الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

33/02/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ مباحث القطع/ الموافقة الالتزامية /حجية العقل/ مناقشة الإخباريين
 الكلام في المقام الثاني وهو البحث في إفادة الدليل العقلي لليقين ، وقد ذكرنا ما أفاده المحدث الاسترآبادي والآن نشرع في نقاشه ، والكلام تارة في مدركات العقل النظري وأخرى في مدركات العقل العملي .
 أما الأول: فالكلام في المراد من اليقين، فان له معنيين:
  1. اليقين الأصولي: وهو الجزم الذي لا يحتمل الشك سواء طابق الواقع أو لم يطابق.
  2. اليقين المنطقي: وهو الجزم المطابق للواقع.
 ولا يخلو حينما أنكر الإخباري استكشاف الحكم الشرعي من دليل العقل ، إما انه ينكر اليقين الأصولي أو المنطقي ، وعلى الأول يكون مراد الإخباري أنه سوف لا تكون الأدلة العقلية حجة يستكشف من خلالها الحكم الشرعي ، فمع عدم توريث الدليل العقلي اليقين المطلق سوف لا يكون الدليل العقلي حجة في المقام .
 وقد يشكل على ذلك:
  تارة: بأنه إذا لم يورّث الدليل العقلي اليقين بالحكم الشرعي حتى يكون حجة في إثباته ، وبالتالي انحصار مصدر الحكم الشرعي بالدليل النقلي ، فالسؤال انه كيف نثبت أصل وجود الشارع ؟ وكيف نثبت أصول الدين ؟
 وأخرى: بان الإخباري حينما يمارس الاستدلال الفقهي فهو يعتمد على أدلة يكثر فيها الخطأ شأنها في ذلك شأن الدليل العقلي ، فلماذا عوّلوا عليها في مقام الاستدلال الفقهي ؟ دون العمل بالدليل العقلي .
 ويمكن للإخباري أن يجيب:
 أما عن الثاني: فان الاستدلالات الفقهية ترتكز على قضية الظهور والسند وغير ذلك من القضايا العرفية التي لا تحتاج إلى إقامة البرهان، ولذا تكون نسبة الخطأ فيها محدودة بخلاف نسبته في الأدلة العقلية النظرية .
 وأما الأول فجوابه: أن مدعى الإخباري ليس إسقاط دليلية العقل وكاشفيته مطلقا، وإنما اسقطوا عن الاستدلال الأدلة العقلية النظرية القبلية غير المستندة إلى الحس والتجربة، إذ لا يحتاج مثل تلك الأدلة في الاستدلالات الفقهية وان كان يمكن الاستدلال بها.
 وما يبرر دعوى الإخباري دليلان:
 الدليل الأول: انه بعد العلم بوقوع الخطأ في القضايا البرهانية العقلية بنحو كثير ،سوف يكون احتمال صحة كل واحدة من تلك القضايا بمقدار يقابل نسبة المقدار المعلوم خطئها من تلك القضايا إلى مجموعها وهذا يعني زوال اليقين بتلك القضايا.
 الدليل الثاني: انه بعد العلم بوقوع الخطأ في القضايا البرهانية العقلية كثيرا فسوف لا يحصل للإنسان الذي يتكون لديه الدليل العقلي اليقين بالحكم الشرعي.
 هذان الأمران استدل بهما الإخباري وستأتي مناقشتهما والحمد لله رب العالمين .