الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

33/04/14

بسم الله الرحمن الرحیم

  الأصول/ مباحث القطع

/

منجزية العلم الإجمالي

 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
 كان الكلام فيما ذكره الميرزا من انه لا يصح تعلق العلم الإجمالي بالواقع وإلا لورد الإشكال فيما لا تعين فيه للواقع المعلوم بالعرض واقعا ، كما لو علم بنجاسة احد الانائين بنجاسة ما ، وكانا معا في الواقع نجسين من سنخ النجاسة المعلومة بالإجمال، حيث إن نسبة النجاسة المعلومة بالإجمال إلى كل من الانائين على حد سواء لكونهما معا نجسين فلا يصح تطبيق المعلوم بالإجمال على كل منهما بعينه بشكل منفرد ، وتطبيقه عليهما معا خلف كون المعلوم بالإجمال هي نجاسة واحدة، فيبطل القول بتعلقه بالواقع، وعليه فحتى لا يلزم هذا المحذور فالصحيح عند الميرزا هو القول بتعلقه بالجامع .
 والجواب على ما ذكره الميرزا: من الواضح أن العلم طرا سواء كان إجماليا أو تفصيليا لا يتعلق بالواقع الخارجي على خارجيته، لعدم كونه هو المعلوم بالذات، وإنما مطبق المعلوم بالذات ، وإلا لو كان العلم متعلقا بالواقع الخارجي للزم أن يكون مصيبا في علمه دائما، ولما كان معنى للجهل، ولما كان المعلوم بالذات هي الصورة الذهنية التي تحكي الخارج الملحوظ بنظارة الحمل الأولي لا الشائع الذهني، والذي يدعيه المحقق العراقي أن المعلوم بالذات اعني الصورة الذهنية هي صورة الفرد لا الجامع، وبهذه النكتة امتاز عن مسلك الميرزا في حقيقة العلم الإجمالي أي أن الصورة المعلومة بالإجمال ذاتا تطابق الفرد وتحاكيه بما هو فرد لا أن المعلوم كذلك صورة تحاكي الجامع والجهة المشتركة فيما بين الأفراد ، ونكتة امتياز هذا العلم الإجمالي عن التفصيلي أن هذه الصورة مشوبة بالإجمال وغير واضحة بخلاف العلم التفصيلي .
 ومنه يظهر ما في الإشكال حيث يمكن أن يكون مطبق الصورة كل من الانائين في مورد نجاسة الانائين واقعا مع العلم إجمالا بنجاسة احدهما نظير ما لو قلنا بان العلم الإجمالي يتعلق بالجامع حيث يكون المعلوم بإزاء الحيثية المشتركة في كل من الفردين والتي هي بحسب الحقيقة ليست واحدة، وإنما حيثيتان مشتركتان خارجيتان غايته تكون أحداهما معلومة بالإجمال بالعرض، لأن نسبة الكلي الطبيعي إلى أفراده نسبة الآباء المتعددين إلى الأبناء كذلك، لا نسبة الأب الواحد إلى الأبناء المتعددين.
 إن قلت كما عن المحقق الأصفهاني: إن صورة الفرد الذهنية لا يخلو إما أن يكون حدها الشخصي داخلا فيها أو لا، وعلى الأول يعني أن العلم سوف يكون بالصورة الذهنية للفرد مع حدها الشخصي، وهو غير صحيح إذ يلزم انقلاب العلم الإجمالي إلى تفصيلي وعدم بقاء المميز فيما بينهما، وعلى الثاني سوف يكون متعلق العلم الإجمالي هي الصورة الذهنية التي هي بإزاء الجامع إذ لا يقصد منه إلا الصورة المجردة عن خصوصية الحد الشخصي .
 قلت: إن الفرق فيما بين العلمين الإجمالي والتفصيلي حسب مدعى المحقق العراقي إنما نفس العلم لا في المعلوم ، بل المعلوم في كليهما واحد وهي الصورة الذهنية التي هي بإزاء الفرد بحده الشخصي، بفارق أن العلم الإجمالي يكون نفس الإدراك فيه مشوبا وغير واضح، بحيث لا تتضح فيه الخصوصيات، بخلاف العلم التفصيلي حيث تتضح فيه الخصوصيات ولا غموض فيها .
 ثم إن السيد الشهيد (قده) حاول إبراز بيان يجمع فيه بين هذه التفسيرات للعلم الإجمالي وردها إلى نكتة واحدة، كما سوف يأتي والحمد لله رب العالمين.