الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

33/03/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ مباحث القطع

/

حجية العقل/ مناقشة الإخباري

 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
 كان الكلام حول كيفية إثبات واقعية الإحساس بالواقع الموضوعي خارج عالم النفس بمجرد انطباع صورته في الذهن، والبحث عن مطابقة ذاك الانطباع للواقع، وقلنا بأنه يوجد عدة اتجاهات في تفسير ذلك، منها ما ذكره السيد الشهيد في كتابه (الأسس المنطقية للاستقراء) وكان ذلك منه عدولا عن ما ذكره في كتابه (فلسفتنا)
 رأي الشهيد الصدر
 وحاصل ما ذكره في كتابه الأسس المنطقية يرجع إلى أمرين:
 الأول: فيما يتعلق بمدركات العقل النظري، وأن الواقع الخارجي الذي نحسه موجود أم لا؟ وقد بنى نظريته على مبدأ حساب الاحتمالات، وحاصلها: انه لو قارنا ما بين إحساساتنا في عالم الرؤية وبين إحساساتنا في عالم اليقظة فإنها تشتمل على نقطة اشتراك ونقطة امتياز أما الأولى فهي انه لا فرق بين القسمين من الإحساسات من حيث وجدانية الإحساس بها لدى النفس وهذا منبه على عدم بداهة المعرفة الحسية، وأما الثانية فان لها واقع موضوعي خارج الإحساس بها بخلاف الأولى، حيث بحساب الاحتمالات المبني على إعمال قرائن ونكات هي حليفة الإحساسات من النمط الثاني بحيث لا تكون متوفرة في الإحساسات من القسم الأول وإنما هي مجرد إحساسات زائفة سرعان ما تزول بمجرد كفّ الذهن عنها، فليس لها واقع وراء الإحساس بها.
 وبعبارة أخرى: إن حصول اليقين بالواقع الخارجي يتم عبر مبدأ حساب الاحتمالات من خلال إعمال قرائن ونكات بشكل متكرر،كما لو وصلتك رسالة من صديق فحتى يحصل لك اليقين أنها منه تقوم بتجميع القرائن من كيفية الخط وعادته في كتابة الهمزة مثلا وطريقته في استهلال الرسالة ونحو ذلك مما يؤدي إلى حصول اليقين بسبب تراكم الاحتمالات التي تستفاد من كل قرينة من تلك القرائن نعم يبقى احتمال ضئيل أن تكون الرسالة لشخص آخر إلا انه لا يلتفت إليه عند العرف والعقلاء ولا يقدح ذلك في اعتباره علما، وفي مقامنا الصورة الحاصلة أو المنطبعة في الذهن بشكل متكرر من خلال تكرار النظر إلى الكرسي - مثلا يؤدي إلى تراكم الاحتمالات حتى يحصل عندنا يقين بأن هذه الصورة تعكس الواقع.
  والمنطق الأرسطي ملتفت إلى هذه المشكلة أعني كيفية إثبات الواقع الخارجي مع تكرر الخطأ في الحواس إلا انه تغلب على ذلك بما يرجع إلى أن الاتفاق لا يكون دائميا ولا أكثريا حيث إن تمدد الحديد كلما تعرض للحرارة يمكن أن يكون من باب الاتفاق والصدفة النسبية لو لم يتكرر بشكل دائم،ولكن حيث انه دائمي واكثري فلا يكون من باب الاتفاق والصدفة، وكذلك انطباع ذات الصورة لهذه الكرسي كلما وقع نظرك عليها لا يمكن أن يكون من باب الاتفاق والصدفة لأنه لا يكون دائميا ولا اكثريا.
 ويناقش المنطق الأرسطي:بان القياس بقسميه الاقتراني والاستثنائي لا ينتج معرفة جديدة وذلك لأنه أقصى ما يفيد أن ما كنا نعرفه إجمالا علمنا به تفصيلا ،حتى في التجريبيات فهي من باب تطبيق الكبرى على الصغرى والعلم تفصيلا بعد العلم إجمالا ، وان النتيجة مستبطنة ضمن الكبرى .
 الثاني: وهو في إثبات كون المعارف النظرية مضمونة التحقق ، وهذا غير ما تقدم من أن الواقع الخارجي موجود أم لا ، فقد اعتبر المنطق الأرسطي أن المعارف النظرية لا بد من رجوعها إلى المعرفة الأولية البديهية حتى تكون مضمونة التحقق، كما تقدم من انه على مستوى المادة لا بد أن ترجع القضايا النظرية إلى البديهية الأولية وعلى مستوى الهيئة لا بد من رجوع جميع الاقيسة إلى الضرب الأول من الشكل الأول البديهي الضروري الإنتاج ، وكما هو معروف فان القياس مؤلف من حد اصغر وأوسط واكبر ،والقضايا الأوليه هي التي لا واسطة في ثبوت المحمول للموضوع
 وفيه:لا ملازمة بين كون المعرفة أولية وكونها مضمونة التحقق،ويشهد لذلك وقوع الخطأ في الأمور المحسوسة الوجدانية الأولية فكيف بالقضايا الأولية غير الوجدانية ،
 وهنا لا بأس بان نشير إلى برهان التطبيق حيث كانوا يستدلون به على بطلان التسلسل، وحاصله : أن يؤخذ قطعة من سلسلة العلل وقطعة من سلسلة المعلولات وحينئذ لا يخلو إما أن يتطابقا أو لا ،فعلى الأول لزم مساواة الكل للجزء وهو باطل لأن الكل أعظم من الجزء وعلى الثاني يلزم انقطاع السلسلة ، وتناهي احدهما على الأقل ، وقد كان هذا برهانهم على بطلان التسلسل فترة طويلة اعتمادا على بديهية أن الكل أعظم من الجزء.
 وفيه:صحيح أن مبدأ الكل أعظم من الجزء هو بديهي وضروري ولكن الخطأ في تطبيقه على المورد لأنه في السلسلة غير المتناهية لا يعقل فيها حديث الكل والجزء ،ولذا هجر هذا البرهان ولا نجد أحدا يستدل به.
 والحمد لله رب العالمين .