميرزا على المحقق العراقي من أن العلم الإجمالي لا يزيد عن العلم التفصيلي، وقد أجاب عنه المحقق بأنه خلط بين عالم الامتثال وعالم ثبوت التكليف، وقلنا بان الميرزا أجاب بأن جريان الأصل في احد الطرفين يدل بالمطابقة على التأمين عن ذاك الطرف وبالالتزام على جعل الطرف الآخر بدلا عن الواقع تعبدا .
 ورد المحقق العراقي بدوره على هذا الجواب: بان استفادة جعل البدل لا تخلو إما أن تكون من نفس الأصل أو من دليله، والأول ممنوع، لأنه من الأصل المثبت،لأن المدلول ألالتزامي لازم عقلي لا شرعي، والثاني وان لم يكن باطلا من هذه الجهة لكونه دليلا اجتهاديا وليس أصلا عمليا، ونكتة جعل البدلية هذه على أساس استحالة جعل الأصل في طرف من دون جعل البدل في الطرف الآخر، إلا أن هذه الدلالة غير تامة في المقام، وذلك لأن صحة جعل الأصل النافي للتكليف في احد الطرفين ليس بمجرد جعل البدل في الطرف الآخر واقعا حتى مع عدم وصوله للمكلف، وإنما لا بد من وصول جعل بدلية الطرف الآخر عن الواقع المعلوم بالإجمال له، ومن الواضح أنا لا نحرز بالوجدان جعل الطرف الآخر بدلا .
 وعليه يقطع بعدم شرط صحة جعل الأصل النافي في احد الطرفين والمشروط اعني جعل الأصل النافي في احد الطرفين عدم للقطع بعدم شرطه.
 ودعوى: إن شرط صحة جعل الأصل النافي اعني وصوله جعل البدل لا مجرد جعله واقعا يتحقق بنفس دليل الأصل.
 فيها: انه يوجد فرق واضح ما بين المدلول ألالتزامي للأمارة وبين موردنا، وذلك لدوران الدلالة الالتزامية في المرتبة السابقة مدار الوصول أي انه لا مدلول التزامي من دون وصول، لا أن المدلول ألالتزامي ثابت، إلا انه لا وصول له حتى يقال: إن الوصول يتحقق بنفس دليل الأصل.
 ثم إن المحقق العراقي قد أورد على الميرزا وكل من قال باقتضاء العلم الإجمالي لوجوب الموفقة القطعية بإيرادين:
 الإيراد الأول: المعروف بالشبهة التخييرية، وذلك لأن العلم الإجمالي لو لم يكن علة تامة لوجوب الموافقة القطعية، وبالتالي لم يمنع عن التأمين بلحاظ المخالفة الاحتمالية، بحيث يكون الأصل المؤمن مانعا عن منجزية العلم الإجمالي للموافقة الاحتمالية، فان هذا المانع دائما موجود، فان المعروف أن المؤمن لا يجري في الطرفين معا، لأنه ترخيص في المخالفة القطعية، ولا في احد الطرفين بعينه للزوم الترجيح بلا مرجح، ولا في احدهما المردد لعدم وجود الفرد المردد، فأفاد المحقق العراقي أن هنا شقا آخر هو إجراء المؤمن في كل من الطرفين من دون أن يؤدي إلى الترخيص في المخالفة القطعية، وذلك على أساس التمسك بالإطلاق الافرادي لدليل الأصل الشامل لكل من الطرفين مع رفع اليد عن الإطلاق الاحوالي لكل منهما الشامل لحالة ارتكاب الطرف الآخر، فيجري المؤمن في كل من الطرفين مشروطا بترك الطرف الآخر، فان محذور امتناع الترخيص في المخالفة القطعية يتقدر بقدره، وقدره هو رفع اليد عن الإطلاق الاحوالي لدليل الأصل في كل من الطرفين وتقييده بترك الطرف الآخر، ولا موجب لرفع اليد عن الإطلاق الافرادي لدليل الأصل في كل من الطرفين، فنحصل في كل من الطرفين على ترخيص مشروط بحسب الحالات بترك الطرف الآخر، وسيأتي تفصيل الجواب.
 والحمد لله رب العالمين