الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

33/04/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ مباحث القطع

/

منجزية العلم الإجمالي

 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
 كان الكلام بالنسبة للمفاهيم الكلية وكيفية تحويلها إلى جزئية وقلنا بان ضم مفهوم كلي إلى مفهوم كلي آخر لا يجعله جزئيا، وقلنا بان الذي يجعله جزئيا هو التشخص عبر الإشارة به إلى الوجود الجزئي فيصبح جزئيا لجزئية المشار إليه، وقلنا بان الجامع الذاتي وان كان لا يحكي إلا الجهة المشتركة بين الأفراد، ولذا فمفهوم الإنسان لا يحكي زيدا بلحاظ المشخصات الخارجية والتي يكون بها الامتياز، ولذا استشكلوا في مبحث الوضع العام والموضوع له خاص بان العناوين الماهوية لا تحكي الخارج ، إلا انه بناء على ما أفاده السيد الشهيد من تشخصه بالإشارة به إلى الجزئي، فانه لا يفرق في ذلك بين المفاهيم الماهوية وغيرها، لذا يصح أن نشير به إلى الوجود الخارجي اعني زيدا ويتشخص الكلي من خلال الإشارة به بالذهن إلى الجزئي.
 حقيقة العلم الاجمالي
  وبعد هذا نقول: إن العلم الإجمالي متعلق بالمفهوم الكلي الملحوظ بنحو الإشارة به إلى الخارج وبهذا يختلف عن سائر الجوامع الملحوظ بما هي فانية في الخارج وفي مصاديقها ومنطبقة عليها، وهذا هو منظور من قال بتعلق العلم الإجمالي بالجامع كالميرزا، إذ لا يراد به المفهوم الكلي الملحوظ بما هو فان في مصاديقه ومنطبق عليها، وإنما يراد بها المفهوم الكلي المستخدم من قبل ذهن العالم بالإجمال للإشارة به إلى الخارج، فهو جامع وكلي قبل استخدامه للإشارة الذهنية به إلى الخارج، وان كان في طول الإشارة به يصبح جزئيا .
 والإشكال: بان العلم الإجمالي ليس علما بالجامع فقط، بل هو علم بأزيد منه، وهذا ما اقر به المحقق الأصفهاني، ولذا أضاف إليه تلك الإضافة السابقة .
 يدفعه: بان هذه الزيادة محفوظة في المقام لأن المدعى انه علم بالجامع المستخدم كمشار به إلى الخارج، وبهذه الإشارة كان جزئيا من دون حاجة إلى ضم خصوصية زائدة، لو كانت تلك الخصوصية تنفع.
 كما يتضح من خلال ذلك المسلك القائل بتعلق العلم الإجمالي بالواقع وقد عرفت أن حقيقة الجزئية إنما تكون بالإشارة بالمفهوم الكلي الجامع إلى الخارج لا بضم مفهوم آخر إليه.
 ودعوى: أن حد الفرد ومشخصاته الفردية إن كان داخلا في الصورة العلمية للعلم الإجمالي كان العلم تفصيليا لا إجماليا، وان لم يكن داخلا لم يكن العلم الإجمالي متعلقا بالفرد والواقع، وإنما بالجامع إذ لا يراد بالجامع أزيد من ذلك .
 يدفعها: أن جزئية المتعلق ليست بدخول الحد والمشخصات الخارجية في الصورة العلمية، بل من خلال الإشارة به إلى الخارج.
  نعم يبقى سؤال الفرق بينه وبين العلم التفصيلي؟
  وجوابه: إن الإشارة الذهنية بالمفهوم الكلي إن كانت إلى معين، فذاك العلم التفصيلي، وإلا كان العلم إجماليا.
 ثم لما كانت الإشارة بالمفهوم إلى الخارج غير المعين أي لا تعين للمشار إليه فيها من ناحية الإشارة نفسها، لأنها إشارة إلى واقع الوجود، وهو حسب الفرض مردد بين وجود الإناء الشرقي والغربي مثلا ، فالتردد في الإشارة بمعنى صلوح كل منهما لأن يكون هو المشار إليه، فالتردد في المشار إليه بما هو مشار إليه، لا أن التردد في الوجود الذهني ولا الخارجي حتى يقال باستحالته، لذا صح المسلك القائل بتعلق العلم الإجمالي بالفرد المردد كما ذهب إليه صاحب الكفاية، فالتردد في المشار إليه لا بما هو في ذاته بل بوصف كونه مشارا إليه.
 بعد هذا نرجع إلى المسالك السابقة على ما سوف يأتي والحمد لله رب العالمين.