الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

33/02/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 
 الأصول/ مباحث القطع

/

حجية العقل/ مناقشة الإخباري

 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
 انتهى الكلام إلى الأمر الثاني الذي يصلح أن يكون دليلا للإخباري وهو دعوى التلازم بين كثرة الخطأ في المقدمات وعدم حصول اليقين .
 وقلنا بأنه يرد نقض وحل :
 أما النقض فحاصله: إن دعوى أن كثرة وقوع الخطأ يمنع عن تشكل اليقين بالمعرفة هي بحد ذاتها قضية عقلية فيكون لها حكم سائر القضايا العقلية، ومن جهة أخرى فإن عدم حصول اليقين بمعنى انه شاك، فان هذا مربوط بالإخباري بالخصوص، ولا ينبغي تعميم ذلك إلى غير الإخباري ممن يحصل له اليقين .
  أما الحل: فان عدم حصول اليقين بقضية نتيجة العلم بخطأ قضية أخرى يكون في إحدى حالات:
 الأولى:أن يكون بين القضيتين تلازم موضوعي ومع بطلان اللازم يبطل الملزوم ،وهذا الاحتمال لا يحمل عليه كلام الإخباري.
 الثانية:أن تكون إحدى القضيتين دخيلة في تكوين الدليل على صدق القضية الثانية بحيث إذا بطلت القضية الأولى فقدنا الدليل على صدق القضية الثانية، وبالتالي سوف لا يتشكل لنا اليقين بالقضية الثانية من قبيل البرهان على العقول العشرة المبني على افتراض أن العالم له سبعة أفلاك متغايرة سنخا وذاتا فلابد أن تكون هذه الأفلاك متغايرة علة ومتكثرة ،لان الواحد لا يصدر منه إلا الواحد، وبما انه ثبت بطلان قضية الأفلاك السبعة زال البرهان على وجود العقول العشرة، ولا يحمل كلام الإخباري على هذا الاحتمال أيضا.
 نعم قضية الواحد لا يصدر منه إلا الواحد تامة ولو في خصوص الفاعل غير الاختياري لأنه في الفاعل المختار الحاكم هو مبدأ السلطنة .
 الثالث:أن يكون المراد أمرا نفسيا وذاتيا، بحيث يكون زوال اليقين نتيجة حصول مانع عقلي ذاتي لدى الإنسان حيث إنه بعد تكرار وقوع الخطأ منه بكثرة ينتهي إلى عدم حصول اليقين له أصلا وهذا أمر نفساني ذاتي لا يمكن تعميمه بل هو خاص بالإخباري.
 والحاصل: محل كلام الإخباري ليس الأولى ولا الثانية،
 أما الأولى فواضح إذ لو كان ثمة دليل عقلي يستلزم الباطل فهو باطل،
 وأما الثانية: فلأن الاستدلال قائم عند المستدل على الوجدان العقلي الذي يقطع من خلال تطبيقه، وسوف لن يتأثر بخطأ قد حصل لدى مستدل آخر بدليل العقل .
 نعم يحمل كلامه على الثالثة وهو أمر نفساني تكون الممارسة والتطبيق هي الدليل على النفي أو الإثبات ومن الواضح أن الاستدلالات العقلية لدى البشر لا تقف عند مجرد حصول الخطأ في استدلالاتهم واستنتاجاتهم العقلية طالما أن الدليل العقلي المطبق من قبلهم يشكل اليقين في النتائج المرجوة.
 هذا كله فيما لو كان المراد اليقين الاصولي .
 وأما إذا كان المراد اليقين المنطقي والذي فسرناه بأنه الذي يشترط فيه الإصابة و المطابقة مع الواقع، فلو ادعى الإخباري عدم حجية دليل العقل من باب عدم تحقق موضوعه ، وعليه فتصبح دعوى الإخباري أن كثرة الخطأ في المقدمات لا تنتج يقينا بهذا المعنى.
 ففيه: إن ثبوت هذا المعنى غير ضائر لان موضوع الحجية هو اليقين لدى الاصولي لا المنطقي، فإن انتفاء اليقين المنطقي مع وجود اليقين الأصولي لا يشكل محذورا بالنسبة للأصولي.
 نقاش آخر مع الإخباري
 وقد ناقش الأصوليون كلام المحدث الاسترآبادي أيضا: بان منشأ الخطأ في القضايا العقلية البحتية إنما حصل نتيجة عدم مراعاة علم المنطق الذي يعصم التفكير عن الخطأ في الممارسة والتطبيق فلا بد من مراعاة تلك القواعد حتى تكون النتائج المرجوة من الاستدلال بمقدمات عقلية يقينية ومطابقة للواقع.
 وبعبارة أخرى: انه لا ينبغي التشكيك بحصول اليقين إذا تمت المقدمات العقلية، لأن المقدمات تتألف من مادة وهيئة،وحصول الخطأ لا يخلو إما في المادة، فالمادة بحسب الفرض هي أولية بديهية ، وإما في الهيئة، فعلم المنطق بمراعاته هو الذي يعصم الفكر عن الخطأ في التطبيق، والإخباري يعتقد صحة القواعد المنطقية كما هو واضح.
 وقد أشكل عليهم الإخباري: بان علم المنطق إنما يعصم من ناحية الهيئة والصورة لا مادة القضية التي تدخل في صناعة تلك الاقيسة، ولا نسلم بان المادة تكون بديهية دائما فقد تكون نظرية تحتاج إلى إعمال فكر ومن هنا يتسرب لها الخطأ.
 والحمد لله رب العالمين.